بيروت: دخلت قوات سوريا الديموقراطية الاثنين مدينة الطبقة التي تحاصرها منذ أكثر من اسبوعين في اطار حملة عسكرية واسعة تخوضها منذ اشهر لطرد "الجهاديين" من الرقة، معقلهم الابرز في سوريا.

وتحظى مدينة الطبقة، التي يسيطر عليها تنظيم داعش منذ العام 2014 بأهمية استراتيجية مزدوجة، باعتبار انها تفتح طريق قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن الى الرقة، معقل "الجهاديين" في سوريا، وتضم سداً مائياً هو الاكبر في البلاد.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية، "دخلت الاثنين لأول مرة الى مدينة الطبقة التي تحاصرها من الجهات كافة، وتمكنت من السيطرة على نقاط عدة في القسم الجنوبي ومن التقدم في اطرافها الغربية".

تترافق المعارك العنيفة داخل المدينة مع غارات كثيفة للتحالف الدولي بقيادة اميركية على مواقع التنظيم على أطراف المدينة. ويدعم التحالف بالغارات والمستشارين قوات سوريا الديموقراطية في عملياتها العسكرية.

وتسببت احدى غارات التحالف الاثنين وفق عبد الرحمن "بمقتل 11 مدنيا من عائلة واحدة، هم سبعة اطفال تتراوح أعمارهم بين ستة اشهر و15 عاماً واربع سيدات، بعد استهداف حافلة صغيرة كانوا على متنها لدى محاولتهم الفرار من الجهة الجنوبية الغربية للمدينة".

وأكدت قوات سوريا الديموقراطية على موقعها الالكتروني تقدمها في الجبهات "الغربية والشمالية الغربية والجنوبية" في الطبقة، مشيرة الى سيطرتها على مستديرة ونقاط عدة في غرب المدينة "وتحريرها قسم من حي الوهب في الجبهة الجنوبية". وتقع الطبقة على الضفاف الجنوبية لنهر الفرات على بعد نحو 50 كيلومترا غرب مدينة الرقة. 

وبدأت معركة الطبقة في 22 مارس بانزال بري لقوات اميركية يرافقها عناصر من قوات سوريا الديموقراطية جنوب نهر الفرات. 
وتمكنت هذه القوات من السيطرة على مطار الطبقة العسكري في جنوب المدينة قبل ان تطوق المدينة بشكل كامل في السابع من ابريل.

بدء "المعركة الحقيقية"
وتندرج السيطرة على مدينة الطبقة في إطار حملة "غضب الفرات" التي بدأتها قوات سوريا الديموقراطية، بدعم من التحالف الدولي في نوفمبر لطرد "الجهاديين" من الرقة معقلهم الابرز في سوريا.

ومع دخول هذه القوات الى الطبقة، يعتبر عبد الرحمن ان "المعركة الحقيقية ستبدأ الان" موضحاً ان مدة "المعركة تتوقف على مدى صمود مقاتلي تنظيم داعش في المدينة" باعتبار انه "لا امكانية لانسحابهم من المدينة المحاصرة من الجهات كافة". واضاف "ليس امام مقاتلي التنظيم الا الاستسلام او القتال حتى النهاية".

وبحسب المرصد، اعتمد التنظيم منذ حصار المدينة على ارسال انتحاريين ومفخخات الى مواقع قوات سوريا الديموقراطية في محاولة لاعاقة تقدمهم، وهو الاسلوب الذي يعتمده في كل الجبهات التي يفقد سيطرته عليها. وبحسب مجموعة عمل اقتصاد سوريا، وهي مركز استشاري مقره دبي، يقيم حاليا في مدينة الطبقة 75 الف نسمة، يضاف اليهم عشرة الاف من الجهاديين وعائلاتهم.

وكان عدد سكان المدينة يقدر بـ250 الف شخص قبل اندلاع النزاع السوري في العام 2011. واضافة الى مدينة الطبقة، تسعى قوات سوريا الديموقراطية الى السيطرة على سد الطبقة المحاذي لها من الجهة الشمالية، ويعد اكبر سدود سوريا. وتعتمد المحافظات الواقعة في شمال وشرق سوريا بشكل رئيس عليه لتأمين مياه الشفة لملايين المدنيين وري مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية.

هدنة خان شيخون
على جبهة اخرى في محافظة ادلب (شمال غرب)، أفاد المرصد السوري الاثنين عن مقتل "سبعة مدنيين بينهم طفل جراء قصف نفذته طائرات حربية لم يعرف اذا كانت سورية ام روسية على سوق في مدينة خان شيخون".

ياتي القصف الاثنين بعد نحو ثلاثة اسابيع من هجوم كيميائي على المدينة تسبب بمقتل 88 شخصا، بينهم 31 طفلا، وفق حصيلة للمرصد. واتهمت واشنطن وعواصم غربية عدة قوات النظام السوري بتنفيذ الهجوم، الامر الذي نفته دمشق بالمطلق، مؤكدة مع حليفتها موسكو، ان الطيران السوري قصف مستودع اسلحة لمقاتلي المعارضة كان يحوي مواد كيميائية.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان الاثنين ان "سوريا مستعدة لاعلان تجميد كامل لاعمال قواتها المسلحة وطيرانها ومدفعيتها في هذه المنطقة بهدف ضمان أمن بعثة خبراء في خان شيخون" التي تسيطر عليها فصائل اسلامية ومقاتلة.

وردا على الهجوم، نفذ الجيش الاميركي بعد ايام ضربة صاروخية على قاعدة الشعيرات الجوية التابعة للجيش السوري في حمص (وسط). وقالت موسكو الاثنين ان "زملاءنا السوريين أكدوا أيضا رغبتهم في ضمان الظروف الامنية اللازمة لعمل بعثة خبراء خاصة في قاعدة الشعيرات".

وعبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين عن أمله في ان ترسل منظمة حظر الاسلحة الكيميائية "اخصائييها الى خان شيخون والقاعدة الجوية وان يكون كل شيء شفافا" وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الاوروبية فيديريكا موغيريني.

في غضون ذلك، فرضت الولايات المتحدة "عقوبات" على مسؤولين في الحكومة السورية ردا على هجوم خان شيخون. وأمرت الوزارة بتجميد جميع الاصول في الولايات المتحدة التي تعود إلى 271 موظفا في مركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا وحظرت على أي فرد أو شركة اميركية التعامل مع هؤلاء الموظفين.

وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين ان "هذه العقوبات الواسعة تستهدف مركزا قدم الدعم العلمي للهجوم الفظيع بالاسلحة الكيميائية الذي شنه الدكتاتور بشار الاسد على المدنيين الابرياء من رجال ونساء واطفال".