الدوحة: تركت قطر لرعايا الدول الخليجية المقاطعة لها حرية البقاء على اراضيها في محاولة للتخفيف من حدة الازمة التي دخلت ايران على خطها الاحد مع اعلانها ارسال طائرات محملة بالغذاء الى الدوحة، في تحدّ لمحاولة عزل الإمارة الغنية بالغاز.
من جهتها، اعلنت الكويت الاحد انها ستواصل مساعيها لحل الازمة بين قطر والمملكة العربية السعودية وحلفائها "في نطاق البيت الخليجي"، مؤكدة ان الدوحة باتت مستعدة للتجاوب مع مساعي حل الخلاف و"تفهم هواجس" الدول المقاطعة لها.
وقال وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح في تصريح نقلته وكالة الانباء الرسمية ان الكويت "لن تتخلى عن مساعيها وستواصل جهودها الخيرة في سبيل رأب الصدع وإيجاد حل يحقق المعالجة الجذرية لأسباب الخلاف والتوتر في العلاقات الأخوية"، مشددا على "حتمية حل هذا الخلاف في الإطار الخليجي وفي نطاق البيت الخليجي الواحد وبالحوار".
واكد "استعداد الأشقاء في قطر لتفهم حقيقة هواجس ومشاغل أشقائهم والتجاوب مع المساعي السامية تعزيزا للأمن والاستقرار".
والاحد، نقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية ان وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون اتصل بولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
وكانت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والبحرين قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر الاثنين، واتخذت اجراءات عقابية بحقها بينها الطلب من الرعايا القطريين مغادرة اراضيها خلال اسبوعين. وتتهم هذه الدول ودول اخرى بينها مصر قطعت بدورها علاقاتها مع قطر، الامارة الخليجية الصغيرة بدعم الارهاب، وهو ما تنفيه الدوحة.
وبحسب السلطات القطرية، يعيش نحو 11 الف مواطن سعودي واماراتي وبحريني في الامارة. وتحذر منظمة العفو الدولية من ان اجراءات طرد الرعايا القطريين من الدول الخليجية الثلاث بدات تتسبب بتفكك اسر خليجية.
وقالت وزارة الداخلية القطرية في بيان الاحد ان دولة قطر "لم تتخذ اي اجراءات بشأن المقيمين على أرضها من رعايا الدول الشقيقة والصديقة التي قامت بقطع العلاقات الدبلوماسية أو تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع دولة قطر على أثر الحملات المغرضة والعدائية ضد دولة قطر".
اضافت أن "لرعايا هذه الدول الحرية الكاملة في البقاء على أرض دولة قطر وفقا للقوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة في إطار عقود العمل المبرمة معهم وموافقة دولهم أو بناءً على تأشيرة الدخول الممنوحة لهم".
جاء القرار القطري بعدما اعلنت المملكة السعودية ودولة الامارات والبحرين عن "مراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة السعودية القطرية" في قرار طرد الرعايا القطريين. واعتبرت الدول الثلاث في بيانات منفصلة ان الخطوة تاتي تقديرا للشعب القطري الذي يشكل "امتدادا طبيعيًا وأصيلًا لإخوانه" الخليجيين. وخصصت وزارات الداخلية في الدول الثلاث ارقاما هاتفية "لتلقي تفاصيل هذه الحالات واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها".
طائرات ايرانية
بدأت الازمة بين قطر والسعودية وحلفائها في مايو عندما أعلنت الدوحة أنها تعرّضت لقرصنة أدت الى نشر تصريحات نسبت الى أميرها الشيخ تميم بن حمد ال ثاني على وكالة الانباء القطرية الرسمية. وتضمنت التصريحات انتقادات للسعودية ودول الخليج بسبب موقفها من ايران، الخصم اللدود للرياض في الشرق الاوسط.
ورغم النفي القطري لان تكون التصريحات صادرة من الامير، مضت دول الخليج في قطع العلاقات معها، واتخذت اجراءات اقتصادية بينها اغلاق المجالات الجوية والبحرية والبرية امامها، ومنع الرحلات منها واليها، في محاولة لفرض عزلة عليها.
والاحد تحدت ايران الاجراءات العقابية بحق الدوحة واعلنت ارسال طائرات محملة بالغذاء الى الدوحة التي سبقت ان اكدت انها قادرة على الصمود في مواجهة محاولات محاصرتها "الى ما لا نهاية".
وقال المتحدث باسم شركة الطيران الايرانية شاهرخ نوش آبادي "حتى الآن ارسلت خمس طائرات تنقل كل منها حوالى تسعين طنا من المنتجات الغذائية والخضار الى قطر"، موضحا ان "طائرة سادسة ستقلع اليوم" الاحد. اضاف "سنواصل عمليات الارسال هذه طوال طلب قطر لذلك"، بدون ان يوضح ما اذا كانت هذه الشحنات مساعدات او صفقة تجارية.
من جهة اخرى، قال محمد مهدي بنشري مدير مرفأ دير في جنوب ايران ان "350 طنا من المواد الغذائية تم تحميلها ايضا على ثلاث سفن صغيرة". ويقع مرفأ دير في محافظة بوشهر الواقعة مقابل قطر تماما.
بعيد قطع العلاقات مع قطر، تشكّلت طوابير طويلة أمام المتاجر لتخزين المواد الأساسية خشية نقصانها في الأسواق مع اغلاق الحدود البرية مع السعودية، المعبر الرئيس لواردات الغذاء القطرية. وتؤكد سلطات الدوحة ان مخزونها الاستراتيجي من الغذاء يكفيها لنحو عام.
قبل نهاية رمضان
وتخشى دول كبرى من تفاقم الازمة الدبلوماسية الاكبر في المنطقة بين دول الخليج وقطر التي تضم اكبر قاعدة جوية اميركية في الشرق الاوسط، يعيش فيها نحو عشرة الاف جندي اميركي وتعتبر منطلقا رئيسا للعمليات ضد تنظيم داعش المتطرف في العراق وسوريا.
وعرضت موسكو السبت خلال زيارة لوزير الخارجي القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التوسط لحل الازمة، واجرى وزير خارجيتها سيرغي لافروف محادثات بشأنها مع نظيره الاميركي ريكس تيلرسون.
وكان تيلرسون ناشد الجمعة السعودية وحلفاءها تخفيف الحصار الذي فرضته على قطر، فيما اتهم الرئيس الاميركي دونالد ترمب الدوحة يتمويل الارهاب، وقال ان عليها "ان توقف هذا التمويل وفكره المتطرف". وفي انقرة، دعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حليفته قطر وجيرانها الى حل الازمة الدبلوماسية غير المسبوقة التي يشهدها الخليج قبل نهاية شهر رمضان.
وخلال محادثات اجراها مع وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، شدد اردوغان "على وجوب حل هذه المشكلة (...) قبل نهاية شهر رمضان"، وفق ما اعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو. وينتهي شهر رمضان بحدود 25 يونيو.
وتقيم تركيا علاقات مميزة مع قطر، إلا أنها تسعى أيضا الى تطوير علاقتها مع السعودية. ووافق برلمان تركيا الاربعاء على نشر قوات في قاعدة عسكرية تركية في قطر. واوضح تشاوش اوغلو السبت ان "هذه الموافقة لا تستهدف اي بلد في الخليج"، موضحا ان الهدف من هذه القاعدة "هو المشاركة في الامن والاستقرار في الخليج في مجمله".
التعليقات