ارتفعت وتيرة جرائم الكراهية في الولايات المتحدة منذ انتخاب ترمب رئيسًا، حسب ما كشفته شرطة نيويورك. وتتفشى في البلاد ظاهرة الاعتداءات المسكوت عنها خوفًا من ترحيل السلطات لضحايا التعدي من اللاجئين مع تشديد الخناق عليهم.

إيلاف من واشنطن: كشف تقرير حكومي أميركي أنَّ أكثر من نصف جرائم الكراهية التي تعرّض لها سكان الولايات المتحدة على مدار 12 عامًا ماضية، لم يتم إبلاغ الشرطة بها.

طي الكتمان
وذكر "تقرير جرائم الكراهية"، الصادر من مكتب إحصاءات وزارة العدل الأميركية، أنَّه خلال 2004 و2015، لم يتم إبلاغ الشرطة عن أكثر من نصف عدد جرائم الكراهية التي وقعت خلال تلك الفترة، والتي قدرت بنحو 250 ألف جريمة سنويًّا.

قال بريان ليفين، مدير مركز الكراهية والتطرف في ولاية كاليفورينا، إنَّ العديد من الضحايا لا يبلغون عن جرائم الكراهية لأسباب شخصية أو مؤسسية. ويخشى المدافعون عن ضحايا جرائم الكراهية أن تزداد المشكلة سوءًا، مع زيادة نفوذ إدارة ترمب، وإنفاذ عدد من القوانين المقيدة لأنظمة الهجرة.

تجدر الإشارة إلى أنَّ جرائم الكراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة تزايدت خلال 2015 و2016، بنحو ستة أضعاف مقارنة بالأعوام السابقة، وفق دراسة لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية.

تصريحات ترمب
شهدت السنوات الثلاث الماضية زيادة غير مسبوقة في حوادث الكراهية والعنصرية التي وقعت ضد المسلمين، حيث أعلن المجلس الإسلامي الأميركي عن تلقيه أكثر من ثلاثة آلاف بلاغ عنصري على مدار السنوات الثلاث الماضية، خاصة منذ بدء الحملة الرئاسية الأميركية، وبعد تصريحات كانت تدعو إلى ترحيل المسلمين، ومنع تدفق اللاجئين إلى أميركا، لتكون تلك التصريحات لافتات يرفعها مؤيدوه للمطالبة بطرد المسلمين، ورفع شعارات مناهضة للإسلام، ووصم المسلمين الأميركيين بـ"الإرهابيين"، لتنتقل تلك الوقائع إلى ما شهده عدد من المراكز الإسلامية التي تلقت عشرات التهديدات والعمليات العدائية منذ ترشيح ترمب وإلى الآن. 

دلائل غير كافية
يقول كريستوفر كيلينغ، المحامي المتخصص في جرائم الكراهية إن "هناك فارقًا بين ما يمكن تسميتها واقعة أو حادثة عنصرية وما يطلق عليها جرائم، فالجرائم تتطلب وقوع ضرر فعلي ومباشر، سواء ضد شخص أو منشأة أو كيان معيّن، ويشترط لاعتبارها جريمة كراهية أن تحمل في طياتها أعمالًا عدائية، بهدف التمييز العنصري، وتكون مصاحبة إما بتهديدات مسبقة، أو بترك آثار بقصد التمييز على الاختلاف العرقي والديني وغيرها من أشكال التمييز كافة. 

أضاف كيلينغ في تصريحات لــ"إيلاف" أنه لا يمكن الربط المباشر بين تصريحات ترمب وزيادة تلك الوقائع، فهذا الربط غير كافٍ من الناحية القانونية لاعتماده كتفسير لزيادة معدل الجرائم، بينما ترجع تلك الزيادة إلى ارتفاع الشكاوى والبلاغات التي تقدم إلى السلطات الأمنية مقارنة بالأعوام الماضية؛ لذلك سجلت ولاية كاليفورنيا على سبيل المثال زيادة بـ909 جرائم كراهية عن العام الماضي، أي بنسبة 11.2%، ومن المعروف أن كاليفورنيا من أكبر المناطق التي تشهد مثل تلك الجرائم، سواء ضد المسلمين أو ضد الأفارقة وأصحاب البشرة السمراء والمهاجرين بشكل عام.

اعتداءات صامتة 
تُفسِّر أنجيلا هارت، الكاتبة المتخصصة في شؤون الأقليات والتمييز العنصري، لــ"إيلاف"، ظاهرة عدم إبلاغ الشرطة عن تلك الجرائم بـ"التخوف من تفاقم نتائج ذلك على أصحابها، خاصة أن اللجوء إلى السلطات قد يعني التدقيق في أوراق الهجرة ومراجعتها، وكثيرون ممن يتعرّضون لتلك الوقائع يخافون التورط في أي قضايا مماثلة أمام السُلطات، حتى لا يؤثر ذلك على ملفاتهم وأوراقهم في ظل الاتجاهات المقيدة لأوضاع المهاجرين التي يتم اعتمادها أخيرًا. 

تضيف: "لكن يبقى الخوف الأكبر حسب اعتقادهم أن تكون تطورات الإبلاغ عن تلك القضايا في غير مصلحتهم، كما يجب مراعاة أن حجم ودرجة تلك الاعتداءات التي لا يتم الإبلاغ عنها لا تكون في غالبيتها ذات خطورة عالية، كما ذكر تقرير وزارة العدل، وتكون في مجملها محل مضايقات واعتداءات لفظية ولافتات مُسيئة، وتلك هي النسبة الأكبر، بينما تجد تلك النسب تقلّ في ما يتعلق بالحوادث التي يكون فيها عنف وإيذاء واضحان".

جهود "كير"
يقول ربيع فارس، مبرمج متطوع في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) إنه "نتيجة زيادة البلاغات عن جرائم الكراهية التي يتعرّض لها المسلمون هنا، حاول المركز أن يكثف من اهتمامه بتلقي تلك الشكاوى عبر طرحه تطبيقًا للهواتف الذكية يتيح لأي مسلم يتعرّض لاعتداء ما أن يقوم بالإبلاغ عنه، وهو إجراء يقوم بدوره في رصد وتسجيل تلك الوقائع التي ارتفعت بوتيرة هائلة في الفترة الماضية. 

يقوم التطبيق - حسب فارس - بوظيفتين: الأولى الإبلاغ العاجل عن تلك الوقائع لتحرّي الدقة والتواصل مع السلطات المسؤولة، والأخرى مهمة الرصد والتدقيق والإحصاء العددي، التي تساعد على تقديم البيانات السنوية التي يقوم بإصدارها المركز كل عام.