مثل نحو 500 شخص أمام القضاء التركي الثلاثاء في إطار أكبر محاكمة لأشخاص اعتقلوا خلال عمليات الدهم التي تلت محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016، بتهمة التآمر للإطاحة بالحكومة.

إيلاف - متابعة: وجِّهت هذه التهمة إلى 486 شخصًا في المجموع، وكل المشتبه بهم تقريبًا (461) هم قيد الاحتجاز، في حين أن سبعة منهم هاربون، والباقون لم يتم توقيفهم، رغم التهم الموجّهة إليهم.

وأمام كاميرات التلفزيون والحشود في الخارج، مشى بعض الموقوفين في خط طويل وصولًا إلى مقر المحكمة خارج أنقرة، ورافق عنصران من الحرس التركي كلًا منهم، إضافة إلى جندي مسلح. وطالب بعض المحتشدين في الخارج بالحكم عليهم بالإعدام، مع العلم أن هذه العقوبة ألغيت في تركيا العام 2004.

وردّد بعضهم أن "الشهداء لا يموتون، والأمة لا تنقسم"، ورشق آخرون زجاجات مياه على المتهمين، بحسب مراسل وكالة فرانس برس. 

أوامر بقصف البرلمان
المشتبه بهم متهمون بإدارة الانقلاب من قاعدة أكينجي الجوية في شمال غرب العاصمة، التي تعتبرها السلطات المقر الذي أصدر منه المخططون الأوامر للطيارين بقصف البرلمان. وتتراوح التهم الموجّهة إليهم بين ارتكاب جرائم وانتهاك الدستور إلى محاولة قتل الرئيس رجب طيب إردوغان. ويواجهون عقوبة السجن مدى الحياة في حال إدانتهم. 

المشتبه به الرئيس الذي يحاكم غيابيًا هو الداعية الإسلامي فتح الله غولن، المتهم بأنه العقل المدبر للانقلاب، وهو ما ينفيه بشدة من الولايات المتحدة، حيث يقيم. وبين الموقوفين قائد القوات الجوية السابق أكين أوزتورك، الذي يحاكم مثل عدد من المشتبه بهم في قضية أخرى تتعلق بمحاولة الانقلاب. 

تضم لائحة المتهمين الرئيسين كذلك الأستاذ المحاضر في الفقه عادل أوكسوز، الذي تتهمه السلطات بأنه "إمام" التخطيط وتنسيق التحرك على الأرض مع غولن. أما رجل الأعمال كمال باتماز، فهو متهم بمعاونة أوكسوز. اعتقل أوكسوز عقب فشل الانقلاب قبل أن يفرج عنه ويفر، فيما يقبع باتماز في سجن سنجان خارج أنقرة. تقدم باتماز موكب المتهمين المتجهين إلى المحكمة وتلاه أكين أوزتورك. 

ليلة المحاولة الانقلابية، احتجز رئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار مع غيره من كبار قادة الجيش رهائن في القاعدة الجوية قبل أن يخلى سبيلهم صباح 16 يوليو. وينظر إلى القاعدة على أنها كانت مقر المحاولة الانقلابية، حيث صدرت الأوامر لطائرات من طراز "إف-16" بقصف البرلمان ثلاث مرات، وحلقت فوق العاصمة. 

إجراءات أمنية مشددة 
يمثل المشتبه فيهم في أكبر قاعة محكمة تركية أقيمت خصيصًا داخل مجمع للسجون في سنجان، وتتسع لـ1558 شخصًا. وأعلن نائب رئيس حزب التنمية والعدالة الحاكم حياتي يازجي للصحافيين أن الحزب قدم طلبًا ليصبح خصمًا مشتركًا في المحاكمة. وقال يازجي "بالتأكيد سيتلقى الانقلابيون العقوبة التي يستحقونها".

وأفاد الإعلام التركي أن إردوغان وأكار، وحزب الشعب الجمهوري المعارض قدموا طلبات مماثلة ليصبحوا خصومًا في المحاكمة.
وسبق أن شهدت القاعة محاكمات جماعية على صلة بمحاولة الانقلاب، إحداها بدأت في فبراير، وشملت 330 مشتبهًا بهم اتهموا بالقتل ومحاولة القتل.

وفي مايو، بدأت محاكمة 221 مشتبهًا بهم متهمين "بتزعم العصابة" المشاركة في الانقلاب الفاشل. وأدت محاولة الانقلاب إلى مقتل 249 شخصًا بحسب الرئاسة التركية، ولا يشمل ذلك 24 مشاركًا فيها قتلوا في الليلة نفسها.

وأفادت وكالة الأناضول أن المحاكمة أحيطت بإجراءات أمنية مشددة، إذ تولى 1130 عنصر أمن تأمين المحكمة ومحيطها، إضافة إلى انتشار قناصة وعربات مدرعة واستخدام طائرة مسيرة.

تندرج المحاكمة ضمن سلسلة من المحاكمات التي عقدت في انحاء تركيا لمحاسبة المتهمين بالمشاركة في الانقلاب الفاشل، وهي تشمل أكبر عدد من المتهمين في تاريخ تركيا الحديث. وتم اعتقال أكثر من 50 ألف شخص متهمين بالارتباط بغولن في حملات أمنية شنتها السلطات في أنحاء البلاد في ظل حالة الطوارئ التي فرضت بعد المحاولة الانقلابية.