حدد رئيس التحالف الشيعي العراقي عمّار الحكيم اليوم ثلاثة خيارات لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة تتراوح بين حكومة غالبية الشراكة الوطنية وبين ذهاب قوى سياسية إلى المعارضة رافضًا بشدة العقوبات الأميركية على إيران لتأثيراتها السلبية على العراق.

إيلاف: حدد الحكيم، وهو رئيس تيار الحكمة، إحدى القوى الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حدد ثلاثة خيارات لتشكيل الحكومة المقبلة، موضحًا في خطبة عيد الأضحى في بغداد الأربعاء أن الأيام الأخيرة "شهدت حراكًا للقوى السياسية في تشكيل نواة الكتلة الأكبر لتحالف الغالبية الوطنية، سيما بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات ودعوة المرجعية الشيعية العليا إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، في إشارة إلى إعلان تياره وتحالفات "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر والنصر بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي والوطنية بقيادة نائب رئيس الجمهورية أياد علاوي الأحد الماضي تشكيل نواة الكتلة البرلمانية الأكبر.&

الإسراع في تشكيل الحكومة
شدد الحكيم على ضرورة تشكيل الحكومة المقبلة من خلال دعوة الرئيس فؤاد معصوم إلى عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب، ومنح الفرصة للكتلة الأكبر في هذا التشكيل، وفق ما نص عليه الدستور من شروط وأسقف زمنية. وحذر من أن التأخير في ذلك يعني مزيدًا من التعطيل، وهو ما لا ينسجم مع ضرورات المرحلة الراهنة.. منوهًا بأن "هناك الكثير من القضايا التي تتطلب حضور الإرادة الشعبية المتمثلة في البرلمان الجديد وأخذ دورها الحقيقي في حماية مصالح وأمن هذا البلد ومواطنيه".

ودعا إلى ترك الشخصنة السياسية وإبعادها عن أجواء تشكيل الحكومة، قائلًا "ليس من الصحيح أن ننشغل بمواقف شخصية تجاه هذا أو ذاك.. في ظل ظروف معقدة ومربكة، قد تطيح كل ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية، وتعرّض البلد لمزيد من المخاطر والتحديات".

خطورة العودة إلى الاصطفاف الطائفي والقومي
وطالب قادة الأحزاب والقوى والتيارات السياسية إلى وضع مصلحة العراق وأمن شعبه ومصالحه فوق كل اعتبار. وأشار إلى أنه &لا يمكن تجنيب العراق تبعات التحديات الإقليمية والأزمات الدولية التي تعصف بالمنطقة، إلا من خلال سياسة وطنية جريئة تحمي الوطن من سياسة الصراع بالوكالة، وهو ما لا يمكن أن يحصل من دون استقرار سياسي ووعي وطني ينظر إلى الأزمات من منظور المصالح الوطنية العليا للعراق.

وحذر الحكيم من أنَّ "إعادة مسلسل الاصطفاف المذهبي والقومي، وتحالفات المصالح الإقليمية والدولية المتقاطعة في الشأن العراقي، ستحول&العراق إلى المربع الأول الذي تسبب في سخط واستياء الشعب اليوم، كما ستساهم بشكل أو بآخر في تفاقم الصراعات في المنطقة أيضًا".

وأكد أن "هذه المعادلة لن تنتج حكومة خدمة، ولن تنتج حلًا لما تعانيه البلاد من تخبط حاد في ترتيب الأولويات، بل ستكون معادلة توافقية على حساب الشجاعة المطلوبة في القرارات الحاسمة والحازمة تجاه مكافحة الفساد وغياب الخدمات الضرورية للمواطنين".

خيارات تشكيل الحكومة
وأشار الحكيم إلى أن هناك ثلاثة خيارات لتشكيل الحكومة.. الأول: خيار تحالف الغالبية الوطنية، التحالف الذي لا يغيب الجميع فيه عن المشاركة والمعارضة في آن واحد، تأخذ فيه قوى وطنية على عاتقها حكومة الخدمة ومكافحة الفساد وقوى وطنية أخرى تأخذ على عاتقها مراقبة أداء هذه الحكومة وتقويمها". وأوضح أن هذا الخيار يمثل حلًا واقعيًا بين الديمقراطية التوافقية التي عاشها العراق خلال المرحلة السابقة والغالبية السياسية العددية السائدة في الدول الديمقراطية.

أضاف أن "الغالبية الوطنية تعني كسر القواعد والمعادلة القديمة والسائدة المتمثلة في شراكة الجميع ومعارضة الجميع، والتي لم تنتج دولة، ولم تحقق التماسك والانسجام الداخلي، ولم توفر الخدمات، وساهمت في ترسيخ المحاصصة والفساد، وتعميق الفجوة بين الشعب والقوى السياسية، بما يحقق الاندماج والاندكاك بين المكونات ضمن العراق الموحّد، ولا تعمل على تجاهل حقوق المكونات أو تغييب ادوارهم أو الالتفاف على مبدأ التوازن في تمثيل المكونات الاجتماعية في العملية السياسية.

وأوضح أن الخيار الثاني هو: تشكيل حكومة شراكة في الفضاء الوطني من دون العودة إلى الفضاءات المذهبية والقومية، وهو يستلزم كسر قواعد الاصطفاف القديمة، وأن يجري اختيار المواقع المتقدمة ضمن إطار المعادلة الوطنية، فيشارك الجميع في اختيار الرئاسات الثلاث، ويتحمل الجميع المسؤولية في هذا الاختيار، وما تترتب عليه من إنجازات أو إخفاقات، ولا تحمّل&المكونات مسؤولية من ينتمي إليها من المسؤولين، وأن يكون اختيار المسؤولين لجميع المواقع ضمن المعايير التي يريدها الشعب.

وأشار إلى أن الخيار الثالث هو: عدم المشاركة في الحكومة المقبلة، والانتقال إلى المعارضة البناءة، في حال لم يتحقق الخياران الأول والثاني.

تظاهرات الاحتجاج الشعبية
وعن تظاهرات الاحتجاج الشعبية التي تشهدها محافظات وسط وجنوب العراق منذ أكثر من شهرين، قال الحكيم إن هناك من يقرأ هذه الاحتجاجات بطريقة سطحية معتمدًا على الأعمار الشبابية المنخفضة لمعظم المحتجين، والتي تتراوح بين 15 و25 عامًا وعلى بعض المطلبيات التي ذكرت في شعاراتهم كفرص العمل والخدمات "ولكننا نختلف مع هذه القراءة فالمجتمع العراقي بغالبيته مجتمع شاب، وليس هرمًا، بل وغالبية الاحتجاجات في العالم يقودها الشباب، والعراق ليس استثناءً".&

ودعا إلى ضرورة الإدراك أن البلاد أمام جيل شبابي مختلف في فكره وسلوكه وعلاقاته ونظرته إلى الأمور.. جيل لا يهتم بتعقيدات الماضي، ولا بتوازنات الحاضر، وعينه شاخصة نحو المستقبل بقوة.
&
العقوبات الأميركية على إيران
عن الوضع الإقليمي والعقوبات الأميركية ضد إيران، وموقف العراق منها، قال الحكيم "من الصعب تصور عدم تأثر العراق في حال تعرّضت الجمهورية الإسلامية في إيران لمشاكل وتعقيدات الصراع مع الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك من الصعوبة للجمهورية الإسلامية أن تتصور عدم تأثرها في حال شهد العراق انهيارات اقتصادية أو سياسية أو أمنية متلاحقة، والأمر نفسه مع تركيا والسعودية ودول الجوار المحيطة بالعراق.

ودعا السياسة العراقية إلى العمل بكل السبل المتاحة لإيجاد أرضية مشتركة تجتمع عليها المصالح الأميركية والإيرانية معًا بعيدًا عن سياسة العقوبات والتهديدات، التي لن تجلب للمنطقة سوى المزيد من الحروب والدمار. وأضاف "لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي في حال تفاقمت العقوبات الاقتصادية تجاه الشعب الإيراني، فنحن العراقيين نعلم جيدًا ماهي آثار الحصار الاقتصادي الذي عشناه في تسعينات القرن المنصرم، وتجويع الشعوب من أجل التأثير على الأنظمة السياسية هو سياسة لا إنسانية، ولا يمكن البحث عن مصالح العراق بمنطق الصراع والعقوبات.. مستدركًا بالقول: "في الوقت عينه، ندرك جيدًا ما هي عواقب عدم الالتزام بالقيود المالية المفروضة على الدول ذات الاقتصاد الريعي، مثل العراق، للأسف الشديد".

وطالب الحكيم الولايات المتحدة بإعادة النظر في خيار فرض العقوبات والحصار على الشعب الإيراني، وأن تدرك حجم التداعيات المؤثرة على العراق جراء ذلك، أيضًا فهناك مصالح تجارية متبادلة بين البلدين، وهناك روابط ثقافية وتاريخية عريقة ومتجذرة بين الشعبين "وقد أظهرنا&ذلك سلفًا خلال لقاءاتنا المتكررة مع الوفود الممثلة للإدارة الأميركية والبعثات الدولية الأخرى". وأوضح أنه "لن نقبل بفرض العقوبات الاقتصادية الظالمة على الشعوب، ولن نسمح بتعريض مصالح بلدنا للمخاطر، نقولها بصراحة وبلا خوف من أحد".

يشار إلى أن العراق قد أوقف في الأسبوع الماضي التعامل مع إيران بالدولار، لكنه أعلن عدم &التزامه بالعقوبات الأميركية على إيران، حفاظًا على مصالح الشعب العراقي، كما أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي أخيرًا.