القدس: أعرب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الاثنين في القدس عن أمله "ببزوغ فجر حقبة جديدة" في جهود السلام الفلسطينية الاسرائيلية بعد لقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، في وقت قاطع الفلسطينيون الزيارة.

واسرائيل هي المحطة الاخيرة لبنس في أول جولة شرق اوسطية له شملت مصر والاردن ايضا. وقرر الفلسطينيون مقاطعة زيارة المسؤول الأميركي وعدم الاجتماع معه، احتجاجا على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لاسرائيل.

وطغى شلل الحكومة الفدرالية في الولايات المتحدة بسبب المفاوضات حول الموازنة الجارية في الكونغرس على زيارة بنس الذي سعى لالقاء اللوم على الديموقراطيين في خطاب القاه امام جنود منشأة عسكرية أميركية زارها الاحد قرب الحدود السورية.

في السادس من ديسمبر أعلن الرئيس الأميركي ترمب اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لاسرائيل ما دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى رفض لقاء النائب الأميركي. وهي من المرات النادرة للغاية التي يزور فيها مسؤول أميركي كبير المنطقة بدون اجراء محادثات مع الفلسطينيين.

وعباس يزور حاليا بروكسل حيث من المقرر ان يلتقي وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي. ومن المتوقع ان يطلب منهم رسميا الاعتراف بدولة فلسطين "كطريقة للرد" على قرار ترمب حول القدس، بحسب ما أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في مقابلة مع وكالة فرانس برس.

وأضاف المالكي ان عباس سيعيد التأكيد ايضا على "التزامه بعملية السلام" في الشرق الأوسط. وحظي بنس باستقبال حار امام مكتب نتانياهو، مع حرس الشرف وفرقة عسكرية.

وفي تصريحات ادلى بها بعد ذلك، وصف بنس قرار ترمب حول القدس ب "التاريخي"، مؤكدا ان الرئيس الأميركي يعتقد انه "بامكاننا خلق فرصة للتقدم في المفاوضات بحسن نية".

وأعرب بنس عن آمله "ان نكون في مرحلة بزوغ فجر حقبة جديدة لمحادثات جديدة للتوصل الى حل سلمي للنزاع المستمر منذ عقود والذي أثر على هذه المنطقة. وأثنى نتانياهو من جانبه على القرار حول القدس.

وقال "تشرفت على مر السنين أن أقف هنا وأستقبل مئات الزعماء في القدس عاصمة إسرائيل. وهذه هي أول مرة أقف هنا ونستطيع كلانا أن نقول 3 كلمات وهي القدس، عاصمة إسرائيل".

وسيقوم بنس بعدها الاثنين بألقاء خطاب امام البرلمان الاسرائيلي (الكنيست)، في خطاب سيقاطعه النواب العرب، الذين وصفوا بنس ب "الخطير".

ويزور بنس المسيحي الانجيلي المتشدد، الثلاثاء نصب ضحايا محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية (ياد فاشيم) ثم حائط المبكى كما فعل ترمب خلال زيارته الاخيرة لاسرائيل في ايار/مايو الماضي. وكان ترمب أول رئيس أميركي يزور هذا الموقع.

ويعتبر اليهود حائط المبكى (البراق عند المسلمين) الواقع أسفل باحة الاقصى آخر بقايا المعبد اليهودي (الهيكل) الذي دمره الرومان في العام 70 للميلاد وهو اقدس الاماكن لديهم.

والمسجد الاقصى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين.

والقدس في صلب النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. وقد احتلت اسرائيل الشطر الشرقي من القدس وضمته عام 1967 ثم اعلنت العام 1980 القدس برمتها "عاصمة ابدية" لها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

توتر فلسطيني أميركي

شهدت العلاقات الفلسطينية الأميركية توترا شديدا في الاسابيع الماضية بعد قرار ترمب المتعلق بالقدس. فقد وضع هذا القرار حدا لعقود من الدبلوماسية الأميركية التي كانت تتريث في جعل قرار الاعتراف بالقدس واقعا.

وخلال الخطاب ألقاه في المنشأة العسكرية الأميركية في الاردن، اعرب بنس عن امله ب"ان تقوم السلطة الفلسطينية قريبا بالانخراط مجددا" في الحوار.

وبالاضافة الى رفض لقاء بنس، اعلن عباس ان الولايات المتحدة ليس بامكانها لعب دور الوسيط في محادثات السلام مع اسرائيل بعد الان. ودعا الفلسطينيون الى اضراب شامل الثلاثاء احتجاجا على قرار ترمب وزيارة بنس.

وليل الاحد الاثنين اكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انه "فيما يتعلق بالسلام، لدي رسالة الى ابو مازن (عباس)، لا يوجد بديل للزعامة الأميركية في قيادة عملية السلام". واضاف "من لا يرغب في بحث السلام مع الأميركيين، لا يرغب بالسلام".

وأثار قرار ترمب سلسلة تظاهرات احتجاجية ومواجهات في الاراضي الفلسطينية تسببت بمقتل 18 فلسطينيا. كما قتل مستوطن اسرائيلي خلال هذه الفترة من دون ان يتضح بعد ما اذا كان قتل المستوطن على علاقة بالاحتجاج على الموقف الأميركي.

ويبدو ان نتانياهو يسعى اكثر لبحث قضايا اخرى مع بنس، من بينها ايران، العدو اللدود للدولة العبرية.

وقال بنس الاحد ان الولايات المتحدة "لن تتسامح بعد الآن مع محاولات ايران لفرض نفوذها الخبيث وتعزيز الارهابيين في المنطقة". 

قرار تاريخي

في عمان، أعرب العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني خلال مباحثات اجراها مع بنس عن قلق بلاده من القرار الأميركي.

من جهته، قال بنس امام العاهل الاردني ان "الرئيس ترمب اتخذ قرارا تاريخيا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولكنه أيضاً أوضح في القرار نفسه أننا ملتزمون بالاستمرار باحترام دور الأردن ووصايته على الأماكن المقدسة في القدس وأننا لم نتخذ موقفا حول الحدود والوضع النهائي، فهذه أمور خاضعة للمفاوضات".

واضاف "كما أوضح الرئيس للعالم، لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بحل الدولتين وحسب ما يتفق عليه الطرفان، ونحن ملتزمون بإعادة إطلاق عملية السلام، ولطالما لعب الأردن دوراً مركزياً في توفير الظروف الداعمة للسلام في المنطقة".

وكانت القدس الشرقية تتبع المملكة إداريا قبل أن تحتلها اسرائيل عام 1967. وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الاردن في 1994، باشراف المملكة الأردنية على المقدسات الاسلامية في المدينة.

ورفضت القيادة الفلسطينية لقاء بنس منذ الاعلان عن موعد زيارته الأول في أواخر ديسمبر.

وخلال زيارة بنس الى مصر السبت دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الادارة الأميركية الى "العمل على عدم تعقيد الوضع بالمنطقة من خلال اتخاذ إجراءات من شأنها تقويض فرص السلام".

وبدأت وزارة الخارجية الأميركية التخطيط لنقل السفارة الأميركية الى القدس، وهي عملية يقول الدبلوماسيون الأميركيون ان انجازها قد يستغرق سنوات.