الرباط: بدأت المغربية سميرة الإدريسي مسيرتها بعزيمة قوية لإبراز قدراتها و النجاح في حياتها، حيث هاجرت إلى بلجيكا سنة 1991، بإلحاح من والدها الذي كان يأمل أن تحقق ابنته طموحها العلمي، و هو ما تحقق من خلال حصولها على الإجازة في الكيمياء المعدنية، ثم الدراسات المعمقة و دكتوراه الدولة في الكيمياء تحت الأشعة، وهو من التخصصات القليلة جدا.

مشاكل الهجرة

لم تكن الطريق معبدة أمام سميرةً، في ظل مواجهتها لصعوبات كثيرة، بسبب ارتدائها الحجاب و ملامحها العربية، و هو ما جعلها تتعرض لمضايقات و عراقيل، طالت حياتها الاجتماعية والمهنية، خاصة أنها كانت مطالبة بالبحث عن عمل لتأمين مصروفها، فالمنحة الدراسية التي تحصل عليها لم تكن تكف حتى لإيجار مسكن يؤويها.

تقول سميرة لـ"إيلاف المغرب": "أستاذي كان يعاملني معاملة قاسية، لم يكن ينسجم معي في الحديث أو التواصل، إلى أن ناقشت رسالة دبلوم الدراسات المعمقة، حينها عاين عن قرب طريقتي في النقاش، و لاحظ أني أتمتع بشخصية قوية و جادة، لتختلف معاملته لي بشكل جذري.

مسار حافل

لم تتوفق ابنة مدينة طنجة (شمال المغرب ) في الحصول على وظيفة، فاختيارات الدكاترة في مجال الكيمياء تبقى محدودة، بالتدريس في الجامعات والمعاهد العليا، فضلا عن العائق الذي يطرحه مظهرها والذي حال دون قبولها في أي وظيفة.

توضح الإدريسي قائلة "عدت للمغرب بعدها، وتلقيت وعدا بتعييني في منصب بجامعة طنجة، لأفاجأ بحصول إحدى السيدات عليه، فهمت الأمر حينما علمت بأن زوجها يعمل رئيس مصلحة هناك، لأقرر بعدها العودة لبلجيكا، كان من الضروري أن أتأقلم مع الوضع الراهن، عملت بشركات أجنبية، بلجيكية وفرنسية وأميركية تشتغل مع الدول العربية".

من القطاع الخاص في الكيمياء والفيزياء إلى مجال المال والأعمال، انتقلت الإدريسي للعمل في تكنولوجيا المعالجة والتعقيم بالإشعاع أو ما يصطلح عليه بالتعقيم الصناعي بالأشعة، حيث تروج لهذه التقنية في الدول العربية، في مجال نادر، يشهد وجود 6 مصنعين يعتمدونه حول العالم.

حتىالآن، لم تستقر سميرة بصفة دائمة بالمغرب، فهي تملك شركة في مدينة العين بالإمارات العربية المتحدة، التي انتقلت إليها سنة 2002، خولتها لتكون وكيلا حصريا لشركة فرنسية في كل الدول الناطقة بالعربية، لكن ما دفعها للوجود في بلدها الأصل هو رغبتها في إدخال تكنولولوجيا التعقيم بالأشعة التي لا توجد في المملكة، في المقابل، تعتمدها دول أوروبا ومصر والسودان.

عراقيل إدارية

تلقت الإدريسي وعودا من طرف بعض المسؤولين المغاربة الذين قابلتهم من أجل العمل على إنشاء أول محطة تعقيم على المستوى الصناعي بالمغرب، لكنهم تقاعسوا عن تنفيذها على أرض الواقع، لتقابل بمشاكل وعراقيل، بوجود مستثمرين لا يتوفرون على عقلية طموحة، وفق تعبيرها.

عن رؤيتها لهجرة العديد من الطاقات والكفاءات المغربية الواعدة في مجالات الطب والهندسة والعلوم للخارج عوض استثمارها وطنيا، تقول"أعذرهم، لأنه ببساطة لا يتم إنصافهم، فأحيانا لا يكون بمقدورنا التواصل مع المسؤولين الكبار، و الاقتصار على آخرين، في ظل المشاكل التي تعاني منها الإدارة، من جهة ثانية، هناك تقدير كبير للكفاءات الأجنبية بالمغرب على حساب الكفاءات الوطنية من أبناء البلد".

رغم كل المشاكل التي اعترضت طريقها في المغرب،لا تزال الإدريسي متشبثة بالمشروع الذي يتطلب إنجازه 150 مليون درهم( 15 مليون دولار)، لديها شريك فرنسي، لكن الأمر يتطلب دخول مستثمرين وشركاء مختلفين من أجل الدعم و المواكبة.