الرباط: قال عبد الواحد الراضي، وزير العدل المغربي الأسبق، إن مشروع إصلاح القضاء الذي اعتمده حينما كان وزيرا على القطاع توقف مباشرة بعد مغادرته الوزارة.

وأضاف الراضي بلهجة لا تخل من سخرية:"أنا ذهبت والإصلاح كذلك ذهب معي وهي من المعجزات التي لا يمكن أن تحدث في أي مكان آخر".

وأفاد الوزير السابق في الكلمة التي ألقاها بمناسبة حفل تكريمه الذي أقامته وزارة العدل، مساء الجمعة، بالرباط، أنه طلب من الملك محمد السادس إعفاءه من مهامه الوزارية بعد مرور سنة عل &تعيينه، بسبب انتخابه كاتبا أول (أمينا عاما) لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من أجل التفرغ للحزب، لكن الملك لم يقبل طلبه.

وزاد قائلا:"حينما قرب موعد التغيير الحكومي قال لي الملك حينها بأنه يمكن الموافقة على إعفائي و جاء بعدي محمد الطيب الناصري رحمه الله".

وأفاد الراضي بنبرة لا تخلو من المرح بأنه اقترح على عبد الإله لحكيم بناني الذي يشغل حاليا منصب الكاتب العام لوزارة العدل (وكيل الوزارة) منصب كاتب عام لمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) بعد حصوله على درجة الدكتوراه، غير أن الأمور سارت في الاتجاه المعاكس، وحصل ان التحق الراضي بوزارة العدل ويصبح وزيرا لها.

وقال محمد أوجار، وزير العدل، إن الاحتفاء بالراضي يشكل احتفاء بشخصية متعددة الأوجه، تجمع بين الوزير الخير والرئيس المقتدر والسياسي المحنك و البرلماني المتبصر ورجل الدولة المتميز صاحب المهمات الصعبة.

وأضاف قائلا:"هي مسيرة زاخرة أستحضر من خلالها مكانته منذ أن كان طالبا في جامعة السوربون ثم فاعلا في الحقل الأكاديمي و البرلماني، حيث يعتبر أحد مؤسسي العمل البرلماني بالمغرب منذ 1963، تحمل مسؤولياته قبل أن يتولى رئاسة مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) لـ3 ولايات ثم رئاسة الاتحاد الدولي للبرلمانات، عمل جاهدا للرقي بالعمل السياسي و ترسيخ منظومة قيم سامية ما أحوجنا إليها اليوم كأحزاب ونقابات و فاعلين اجتماعيين واقتصاديين و تربويين استلهاما للتوجيهات الملكية".

وذكر أن الراضي كان من مهندسي التحول الذي تشهده البلاد بالجهود التي بذلها في مختلف الاتجاهات، منها تقديمه لملتمس الرقابة سنة 1992 الذي شكل لحظة تحول في التاريخ السياسي المغربي، باعتبارها لحظة وجهت فيها المعارضة رسائل واضحة التقطها الملك الراحل الحسن الثاني، لينطلق بعدها مسلسل التفكير في تعديلات دستورية، تجنى اليوم ثمارها في الجو الجديد الذي يعرفه المغرب.

من جهته ، قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، أن المحتفى به بصم على حضور متميز خلال أكثر من نصف قرن، حيث كان فاعلا أساسيا في العديد من الأحداث التي شهدتها البلاد، منها حضوره في خضم الجدال ضمن أول دستور للمملكة سنة 1962 ثم انتخابات 1963، فاز بها وسنه لم يتجاوز 27 سنة، مما خوله الوجود ضمن أعضاء أول برلمان مغربي، فضلا عن اشتغاله رفقة زملائه في المجلس الوطني لحزبه تحت وطأة التعذيب والاعتقال التعسفي.

من جهته، أشار مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى إيمان عبد الواحد الراضي برسالة القضاء و الأدوار التي يضطلع بها و حرصه على إصلاح القضاء و حفظ هيبة الأسرة القضائية و ضمان كرامتها.

وبدوره، قال الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، إن حنكته وتبصره جعله ينتظر لـ30 عاما قبل أن ينتخب كعضو في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و49 عاما قبل أن ينتخب رئيسا له، ليدشن بذلك سلوكا ديمقراطيا جديدا كأول قائد للحزب ينتخب بالاقتراع السري، ثم رئيسا للاتحاد البرلماني لدولي سنة 2011.

من جهته، قال عبد الرحمن اليوسفي، الوزير الأول المغربي السابق، في رسالة بعثها بالمناسبة، أن المحتفى به كان أكثر الاتحاديين والسياسيين المغاربة فوزا في الانتخابات التشريعية و المحلية، و أول مسؤول وطني اتحادي يفوز برئاسة البرلمان، مما مهد الطريق لخروج حكومة التناوب للوجود.

وتميز الحفل بعرض شريط حول الذاكرة التاريخية للوزارة و آخر لصور وزراء العدل السابقين، إضافة إلى شريط يحمل شهادات لشخصيات مغربية من مختلف المجالات في حق الشخصية المكرمة.