كولياكان: لا يزال طيف تاجر المخدرات المكسيكي الأشهر خواكين "إل تشابو" غوسمان المسجون في نيويورك حيث من المقرر أن تبدأ المرافعات في قضيته الثلاثاء، يخيّم على ولاية سينالوا معقله في شمال غرب المكسيك.

هذا الرجل البالغ 61 عاما والذي يعني لقبه "الرجل القصير"، قدم للقضاء الأميركي على أنه أكبر تاجر للمخدرات في العالم منذ بابلو إسكوبار الذي توفي في 1993.

وبحسب القرار الاتهامي، صدرت عصابته المعروفة بكارتل سينالوا إلى الولايات المتحدة أكثر من 154 طنا من الكوكايين إضافة إلى كميات ضخمة من الهيرويين والميثامفيتامين والماريجوانا بقيمة مقدرة بحوالى 14 مليار دولار. وقد سلمته المكسيك إلى السلطات الأميركية بطلب من واشنطن في يناير.

وفي شوارع كولياكان عاصمة الولاية المكسيكية التي تسجل درجات حرارة مرتفعة، تنتشر صور "إل تشابو" إلى جانب رشاشات وقبعات عليها الرقم "701" وهو المركز الذي كان يشغله "إل تشابو" ضمن تصنيف مجلة "فوربز" لأغنى أغنياء العالم. وكانت ثروته مقدرة بمليار دولار.

ويتحدر "إل تشابو" من أوساط متواضعة إذ كان يبيع العصير والمشروبات الغازية خلال الطفولة، إلا أن الصعود السريع لنجمه وعمليات الفرار اللافتة التي قام بها كرست صورته كشخصية غير عادية كما أن شهرته طارت إلى العالم أجمع.&

وقد استلهم كتاب ومنتجون من مسيرة خواكين غوسمان في إنجاز مسلسلات وأفلام وأعمال موسيقية.

أدهى من إل تشابو

وقد حقق "إل تشابو" شهرة عالمية خصوصا بفعل أساليبه المميزة في الهرب من وجه العدالة. ويوضح عالم الاجتماع في جامعة سينالوا توماس غيفارا لوكالة فرانس برس أن "عمليات فراره والمطاردات التي أعقبتها كانت أشبه بفيلم سينمائي".

وأبعد من هذه الهالة الخاصة، لا تزال منظمته الإجرامية من أهم عصابات المكسيك رغم المنافسة المتعاظمة من مجموعات أخرى بينها عصابة "خاليسكو الجيل الجديد" المعروفة بأساليبها الوحشية.

ويشير مايك فيجيل العميل السابق في الوكالة الأميركية لمكافحة المخدرات إلى أن "كارتل سينالوا لا يزال يعمل كما في السابق. القبض على +إل تشابو+ غوسمان وترحيله كانا أمرا رمزيا".

ومنذ سقوط "إل تشابو"، يتولى اسماعيل "مايو" زامبادا إدارة الكارتل. هذا الرجل الغامض الذي لم يمض يوما واحدا خلف القضبان نجح في تفادي تشظي العصابة كما أنه "بالتأكيد أدهى من +إل تشابو+" وفق الخبير.

وينتمي "إل تشابو" وزامبادا إلى دائرة كبار تجار المخدرات المكسيكيين المتحدرين من سينالوا حيث طبع الإتجار بالمخدرات الثقافة المحلية.

حتى أن كولياكان تضم مدفنا عصريا مجهزا بأنظمة تبريد مخصصا لمهربي المخدرات، حيث دُفن بعض من أبرز الأسماء في تجارة المخدرات.

وعلى بعد بضعة كيلومترات يوجد مصلّى مكرّس لخيسوس مالفيردي الذي يوصف بأنه "شفيع" تجار المخدرات رغم عدم اعتراف الكنيسة الكاثوليكية به.

ويؤكد الأشخاص الذين يرتادون المكان أن هذا "الشفيع" شخص وُجد فعلا وهو كان قاطع طرق في القرن العشرين يوزع غلته على الفقراء. كما كان يختبئ في جبال سينالوا الخضراء لذا سمي بـ"مال فيردي" (الشرير الأخضر).

طرقات وإنارة عامة

ويقول عالم الاجتماع توماس غيفارا "أساس نشاط تجار المخدرات والذي كان يحبب الناس بهم، هو أنهم كانوا يشقون الطرقات للشعب ويعطون المال لتشييد الكنائس كما كانوا يشيدون منازل كبيرة لأمهاتهم وينفقون مبالغ على الإنارة العامة".

ويضيف "هذه كلها أمور كان على الدولة تقديمها"، وقد تولى "إل تشابو" هذا الدور ما ساعده في استمالة الكثير من المتعاونين المحليين في المنطقة رغم العنف الذي يرافق أنشطته.

وقد دفعت ماريا إيزابيل كروث ثمنا مباشرا لهذا العنف، فهي تبحث في المدافن الجماعية العشوائية عن ابنها الشرطي البلدي في كولياكان منذ فقدانه العام الماضي.

وتوضح كروث التي تدير مجموعة من حوالى مئة امرأة يبحثن عن ذويهن المفقودين "هنا في ولاية سينالوا، تجارة المخدرات كانت موجودة لكن بشكل سري. لم يكن أحد يجرؤ على رفع الصوت أو على التنديد علنا بذلك كما فعلت أنا".

وتعاني المكسيك جراء تفشي أنشطة العصابات الإجرامية التي تتنازع السيطرة على طرقات تهريب المخدرات في البلاد، وهي سجلت وفاة مئتي ألف شخص في جرائم عنيفة خلال السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة فضلا عن فقدان 37 ألف شخص آخرين.