أحمد قنديل من دبي: احتفت دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم "قيادة وحكومة وشعبا مواطنين ومقيمين، مؤسسات ومدارس عامة وخاصة" بذكرى "يوم الشهيد" التي تصادف الثلاثين من نوفمبر من كل عام، وذلك تخليدا لذكرى الذين ضحوا بأرواحهم وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم تجاه وطنهم داخل الإمارات وخارجها في مختلف الميادين العسكرية والمدنية والإنسانية.

ولا يقتصر "شهداء الامارات" فقط على الذين قتلوا ضمن القوات المسلحة فقط، بل تشمل جميع الاشخاص الذين ضحوا بأرواحهم في جميع المجالات سواءً العسكرية ضمن القوات المسلحة ووزارة الداخلية أو الدبلوماسية أو مجندي الخدمة الوطنية.

وتم الإعلان عن "يوم الشهيد" عام 2015 ضمن مرسوم أصدره الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.

ويعد هذا اليوم عطلة رسمية لكافة الدوائر الحكومية والخاصة، وتقوم الدولة بالاحتفال بهذا اليوم بإقامة مراسم وفعاليات متنوعة يذكر فيها تضحية "شهداء الإمارات".

وتتجسد قيمة الاحتفال بهذا اليوم، تزامنا مع انخراط الإمارات في التحالف العربي من أجل دعم الشرعية باليمن وردع المتمردين الحوثيين، حيث سقط العشرات من الجنود الإماراتيين، منذ بدء "عاصفة الحزم"، في 26 مارس 2015.

واحتفى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والحكام وأولياء العهود وذوو "الشهداء" وعدد من المسؤولين والوزراء ب"يوم الشهيد" في واحة الكرامة بأبوظبي، وانطلقت الطائرات العسكرية الإماراتية الهليكوبتر والنفاثة في سماء الدولة مزينة بألوانها علم الإمارات احتفاءا بيوم الشهيد.&

أول "شهيد" إماراتي؟

"يوم الشهيد" الإماراتي الذي اعتمده الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات عام 2015، ارتبط بتاريخ مقتل سالم بن سهيل خميس بن زعيل، الشرطي صاحب الرقم العسكري 190، هو أول إماراتي، روى بدمائه جزيرة طنب الكبرى في الثلاثين من نوفمبر من عام 1971 وذلك قبل إعلان قيام دولة الإمارات بيومين.

واحياء لذكرى الشرطي بن زعيل وتحية لإنجازه الذي دافع فيه بدمائه عن وطنه أمام هجوم المحتل الإيراني برفقة 5 من زملائه، تم اختيار ذلك اليوم 30 نوفمبر ليكون "يوم الشهيد الإماراتي".

ولد سالم بن زعيل في إمارة رأس الخيمة بمنطقة المنيعي، انضم في البداية إلى فرقة الموسيقى العسكرية في الشارقة ثم انتقل إلى شرطة رأس الخيمة والتحق بها إلى جانب إثنين من إخوته، ليتم توزيعهم للخدمة في عدة مناطق وذهب بن زعبل ليخدم في جزيرة طنب الكبرى، حيث عين مسؤولاً عن المركز بعد 7 سنوات من الخدمة فيه.

الهجوم الإيراني

وفي يوم 30 نوفمبر عام 1971 في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحاً كان أفراد الشرطة في مركز شرطة جزيرة طنب الكبرى يستعدون لأداء الطابور الصباحي وأداء التحية الصباحية المعتادة، وإذ بهم يلاحظون البارجات الحربية الإيرانية تدور حول الجزيرة.

فوجئ الشرطي سالم وزملائه الستة في مركز الشرطة بمحاصرة المحتل الإيراني لهم بقوة وصل تعدادها إلى نحو 3500 جندي إلى جانب البوارج البحرية التي حاصرت الجزيرة من مختلف الجهات.

في تلك الأثناء لاحظ سالم وزملائه تحليق ثلاث طائرات حربية إيرانية حول الجزيرة ثم ألقت هذه الطائرات منشورات فوق المساكن مكتوبة باللغة الفارسية، فيما نزل الجنود الإيرانيون إلى شاطئ الجزيرة باستخدام زوارق برمائية من طراز "هوفر كرافت".

تقدم الجنود الإيرانيون نحو مركز شرطة طنب الكبرى وشرعوا في إطلاق النار عليه فرد الشرطي سالم بن زعيل وزملائه على الهجوم ورفضوا الرضوخ لأوامر المحتل الإيراني بالإستسلام وتسليم مركز الشرطة لهم وإنزال العلم الإماراتي.

مقتل بن زعيل

تمكن الشرطي بن زعيل وزملائه من إيقاع إصابات وقتلى بين جنود الجيش الإيراني الذي هاجم مركز شرطة طنب الكبرى وتبين لاحقاً أن من بين القتلى قائد القوة في جنود المحتل الإيراني.

دافع بن زعيل وزملائه عن مركز الشرطة بكل شجاعة إلى أن أصيب إثنين منهم، وقتل زعيل على أرض الجزيرة، دفاعا عن وطنه.

وتخليدا لهذه الذكرى أمر حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بإنشاء ساحة ونصب الشهداء، في المنطقة الواقعة قرب مركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، كما أمر بتسمية الشارع الخلفي للمدينة الجامعية بـ "شارع الشهداء".

خليفة بن زايد: الشهادة هي ذروة الفداء والتضحية

وقال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة الإمارات في كلمة له بمناسبة "يوم الشهيد" "إن الثلاثين من نوفمبر، يوم لإعلاء قيم التضحية والفداء وحب الوطن، هو يوم عز وفخر ومجد، فالشهادة هي قمة البطولة والاقدام، وذروة الفداء والتضحية، أعلى قيم الوطنية، وأرقى منازل الشرف، وأرفع درجات التعبير عن الولاء والانتماء. ولهذا فالوطن، قيادة وشعبا، لا ينسى أبدا أبناءه الذين جادوا بأرواحهم ودمائهم في ميادين الحق والواجب وساحات الفخر، دفاعا عن دولة الاتحاد، وصونا لسيادتها، وحماية لإنجازاتها، لتظل رايتنا عالية خفاقة، رمزا للقوة والعزة والمنعة والشموخ".

وأضاف "في هذا اليوم نسترجع تضحيات شهدائنا، مدنيين وعسكريين، التي ستظل أوسمة عز وكرامة، ونماذج فخر في حب الوطن والذود عنه، ويظل أبناؤهم وأسرهم وذووهم أمانة في أعناقنا، يتعهدهم الوطن بالرعاية، وتتولاهم الدولة بالعناية والاهتمام.. وفي هذه المناسبة، ندعو أبناء الوطن، أن يجعلوا من القيم النبيلة التي تجسدها الشهادة مثالا في الأذهان، وأن يعملوا على تقديس الواجب، والإخلاص والاجتهاد في الارتقاء بالقدرات والمهارات، والتميز في أداء العمل، فالأمم المتقدمة، تبني بالعلم والإبداع والإنجاز والريادة، والهمم العالية، والتضحيات الكبرى، التي تزيدنا ثباتا ووحدة وتلاحما، صونا للدولة التي أسسها آباؤنا على قيم البذل والفداء والعطاء والتضحية".

محمد بن راشد: في يوم الشهيد تتصاغر الإنجازات وتتراجع التضحيات&

وغرد الشيخ محمد بن راشد على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قائلا: "في يوم الشهيد ... تتصاغر الإنجازات .. وتتراجع التضحيات .. وتتواضع النفوس .. أمام ما قدمه شهداء الامارات .. في جنات عند ربهم يرزقون".

محمد بن زايد: شهداؤنا اﻷبرار.. ذكراهم ستبقى في وجداننا

في سياق متصل غرد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على حسابه على "تويتر" قائلا "شهداؤنا اﻷبرار.. ذكراهم ستبقى في وجداننا .. ويظل ذووهم في قلب الوطن واهتمامه ورعايته بما تحلوا به من صبر وعطاء وتضحية .. نستمد منهم دروس الوفاء والولاء والانتماء للوطن الغالي."

وأضاف "‏شهداء الوطن .. هم غرس جيل تخرج من مدرسة زايد .. فنشأ على حب الوطن والوفاء له والتمسك بالقيم الإماراتية اﻷصيلة.. هم خيرة شباب الوطن.. أثبتوا في ميادين الحق والواجب شجاعتهم وبسالتهم وقوة عزيمتهم.. تحية اعتزاز وفخر بهم جميعا".

واحة الكرامة و"نصب الشهيد"

في السادس من ديسمبر عام 2016 بدأت واحة الكرامة بأبوظبي، والتي تحتضن في كنفها "نصب الشهداء" استقبال الزائرين، من خلال جولتين يوميا برفقة دليل سياحي يقدم شرحا مفصلاً عن معالمها، وتعبر الواحة عن المحبة والتقدير اللذين تكنّهما دولة الإمارات وشعبها إلى أرواح شهدائها.

ويتكون "نصب الشهداء" من 31 لوحاً من ألواح الألمنيوم الضخمة التي يستند كل منها على الآخر كرمز للوحدة والتكاتف والتضامن، وقد تم نقش قسم الولاء للقوات المسلحة الإماراتية على عمود طويل في الجزء الخلفي من نصب الشهيد. بينما نُقش على الألواح الأخرى قصائد وأقوال للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة، واقتباسات من أقوال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

ويتكون "نصب الشهيد" من حوالي 300 طناً من الحديد. وتضم الواحة جناح الشرف والذي يغطي سقفه ثمانية ألواح ترمز إلى الإمارات السبعة بينما يمثل اللوح الثامن شهداء الدولة، ويوجد في منتصف الجناح عمل فني يتكون من ألواح زجاجية شفافة كبيرة تمثل الإمارات السبعة ويحيط بها بركة يجري من خلالها الماء، ويحيط بكل لوح من الجانبين الأمامي والخلفي نقش بقسم الجنود يمكن للزوار قراءته من أي جانب، وفي جدران الجناح يوجد ألواح من الألمنيوم تحتوي على أسماء "شهداء الوطن"، ومعلومات عنهم.&

ومن معالم الواحة أيضا، ميدان الفخر الذي تصل مساحته إلى حوالي 4000 متر مربع ويتخذ شكلاً دائرياً، ويحيط بالميدان مسرح ومدرج كبير يتسع إلى حوالي 1200 شخص، ويوجد في منتصفه بركة ماء دائرية عمقها 15 مم، وتشكل البركة لوحة فنية في غاية الروعة تجمع بين إنعكاس جامع الشيخ زايد الكبير و"نصب الشهيد" عليها.
&