معركة حاسمة فاصلة حتى الثلاثاء 11 ديسمبر، تخوضها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في شأن الإبقاء على زخم اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، فإما تتراجع والدعوة لاستفتاء ثان ثم استقالة، أو المضي قدما في المعركة التي يبدو أن خسائرها مكلفة.&
ودافعت رئيسة الحكومة البريطانية، التي تقاتل بأظافرها وأسنانها ولسانها بشراسة لتجاوز حدوث أزمة دستورية، في جلسة مجلس العموم، يوم الأربعاء، عن نفسها بأنها لم تخفِ حقائق عن البرلمان في ما يتعلق بالمشورة القانونية التي حصلت عليها حكومتها في اتفاق (بريسكت) القاضي بانسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبي.

وبدأ مجلس العموم مناقشات حول الاتفاق لمدة 5 أيام قبل التصويت عليه في 11 من ديسمبر. ومنيت ماي بثلاث هزائم حين قام المجلس يوم الثلاثاء وفي سابقة تاريخية بالتصويت على قيام الحكومة بازدرائه عبر إخفاء بعض الأجزاء من النصيحة القانونية بشأن صفقة الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وفي تصويت ثانٍ، أجبر البرلمان الحكومة على نشر كامل الوثيقة (حيث تم نشرها اليوم الأربعاء)، أما التصويت الثالث والأهم فقد أسفر عن منح البرلمان الحق في إجراء تعديلات على اتفاق "بريكست" إذا لم يتم تمريره في مجلس العموم، وهو الأمر المتوقع بشكل واسع.

واجب الوفاء

وفي مداخلات أمام مجلس العموم في الجلسة العادية الأسبوعية "أسئلة لرئيسة الوزارء - Prime Minister’s Questions" قالت ماي إن على النواب واجب الوفاء بمطالب الشعب الذي صوت أغلبيته على الخروج من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، مؤكدة أن مشروع الاتفاق "حل وسط مشرف".
وكان قادة الاتحاد الأوروبي وافقوا على اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد، وينبغي أن يصدق البرلمان البريطاني على الاتفاقية ليصبح ساري المفعول، وهي مهمة لن تكون سهلة بالنسبة لماي، بالنظر إلى عدد النواب المعترضين على محتوى الاتفاق.
وقالت ماي إن "الانقسامات بشأن بريسكت تمثل تآكلاً لسياسة المملكة المتحدة"، مضيفة أن الشعب يرى أن موضوع الخروج من الاتحاد أخذ أكثر من وقته ويجب التوصل إلى حل".

وحذرت ماي من أنه إذا رفض البرلمان الاتفاق، فقد تغادر بريطانيا بدون اتفاق أو قد لا يكون هناك انسحاب على الإطلاق.

أزمة دستورية

ويقول مؤيدو الانسحاب إنه إذا جرى العدول عن الاتفاق، فإن بريطانيا ستواجه أزمة دستورية حيث سيكون ما وصفوه&بالنخبة المالية والسياسية قد أحبط&الإرادة الديمقراطية للشعب البريطاني.
وفي حين يقول كل من حزب المحافظين الذي تتزعمه ماي وحزب المعارضة الرئيسي العمال، إنهما يحترمان استفتاء 2016، فإن عددا متناميا من النواب المتمردين يقولون إن الحل الوحيد ربما يكون في إجراء استفتاء جديد يعطي البريطانيين خيار البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وقال بعض أعضاء البرلمان من الحزبين الرئيسيين إنه إذا تم رفض الاتفاق فسوف يتحركون لوقف الانسحاب دون اتفاق، وهو&ما يخشى&زعماء الأعمال والمستثمرون&أن يضعف الغرب ويحدث هزة في الأسواق المالية ويعرقل التجارة.
وقال تقرير لوكالة (رويترز) إنه بعد سلسلة من الهزائم البرلمانية المذلة التي منيت بها ماي يوم الثلاثاء والتي تلقي بظلال جديدة من الشك على قدرتها على إقرار اتفاق الانسحاب، قال بنك جيه.بي مورجان الاستثماري إن فرص إلغاء الاتفاق كلية زادت.

مشورة مدمرة

وبينما يحاول المستثمرون والحلفاء تحديد الوجهة النهائية لخامس أكبر اقتصاد في العالم، قال الحزب الأيرلندي الشمالي الذي يدعم حكومة ماي إن المشورة القانونية بشأن الاتفاق "مدمرة".
وأجبر البرلمان ماي على نشر المشورة التي قدمها أكبر محامي الحكومة بشأن آلية لمنع العودة إلى الرقابة على الحدود بين إقليم أيرلندا الشمالية التي تحكمه بريطانيا وجمهورية أيرلندا العضو بالاتحاد الأوروبي.
وتقول المشورة "على الرغم من البيانات الواردة في البروتوكول التي تنص على أنه من غير المستهدف أن يكون دائما ونية الأطراف الواضحة في ضرورة استبداله باتفاقات بديلة دائمة، فإن القانون الدولي يقضي باستمرار البروتوكول لأجل غير مسمى إلى أن يحل محله اتفاق ينسخه".

خطر قانوني

وأضافت المشورة "في ظل غياب حق الإنهاء، فهناك خطر قانوني من احتمال دخول المملكة المتحدة في جولات مطولة ومتكررة من المفاوضات".
وكان أكبر مسؤول قانوني في محكمة العدل الأوروبية وهو النائب العام مانويل كامبوس سانشيز-بوردونا، قال إنه يمكن لبريطانيا أن تلغي، من طرف واحد، وجاء كلامه قبل ساعات قليلة فقط من بداية نقاش في البرلمان البريطاني على مدار خمسة أيام بشأن الاتفاق، إن بإمكان بريطانيا سحب إخطارها الرسمي بالانسحاب.

وقال الوزير البريطاني المؤيد للانسحاب ليام فوكس إنه بات من الممكن الآن ألا يحدث الانسحاب. وأبلغ فوكس لجنة برلمانية يوم الأربعاء أن هناك خطرا حقيقيا من أن يحاول البرلمان "سرقة" اتفاق الخروج من الشعب البريطاني.
ويشار في الختام، إلى أنه في استفتاء 23 يونيو 2016، ساند 17.4 مليون شخص، أو 52 في المئة، الانسحاب في حين أيد 16.1 مليونا، أو 48 في المئة، البقاء في الاتحاد الأوروبي.
&