نصر المجالي: بعد حادث اختراق مطار (غاتويك) من طائرات مسيّرة لم يعرف إلى الآن مصدرها، وهو الحادث الذي اقض مضاجع بريطانيا في اليومين الأخيرين، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هو موضوع الأمن وخصوصا مع اقتراب موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ويبدو السؤال خطيرا مع تصريح وزير المواصلات البريطاني كريس غريلينغ لـ(بي بي سي) بأنه تم رصد عدد محدود من الطائرات المسيرة إلكترونيا حوالي 40 مرة في محيط المطار ومدرجه، وأن بعضا من تلك الطائرات لها "خصائص عسكرية".

ومع إصرار المحققين البريطانيين معرفة الدوافع وراء الحادثة ومصدر تشغيل عدد من تلك الطائرات بدون طيار، على استبعاد "شبهة الإرهاب". فإنه حتى تحقيقات الشرطة في فرضية أن يكون نشطاء مدافعون عن البيئة اختاروا تلك الطريقة التخريبية للتعبير عن غضبهم، فإن (الأمن) هو سيد الموقف في الحالتين.

يذكر أنه يحظر على مستخدمي الطائرات المسيرة (الترفيهية والاحترافية) استعمالها بالقرب من المطارات أو الطائرات أثناء تحليقها، ويجب أن تكون على مسافة 500 متر على الأقل من محيط المطار، مع حد أقصى للتحليق يبلغ 400 قدم أو 123 مترا تقريبا.

ارباك كبير

وكانت الشرطة البريطانية قد أخفقت في تحديد طائرة مسيرة تسببت في إغلاق ثاني أكبر مطار في المملكة المتحدة لأكثر من 24 ساعة، وهو ما تسبب في إرباك كبير لأكثر من 120 ألف شخص من المسافرين أو القادمين إلى البلاد قبل أيام من عطلة عيد الميلاد.

ويعيد حادث مطار (غاتويك) إلى الأذهان حادث الاختراق الأمني الكبير بواقعة الاعتداء من جانب عملاء روس على العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته في مارس 2018، وهو الأمر الذي اضطر بريطانيا إلى اللجوء على الفور لدول الاتحاد الأوروبي للاحتشاد بموقف موحد ضد روسيا.

سكريبال

وكان محللون قالوا إنه "من المؤكد أن الهجوم على آل سكريبال عزز اهتمام رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي بضمان التعاون الأمني القوي بعد الخروج البريطاني.&

إذ إن أفضل طريقة للتعامل مع هذا النوع من التهديد الخارجي -المتمثل في ذلك الهجوم- هي التعاون مع الحلفاء، ولكن هل يأخذ حلفاء بريطانيا تيريزا ماي على محمل الجد؟".

وكانت تقارير قالت إنه على هامش إجراءات لخروج من الاتحاد الأوروبي، فإن الشرطة البريطانية تسارع لتشكيل وحدة خاصة بتكلفة تتعدى 4ر2 مليون جنيه استرليني لتحاول سد الفجوات الأمنية التي سيخلفها انفصالها عن الاتحاد الأوروبي "بريكست" دون اتفاق.

ونوهت صحيفة (الغارديان) البريطانية في تقرير سابق لها إلى أن قادة الشرطة حذروا وزارة الداخلية من أن خسارة الأدوات الأمنية للاتحاد الأوروبي ستجعل الأمر أصعب على بريطانيا لتحديد وتعقب المجرمين مثل المغتصبين والمشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية، حسب وثائق خاصة بالشرطة.

مناقشات النفق

ولفتت الصحيفة إلى مناقشات جارية حاليا حول المدى المتوقع لتكاليف المشروع على دافعي الضرائب في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق في مارس المقبل، مضيفة أن فريق التفاوض البريطاني واللجنة الأوروبية دخلا مرحلة مناقشات سرية تسمى "النفق" وسط تحذيرات من النقاط الخطيرة المختلف عليها بين الطرفين.

يذكر أن رئيسة لحكومة تيريزا ماي كانت اقترحت -في مؤتمر ميونيخ الأمني الذي انعقد فبراير الماضي، إقامةَ "شراكة عميقة وخاصة" حول مثل هذه الأمور.

وفي السيناريو الذي تفضله تيريزا ماي، ستواصل بريطانيا المشاركة الكاملة في هيئات الاتحاد الأوروبي، مثل يوروبول (منظمة الشرطة للاتحاد الأوروبي)، مع دعم أوامر الاعتقال الأوروبية.

وإلى ذلك، فإن ما هو متوقع مستقبلا من مخاطر أمنية على المملكة المتحدة، فإنها ستجد نفسها مضطر للمحافظة على مشاركتها في مهام السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة الحالية والمستقبلية للاتحاد الأوروبي، وستواصل التنسيق مع الاتحاد الأوروبي بشأن أنظمة العقوبات بموجب السياسة الخارجية والأمنية المشتركة.