يكشف تقرير حديث لصحيفة "واشنطن بوست" عن جوانب مخفيّة في الأشهر الأخيرة من حياة الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ومن ذلك أنّ جهات قطرية كانت تقترح عليه تحبير مقالات في الصحف الأميركية، وتوفر له سُبل ترجمتها.

إيلاف من الرياض: ربما ليست المرة الأولى التي يرتبط فيها اسم الصحافي السعودي الراحل جمال خاشقجي بدولة قطر.

فالتقرير الذي نشرته "واشنطن بوست" بتاريخ 21 ديسمبر الجاري، عن الأشهر الأخيرة من حياة خاشقجي الذي قضى في قنصلية بلاده في اسطنبول في أكتوبر الماضي، يشير بوضوح إلى علاقة متينة مع جهات قطرية، بلغ بها الأمر حدّ اقتراح المواضيع التي سيكتبها عن السعودية في الاعلام الأميركي.

تكشف "واشنطن بوست" عن جانب قالت إنه "اشكالي" ومثير للاستفهام في شخصية جمال خاشقجي، بل ويثير علامات استفهام كبيرة، حتى بين صفوف المتعاطفين مع قضيته، على حدّ تعبير الصحيفة.

تقول الصحيفة إنّ الأكثر إشكالية بالنسبة لخاشقجي كانت صلاته بمنظمة ممولة من قبل قطر، والتي وصفها التقرير بـ"عدو المملكة العربية السعودية الإقليمي".

مواضيع وترجمات

تورد الصحيفة أنّ "الرسائل النصية بين خاشقجي والمدير التنفيذي في مؤسسة قطر الدولية، تظهر أن ماجي ميتشل سالم، قامت في بعض الأحيان باقتراح وصياغة المقالات التي حررها جمال لصحيفة واشنطن بوست".

وماجي ميتشل سالم ناشطة وديبلوماسية أميركية سابقة، تقول إنها صديقة لخاشقجي منذ 12 عاما، لكن الـ"واشنطن بوست" تؤكد أنها حاولت دفع الصحافي المقتول لاظهار تشدّد أكثر في مواقفه تجاه السعودية.

تكشف الصحيفة أن صديقة خاشقجي المرتبطة بقطر، لم تقترح المواضيع وصياغة المقالات لخاشقجي فحسبُ، بل إن منظمتها وفّرت للصحافي مترجما بالانجليزية وباحثا.

تحاول ماجي سالم الدفاع عن علاقتها بخاشقجي، وفي ردها على أسئلة الواشنطن بوست، قالت إن أي مساعدة قدمتها لخاشقجي كانت من صديق يسعى إلى مساعدة صديق على النجاح في الولايات المتحدة.

وأشارت إلى أن قدرات خاشقجي في اللغة الإنجليزية محدودة، مؤكدة أن المؤسسة لم تدفع لخاشقجي ولم تسع للتأثير عليه نيابة عن قطر.

في تقرير نشر في ذات الصحيفة الأميركية التي احتضنت خاشقجي ونشرت مقالاته، قال الصحافي ديفيد أغناتيوس، في 12 أكتوبر الماضي إنّ "خاشقجي اعتاد على الاجتماع بالمديرة التنفيذية لمؤسسة قطر الدولية ماجي ميتشل سالم، في الدوحة، منذ نشوب الخلاف بين الرياض والدوحة".

ولم يكتف أغناتيوس بهذا الكشف، بل أقر بأن "خاشقجي وسالم اجتمعا في لندن، بتاريخ 4 يوليو 2017، في مطعم "كلوس ماغيوري" في حديقة كوفينت، من أجل إبلاغها برغبته في الرحيل إلى واشنطن بعد أن أطلق ولي العهد السعودي برنامجه الشامل للإصلاح. لكن بعد أسبوعين من وصوله لواشنطن، رغب خاشقجي بالتراجع بسبب خطورة ما يفعله، فتوجه إلى مكتب المسؤولة القطرية في أغسطس 2018، وسألها ما إذا كان بإمكانه التوقف عما يفعله، والاكتفاء بالذهاب بعيدًا إلى "جزيرة نائية"، فأجابته بالقول: لا، لا يمكنك التخلي عن ذلك".

"ليس معارضا"

من الجوانب الأخرى التي يكشفها تقرير "الواشنطن بوست" عن الأشهر الأخيرة في حياة خاشقجي، هي صلاته ببلده، فالتقرير يفنّد الوصف الذي يسبغُه الاعلام القطري والتركي والغربي على الصحافي بكونه "معارض بارز" لحكومة بلاده.

يقول التقرير: "كان خاشقجي مدافعاً عن الإصلاح في بلاده، لكنه لم ير نفسه أبدا كمعارض، ولم يؤمن بإحداث تغيير جذري في دولته، لقد استمتع بحرياته الجديدة في الولايات المتحدة، واكتسبت كتاباته اهتماما من طرف الجمهور الغربي الذي يتوجه اليه، لكنه قاوم في كثير من الأحيان دعوات من زملائه ليكون أكثر شدّة في انتقاده للمملكة".

وحتى في الولايات المتحدة، ظل خاشقجي موال لبلده، ومترددًا في قطع العلاقات مع البلاط الملكي.

في سبتمبر 2017، يقول التقرير، أي في ذات الوقت الذي شرع فيه بنشر مقالات الرأي في واشنطن بوست، كان خاشقجي يسعى للحصول على تمويل يصل إلى مليوني دولار من الحكومة السعودية من أجل مؤسسة فكرية اقترح انشاءها في واشنطن، وذلك بحسب وثائق حصلت عليها الصحيفة الأميركية.