سيول: يرى محللون ان كوريا الشمالية ليست لديها نية التخلي عن سلاحها النووي وانها تفوقت على الرئيس الأميركي حديث العهد بالدبلوماسية ودفعته الى الموافقة على عقد قمة مع زعيمها.

رحب ترامب باللقاء الذي عبر كيم جونغ اون عن رغبته في عقده، ووصفه بانه "تقدم رائع" على طريق نزع السلاح لنووي.

لكن المحللين يحذرون من ان الموافقة على اللقاء في وقت مبكر من عملية التقارب تمنح بيونغ يانغ ما كانت ترغب به بشدة من دون الحصول على تنازلت ملموسة في المقابل.

يقول جيفري لويس الخبير في مراقبة الاسلحة لدى معهد ميدلبيري للدراسات الدولية ان كوريا الشمالية تطالب بعقد قمة مع رئيس أميركي منذ أكثر من عشرين عاما، "لقد كان هذا الأمر حرفياً هدفاً رئيسياً لسياستها الخارجية".

ويضيف ان "كيم يدعو ترامب ليبرهن ان استثماره في القدرات النووية والصاروخية أرغم الولايات المتحدة على معاملته على قدم المساواة".

لم يسبق أن قابل أي رئيس أميركي قادة كوريا الشمالية، ناهيك عن الذهاب الى بيونغ يانغ. 

لقد دعا الزعيم الكوري الشمالي الراحل كيم جونغ ايل بيل كلينتون للمجيء بعد أول قمة كورية شمالية جنوبية في سنة 2000، لكن كلينتون رفض وزار الشمال بعد نهاية رئاسته لضمان الافراج عن سجناء أميركيين.

وقام الرئيس الاسبق جيمي كارتر كذلك بمهمة انسانية وبزيارات أخرى من اجل دعم السلام في شبه الجزيرة الكورية.

وفي حال عقدت القمة، وترامب بات معروفا بأسلوبه الخارج عن المألوف، ستكون تاريخية ولا ينبغي التقليل من شأنها، وفق جون دولوري من جامعة يونساي في سيول. ويقول دولوري ان "التعاطي مع كوريا الشمالية أمر غاية في الصعوبة. هذه البداية وليست الحل الكبير. ولكنها بداية جيدة جدا".

 عقوبات قاسية حقا

بعد أشهر من التوتر المتصاعد الذي تخللته شتائم شخصية وتهديدات بالحرب من الجانبين، بدت الطريق فجأة ممهدة أمام المساعي الدبلوماسية هذه السنة وتركز معظمها على استضافة كوريا الجنوبية الالعاب الأولمبية الشتوية.

ويقول خبراء ان بيونغ يانغ دُفعت الى الانفتاح على الولايات المتحدة تحت وطأة العقوبات المشددة على اقتصادها والتحذيرات المتكررة من ضربة عسكرية تقررها ادارة ترامب.

ويقول اندري لانكوف من "مجموعة كوريا للمخاطر" لفرانس برس ان الصين وهي الشريك التجاري الرئيسي ليونغ يانغ فرضت "عقوبات قاسية للغاية لأول مرة" على كوريا الشمالية التي كان يتوقع ان يبدأ اقتصادها "بالانهيار" خلال سنة.

ويضيف ان "الأهم هو الخوف من عملية عسكرية تنفذها واشنطن. والكوريون الشماليون لا يريدون أن يكونوا في مرمى النيران".

ولكن بيونغ يانغ "ستحاول كسب الوقت قدر المستطاع. وسيتحدثون عن نزع السلاح النووي مطولا من دون أن تكون لديهم أي نية بتسليم سلاحهم الذري".

قال موفدو كوريا الجنوبية الذين حملوا رسالة كيم الى ترامب ان الزعيم الشمالي قال انه "ملتزم بنزع السلاح النووي" واعرب عن رغبته في لقاء ترامب بأسرع وقت.

ووعد كذلك بوقف التجارب النووية والصاروخية خلال المحادثات.

ولكن الشمال بات يمتلك صواريخ قادرة على استهداف البر الأميركي وفجر السنة الماضية "قنبلة هيدروجينية"، حسب سلطاته التي لطالما أكدت على قدراتها النووية المكتملة في حين أعلن كيم اتمام مراحل تطوير قواته النووية.

مغامرة استراتيجية

ويقول ايفلان ميديروس مدير الشؤون الآسيوية في مجلس الأمن القومي في عهد باراك أوباما ان قرار ترامب المفاجىء بلقاء كيم "مجازفة استراتيجية كبرى (...) لم نلمس مؤشرات واضحة على رغبة كيم في التخلي عن أسلحته النووية"، مشيرا الى ان الشمال كان على الدوام "ماهرا في الخداع".

لقد نجح كيم على الأرجح في الحصول على موافقة ترامب بعقد لقاء مستفيدا من تغني ترامب بنفسه بصفته "أفضل من يعقد صفقات" في العالم، ومن رغبة رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن باحلال السلام عبر الحوار.

واذا ذهب البيت الابيض الى القمة فلن تسبقها تحضيرات دبلوماسية على الأرض نظراً لأن ترامب لم يعين بعد سفيرا في سيول. وليس لدى البيت الأبيض خبرة في المنطقة، فمهما تكن مهارات ترامب التفاوضية فإن قلة من مسؤولي إدارته لديهم خبرة في ادارة مثل هذه العملية المعقدة "مع مثل هذا المحاور المراوغ"، وفق ميديروس.

ويتوقع ابراهام دنمارك مدير برنامج آسيا في مركز ويلسن، ان "كيم سيحقق حلم والده وجده بجعل الشمال دولة نووية وسيكسب هيبة كبيرة وشرعية عبر لقائه رئيساً أميركياً بصفته نداً له. كل هذا من دون التخلي عن رأس (نووي) واحد ولا حتى صاروخ".