يرى خبراء أن للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أسبابًا عدة للرد عسكريًا على هجوم كيميائي مفترض في سوريا، بدءًا بمصداقيته بشأن "الخطوط الحمر" و"تفاهمه" مع دونالد ترمب حول النووي الإيراني.

إيلاف: سيتحول الرئيس الفرنسي، الذي كان واضحًا بشأن نواياه، للمرة الأولى إلى قائد عسكري لإصدار أوامر بتنفيذ عملية عسكرية، بعدما ورث عن سلفه العمليتين ضد الجهاديين في المشرق والساحل.

مصداقية على المحك
ستعلن فرنسا ردها على الهجوم "في الأيام المقبلة" بالتنسيق مع شركائها الأميركيين والبريطانيين، كما قال الثلاثاء ماكرون، مؤكدًا علنًا أنه ينوي "ضرب القدرات الكيميائية التي يملكها النظام" السوري.

ويرى عدد من الخبراء أنه ليس أمام ماكرون أي خيار آخر إذا أراد أن يترجم عبارة "وجود خطوط حمر" في سوريا. ووفقًا لهذا المبدأ ستعمد فرنسا إلى شن ضربات عندما يتخذ الهجوم الكيميائي طابعًا "فتاكًا"، و"تثبت" مسؤولية النظام.

ورأى برونو تيرتري الخبير في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية أنه "خلافًا للأحداث المفترضة أو المحققة التي وقعت في الأشهر الأخيرة، فإن ما حصل في دوما السبت انتهاك كبير وفاضح للخطوط الحمر الغربية". وأكد بدون مواربة أنه "في حال لم تتحرك فرنسا سنفقد مصداقيتنا، في حين أن كل المعايير قائمة وواضحة".

أيد مكبلة
بحسب "الخوذ البيضاء" ومنظمة "سيريان أميريكان ميديكال سوسايتي" غير الحكومية، فقد قتل أكثر من أربعين شخصًا السبت في الغوطة الشرقية المعقل الأخير السابق للمعارضة قرب دمشق.

وقال فرنسوا هيسبورغ رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: "بتكرار تصريحه حول (الخطوط الحمر) اختار إيمانويل ماكرون تكبيل يديه. ووجد نفسه في وضع أوباما في 2013، وفي حال اختار عدم احترام هذا الواجب، فسيدفع ثمنًا سياسيًا".

في أغسطس 2013 عدل باراك أوباما في اللحظة الأخيرة عن ضرب النظام السوري بعد هجوم مماثل. وعلق هيسبورغ: "مذاك من بوتين إلى شي جينبينغ مرورًا بنتانياهو، لم يعد أحد يأخذه على محمل الجد".

فرنسا التي كانت البلد الأول الذي يوظف عددًا كبيرًا من الأشخاص لإنتاج الأسلحة الكيميائية في التاريخ العسكري في 1915 هي أيضًا في الخط الأمامي لمكافحة انتشار الأسلحة الكيميائية، وأعربت عن قلقها للسابقة التي قد يشكلها ما حدث في سوريا.

الكثير ليكسبه 
عشية زيارة دولة إلى واشنطن في 24 إبريل، لدى إيمانويل ماكرون "الكثير ليكسبه" من ضربات محتملة من ناحية سمعته لدى دونالد ترمب، كما قال بنجامان حداد، الباحث في "هادسن إنستيتيوت" في واشنطن.

وقال في مجلة "فورن بوليسي": "بنى الرئيسان علاقة شخصية متينة". ويشيد دونالد ترمب دائمًا بماكرون منذ زيارته لباريس في 14 يوليو 2017 بمناسبة العيد الوطني.

لكنه لاحظ أنه منذ الاتفاق حول المناخ إلى النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني فإن هذه العلاقة الجيدة، خلافًا لتلك التي يقيمها ترمب مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لم تترجم حتى الآن بـ"نتائج ملموسة".

في واشنطن قد يحقق إيمانويل ماكرون اختراقًا إذا اقنع الرئيس الأميركي بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني تحت طائلة زعزعة منطقة الشرق الأوسط برمتها.

القرار الأميركي حول الاتفاق قد يتخذ في 12 مايو. وسيقرر دونالد ترمب عندها مجددًا ما إذا كان سيفرض عقوبات على إيران أم لا، حتى وإن أدى ذلك إلى تخريب النص المفترض أن يمنع طهران من التزود بالسلاح النووي. وقال فرنسوا هيسبورغ إنه في مثل هذه الأجواء فإن "إظهار وحدة فرنسية - أميركية حول سوريا لن يضر" خلال زيارته واشنطن.