«إيلاف» من لندن: اتهمت منظمة حقوقية دولية السلطات العراقية اليوم بممارسة عقاب جماعي ضد افراد عائلات المشتبه بإنتمائهم الى تنظيم داعش ومصادرة منازلهم واملاكهم داعية العبادي الى اتخاذ موقف واضح ضد هذا الشكل من العقاب ومكافحته من جذوره.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية الخميس إن ضباط أمن عراقيين يرفضون تقديم تصريح أمني لأقارب مباشرين لمشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش لاستعادة المنازل التي سيطروا عليها، أو التماس التعويض كما دمرت قوات الأمن أو صادرت بعض الممتلكات.
وحذرت المنظمة في تقرير لها اليوم تابعته “إيلاف" من ان هذه الأفعال المستندة إلى العلاقات الأسرية مع المشتبه بإنتمائهم لداعش، بدلا من القرارات الأمنية بناء على الحالة تعتبر أحد أشكال العقاب الجماعي.
تمييز يؤدي لمزيد من الانقسامات الطائفية
وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، "تستحق هذه العائلات الحماية نفسها التي توفرها المحاكم العراقية لجميع المواطنين. على المحاكم أن تضمن عدم التمييز الذي لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات الطائفية في البلاد وتأخير المصالحة المرجوة."
واوضحت المنظمة انها وثقت تقارير عن العقبات التي تواجه عائلات أفراد المشتبه بانتمائهم لداعش، في الحصول على الوثائق المدنية اللازمة للمقاضاة أو التقدم بطلب للحصول على تعويض، حيث يتطلب قيام "جهاز الأمن الوطني" التابع لوزارة الداخلية إجراء فحص أمني للحصول على هذه المستندات، لكن العائلات لا تتخطى الفحص الأمني تلقائيا إذا كان أقاربها مدرجين في قائمة الأشخاص المطلوبين بسبب الانتماء لداعش.
الاستيلاء على منازل اقارب المشتبه بانتمائهم لداعش
وقال حميد الزيرجاوي، نائب رئيس جهاز الأمن الوطني، لـ هيومن رايتس ووتش في 17 أبريل 2018، إن عائلات المشتبه بهم لا ينبغي أن يواجهوا مشكلة في الحصول على تصريح أمني بناء على وضع أقاربهم، لكنه لم ينكر أن ذلك قد يحدث على المستوى المحلي.
ومن جهتهم، اوضح 5 محامين وقائد الشرطة السابق في الموصل وقاضٍ رفيع في محكمة الموصل، أن قوات الأمن العراقية أو عائلات أخرى استولوا على ممتلكات أقارب أفراد يشتبه بانتمائهم لداعش منذ نوفمبر 2016، عندما بدأت القوات الحكومية باستعادة المدينة من داعش، رغم أنه لم يستطع أي منهم توفير إحصاءات على مستوى المدينة.
واشار المحامون الى أنهم يعرفون ما لا يقل عن 16 حالة احتلت فيها قوات الأمن الفيدرالية والمحلية منازل عائلات أقارب يشتبه بانتمائهم لداعش، فروا موقتًا خلال القتال في 2016، مما منع العائلات من العودة.
قوات الامن تحتل منازل العائلات
وفي 5 حالات أخرى، أجبرت قوات الأمن العائلات على الخروج من منازلها واحتلالها وفي حالتين، رفضت العائلات التي استولت على المنازل في وقت لاحق الخروج أو دفع الإيجار.
وقال أحد قادة المجتمع المحلي في حي الحدباء شرق الموصل في فبراير 2018 إنه حاول في أبريل 2017 مساعدة امرأة عجوز احتلت شقتها عائلات نازحة من غرب الموصل لحملهم على دفع الإيجار لكن جهاز الأمن الوطني وضباط مخابرات الشرطة المحلية تدخلوا وقالوا لها إنها لا تستطيع طلب الإيجار، لأن ابنها انضم إلى داعش وحذروها من العودة.
مصادرة منازل في الموصل
تعيش نوفة هادي حسين (54 عامًا) في مخيم جنوب الموصل. قالت في 8 مارس إنها تملك منزلاً في حي سومر غرب الموصل، كانت عائلتها تؤجره منذ سنوات. لكنها قالت إن في ديسمبر، رفض المستأجرون الدفع، ظنًا منهم على ما يبدو أنهم يستطيعون الإفلات لأن 2 من أبنائها انضموا لداعش. وقالت إنها حاولت الذهاب إلى المحكمة، ولكن أخبرها ضابط مخابرات "أنت من عائلة داعش، وليست لديك حقوق وابلغها القاضي إنه إذا لم تغادري الآن سنكسر ساقيك"، فلم تستطع دخول قاعة المحكمة.
وتحدثت هيومن رايتس ووتش مع 7 أشخاص آخرين لديهم معلومات حول مصادرة المنازل في الموصل، فاستشهدوا بحالات في أحياء الزهراء، الخضراء، الطيران، الوحدة والحدباء، حيث شاركت مختلف القوات في المصادرة، بما فيها الشرطة المحلية والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي فقالوا إنهم يعرفون حوالي 16 مصادرة لمنازل مسجلة لمشتبهين من داعش أو أقاربهم وفي كل حالة، لم يتمكن أصحابها أو أقاربهم من استعادة ممتلكاتهم، حتى عندما طلبوا تعويضًا قضائيًا.
وتحدثت المنظمة أيضا إلى عائلتين لهما أقارب انضموا إلى داعش، وقالوا إنه عندما عادوا إلى ديارهم، وجدوا أن جميع ممتلكاتهم منهوبة.
الدستور العراقي يحظر مصادرة الممتلكات
وقد أقر عبد الستار الحبو، مدير بلدية الموصل، أن بعض قوات الأمن احتلت بشكل غير قانوني منازل عائلات أعضاء داعش، لكنه قال إن القضاة قادرون على معالجة هذه الحالات إلا أنه لا يمكن النظر في حالاتهم دون تقديمهم تصريحا أمنيا.
وتحظر المادة 23 من دستور العراق (2005) مصادرة الممتلكات، "إلا لأغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل". يحدد "القانون المدني لعام 1951" الآلية القانونية الرئيسية للحماية القانونية والإجراءات الرامية إلى استعادة العقار من الذين "انتزعوا الحيازة" (المادة 1150) و"الغاصبين" (المواد 192-201).
لكن قائد الشرطة السابق في الموصل، واثق الحمداني، اوضح إنه إذا كان المنزل مسجلاً باسم عضو من داعش، يمكن للقاضي أن يستولي على المنزل قانوناً باسم الدولة، بل ويعطي البيت لمالك آخر واوضح إنه يعرف حالات تمت فيها مصادرة الممتلكات.
قانون الارهاب يجيز مصادرة الاموال والممتلكات
واكد قاضٍ في محكمة الاستئناف في نينوى في 4 أبريل أن هذا الأمر مبرر بموجب "قانون مكافحة الإرهاب"، الذي نص على أن "تُصادر كافة الأموال والمواد المضبوطة والمبرزات الجرمية أو المهيئة لتنفيذ العمل الإجرامي". ولم يوافق رئيس المحكمة على ذلك، قائلا إنه يتجاوز حدود النص، لكنه أقر بأن بعض القوات في الموصل، بما فيها الشرطة، تشغل منازل بشكل غير قانوني بهذه الطريقة.
وقد انكرت "لجنة تعويض المتضررين" في الموصل منع عائلات أفراد داعش من الحصول على تعويضات، قائلة إنه ينبغي أن يتمكنوا من الحصول على تصريح أمني من الأمن الوطني للقيام بذلك.
لكنّ محاميًا خبيرًا في الحصول على التصاريح الأمنية وأحد عمال الإغاثة، اكد إن جميع عائلات من يشتبه أنهم من داعش حرموا من التصريح. نتيجة لذلك فيما قالت كل عائلة تمت مقابلتها، ولها أقارب انضموا إلى داعش إنها لا ترى جدوى من محاولة تقديم طلب للحصول على تعويض.
دعوة العبادي لاتخاذ موقف ضد العقاب الجماعي
واشارت المنظمة الى ان من القواعد الأساسية بموجب القانون الدولي أنه لا يجوز فرض عقوبة على الجرائم إلا على الأشخاص المسؤولين عن الجرائم، بعد محاكمة عادلة لتحديد الذنب الفردي. كما يحظر فرض العقاب الجماعي على العائلات أو القرى أو المجتمعات بأكملها تمامًا، ويمكن أن يشكل جريمة بحد ذاته، خاصة إذا كان يؤدي إلى النزوح القسري. كما يجب على السلطات العراقية احترام حقوق الإنسان الأساسية لكل شخص في البلد بما في ذلك الحق في احترام الممتلكات والمنازل، وتجنب عمليات الإخلاء القسري.
وفي الختام، قالت فقيه نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "على رئيس الوزراء (حيدر العبادي) أن يظهر أن مكتبه يتخذ موقفا واضحا ضد هذا الشكل من العقاب الجماعي وأنه سيكافحه من جذوره. عليه أن يأمر أجهزة المخابرات بإعطاء هذه العائلات التصاريح الأمنية، وأن يوضح أن الأشخاص الذين يرتكبون جرائم يجب محاكمتهم ومعاقبتهم بشكل عادل، ولكن ليس عائلات بأكملها".
التعليقات