بروكسل: تصاعد الخلاف بين فرنسا وايطاليا خلال الاسبوعين الماضيين بشكل كبير، ووصل الامر الى حد تبادل الاتهامات العلنية وحتى الشتائم.

وقال وزير الداخلية الايطالي ماتيو سالفيني السبت "ليوقف الوقح ماكرون شتائمه"، فرد عليه الرئيس الفرنسي الاحد قائلا "نحن لا نقبل تلقي الدروس من احد".

وادى هذا التصعيد بين الدولتين الى توتر اجواء القمة المصغرة الاوروبية التي عقدت الاحد في بروكسل لبحث مسألة المهاجرين، حيث هاجمت ايطاليا بشدة الاقتراح الفرنسي باقامة "مراكز مغلقة" للمهاجرين الذين يصلون بحرا الى ايطاليا داخل اراضي هذا البلد.

ويعتقد القادة الايطاليون الشعبويون الجدد ان الرئيس الفرنسي يمثل اوروبا التي تريد ان تغسل يديها من مشاكل المهاجرين.

العدو رقم واحد

وبعد التغريدة التي كتبها الرئيس الفرنسي السبت واقترح فيها اقامة هذه المراكز المغلقة، تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي في ايطاليا بشكل عنيف ضده.

وكتب احد الايطاليين على تويتر "ليأخذ المهاجرين الى بلاده"، ليعكس بذلك موقفا بات معاديا لدى غالبية الايطاليين حسب ما اكدته اخر استطلاعات الراي.

وقال لويجي دي مايو زعيم حركة خمس نجوم ان ماكرون "بات منقطعا تماما عن الواقع، لقد انتهت فترة اهتمام ايطاليا بكل شيء" بالنسبة الى المهاجرين.

واضاف دي مايو مخاطبا الرئيس الفرنسي "عندما تطالب بنقاط ساخنة (مراكز فرز) في الدول التي يصل اليها اللاجئون اولا بأول، فانك انما تقول لايطاليا +انت مسؤولة+. هذا الامر لم يعد واردا. لن نتراجع عن موقفنا قيد انملة".

وختم دي مايو قائلا ان هذه المواقف للرئيس الفرنسي انما تدفع نحو اعتبار فرنسا "العدو الاول" لايطاليا.

الا ان ماكرون كان مد يده الى الحكومة الايطالية في محاولة لتقريب المواقف بين البلدين، فجاءت ازمة سفينة الاكواريوس في العاشر من حزيران/يونيو لتؤزم الوضع.

وبعد ان رفضت روما السماح لهذه السفينة التي كانت تقل 630 مهاجرا بالرسو على شواطئها، ندد ماكرون بهذا الموقف الايطالي ووصفه ب"المعيب وغير المسؤول"، من دون ان يعرض استقبال فرنسا لهذه السفينة.

وطالب وزير الداخلية الايطالي سالفيني ماكرون بالاعتذار عن هذا الموقف واورد امكانية الغاء زيارة مقررة لرئيس الحكومة جوزيبي كونتي الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي. الا ان التهدئة حصلت وزار كونتي الاليزيه في الخامس عشر من حزيران/يونيو.

وصدر الاقتراح الفرنسي الجمعة باقامة هذه المراكز المغلقة للاجئين غير الشرعيين في ايطاليا واسبانيا لتشعل الخلاف مجددا.

وزاد الرئيس الفرنسي الطين بلة عندما صرح بانه "لا توجد ازمة هجرة في ايطاليا انما ازمة سياسية" ما دام تدفق المهاجرين "تراجع بنسبة 80%" منذ عام، قبل ان يضيف "ان الذين يقولون العكس لا يقولون الحقيقة".

الا انه اضاف ان فرنسا لن تقبل بعبور لاجئين غير شرعيين من ايطاليا الى فرنسا.

موقف متشدد

يعتبر ماكرون ان ايطاليا عندما ترفض استقبال سفن المنظمات غير الحكومية التي تنقل اللاجئين، انما تنتهك القوانين الدولية وايضا "القيم الاوروبية" في مجال حقوق الانسان.

وقال في هذا الصدد الاحد في بروكسل "لن اساوم ابدا على هذه النقطة".

وعندما تكلم ماكرون قبل ايام عن "مرض الجذام الذي ينتشر" في اوروبا، في اشارة الى تنامي دور الحركات القومية المتشددة، اعتبر القادة الايطاليون هذا الهجوم مباشرا عليهم.

ورد عليه سالفيني بالقول "قد نكون شعبويين من حملة مرض الجذام، الا انني افضل اخذ الدروس من الذي يفتح مرافئه. قم باستقبال الاف المهاجرين وبعدها نتكلم".

ودخل البلدان بعدها في جدال حول الارقام. باريس تقول انها استقبلت منذ مطلع السنة الحالية طلبات لجوء اكثر مما فعلت ايطاليا. فرد عليه وزير الداخلية الايطالي بالقول ان ايطاليا "استقبلت 650 الف شخص خلال اربع سنوات وتلقت 430 الف طلب..".

وتابع سالفيني "اذا كان هذا الامر لا يعتبر مشكلة بالنسبة الى الوقح ماكرون، ندعوه الى وقف شتائمه، واثبات كرمه عبر فتح المرافىء الفرنسية العديدة، والتوقف عن طرد الرجال والنساء في فنتيميلي"، المعبر البري بين ايطاليا وفرنسا.