شهدت منطقة الريف في شمال المغرب مواجهات وتوقيفات الجمعة، بحسب مصادر متطابقة، وذلك إثر أحكام الإدانة التي صدرت خلال هذا الأسبوع بحق قادة "حراك الريف".

إيلاف من الرباط: قال مصدر في السلطات المحلية لوكالة فرانس برس إن "نحو 60 شابًا قطعوا بحواجز طريقًا رئيسًا في وسط بلدة بوكيدارن (ضواحي الحسيمة) ورشقوا قوات الأمن بالحجارة لما تدخلت لفتح الطريق". أضاف إن "عشرة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بجروح متفاوتة، وأصيب أحدهم بجروح بالغة، بسبب طعنه بالسلاح الأبيض، ونقلوا جميعًا إلى المستشفى". 

أعقب ذلك "توقيف ستة أفراد جرى تصويرهم، وسيتم تقديمهم إلى العدالة وفق القانون". وتحدثت وسائل إعلام محلية عن توقيفات وصدامات بين متظاهرين وقوات الأمن في بلدات قريبة من الحسيمة.

وقال ناشط محلي في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لوكالة فرانس برس إن عضوًا في الجمعية تم توقيفه الجمعة في بلدة إمزرون، مشيرًا إلى توقيفات أخرى في الحسيمة وبوكيدارن.

حكم القضاء المغربي مساء الثلاثاء على قائد حركة الاحتجاج ناصر الزفزافي وثلاثة من رفاقه بالحبس لمدة 20 سنة، بعدما أدانهم بتهمة "المشاركة في مؤامرة تمسّ بأمن الدولة"، على خلفية الاحتجاجات التي هزت مدينة الحسيمة ونواحيها (شمال) بين خريف 2016 وصيف 2017. كما أُدين 49 متهمًا آخرين بالسجن بين عام و15 عامًا.

وحكم مساء الخميس على الصحافي حميد المهداوي بالسجن مدة ثلاث سنوات، بعد إدانته بعدم التبليغ عن جناية تمسّ أمن الدولة، على خلفية الحراك. 

وخلفت هذه الأحكام استياء لدى أوساط حقوقية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة، ووصفتها أحزاب سياسية بأنها "قاسية"، في حين تؤكد السلطات المغربية أن المحاكمة تمت مع احترام للمعايير الدولية، وحضرها مراقبون حقوقيون أجانب، وتابعتها الصحافة.

وشددت أحزاب الغالبية الحكومية الجمعة على "احترام استقلال القضاء وعلى ضمان شروط المحاكمة العادلة التي يقرّها الدستور"، مشيرة في بيان إلى "حق استئناف الأحكام" و"ما يفتحه من آمال لدى المتهمين وأسرهم في مراجعتها".

وعقدت أحزاب الغالبية الحكومية اجتماعًا لقادتها أمس، برئاسة رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني، وبحضور الأمناء العامين، ناقشوا فيه الأحكام القضائية الصادرة في حق معتقلي مدينة الحسيمة ونواحيها. 

وأشارت أحزاب الغالبية الحكومية في بيان تلقت "الشرق الأوسط" نسخة منه، إلى أن "محاكمة المتهمين في هذه الأحداث دامت حوالى تسعة أشهر، وعرفت تمكين الدفاع من عرض وجهات نظره في الموضوع وفقًا لما يخوّله له القانون، فالمغاربة سواسية أمام القانون، ودولة المؤسسات تسري على الجميع بما تعنيه من حقوق وواجبات".

أضاف المصدر عينه أن أحزاب الغالبية تذكر بأن هذه الأحكام "قد تم إصدارها على المستوى الابتدائي، فإنه من حق المتهمين ودفاعهم اللجوء إلى استئنافها، طبقًا للمساطر القضائية الجاري بها العمل، بما يفتحه ذلك من آمال لدى المتهمين وأسرهم في مراجعة هذه الأحكام، كما تتطلع إلى ذلك أحزاب الغالبية"، في إشارة إلى عدم رضاها عن الأحكام.

بخصوص تنفيذ البرنامج التنموي "الحسيمة منارة المتوسط"، ذكر البيان بموقف أحزاب التحالف "المتفاعلة إيجابًا مع المطالب المشروعة، والمعبّر عنها من قبل الساكنة، وتؤكد حرص الحكومة على تنفيذ التعليمات الملكية السامية الهادفة إلى إتمام إنجاز هذا البرنامج في أحسن الظروف وفي الآجال المقررة"، ولفت المصدر عينه إلى أن القطاعات والمؤسسات المعنية اتخذت "التدابير اللازمة في ذلك، وهو ما مكّن من الانتهاء من إنجاز العديد من الأوراش وتحقيق تقدم كبير في ما تبقى منها".

وأعلن نائبان عن "فدرالية اليسار الديموقراطي" (معارضة برلمانية) الجمعة أنهما سيقدمان اقتراح قانون من أجل عفو عام عن معتقلي الحراك.

وعبّرت النقابة الوطنية للصحافة والجامعة الوطنية للصحافة عن "صدمتهما القوية" إثر الحكم على المهداوي، وقالتا في بيان مشترك الجمعة إنهما تنتظران "الإفراج عنه" بعد مراجعة الحكم في الاستئناف.

من جهته، قال اتحاد كتاب المغرب إنه تلقّى بــ"استياء كبير"، نبأ "صدور أحكام ثقيلة وقاسية في حقّ نشطاء حراك الريف"، الذين "طالبوا فيها بأبسط الحقوق المشروعة من شغل وتعليم وصحّة وتنمية اقتصاديّة واجتماعيّة وثقافيّة".

وعبر اتّحاد كتّاب المغرب، في بيان أصدره، الجمعة ، عن "تضامنه المطلق مع المحكوم عليهم، مع استغرابه من ما تعرفه البلاد من ردّة في مجال الحقوق والحرّيات قد تُجْهز على ما تمّت مراكمته من مكتسبات في الحقل الديموقراطي الوطني خلال العقدين الأخيرين".

واعتبر البيان أن "الأحكام القاسية المذكورة شكّلت صدمة حقيقيّة للرأي العام الوطني بمختلف مستوياته، بالنظر إلى كونها غير مبرَّرة ولا تُقدّم أيّ حلّ لما يتخبّط فيه المجتمع الريفي من مشاكل مستعصيّة".