ترودو وزوجته صوفي
AFP
ترودو وأعضاء حكومته وصلوا إلى مقر الحكومة في حافلة واحدة، واعتُبرت حكومته هي الأكثر تنوعا في تاريخ البلاد

أظهرت استطلاعات الرأي تراجع شعبية رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، بعد الأزمة المتعلقة بشركة المقاولات الكندية إس إن سي لافالين، والتي استقال على إثرها ثلاثة من أبرز معاونيه.

وبحسب هيئة الإذاعة الكندية، أظهرت استطلاعات الرأي التي أُجريت بعد الأزمة تساوي الأصوات بين الحزبين الليبرالي والمحافظ في الانتخابات المقررة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بل ترجح المزيد من التراجع في فرص الحزب الليبرالي.

ونستعرض هنا اللحظات التي صنعت شعبية ترودو الجارفة، محليا وعالميا، وأخرى قوضت من هذه الشعبية حتى وصلت إلى الأزمة الأخيرة.

حكومة شديدة التنوع

كان تشكيل الحكومة من أوائل المحطات التي رفعت من أسهم ترودو محليا وعالميا. فلأول مرة في تاريخ البلاد، تساوى عدد الذكور والإناث في الحكومة المكونة من 15 وزيرا و15 وزيرة.

كما وُصفت الحكومة بأنها شابة، والأكثر تنوعا عرقيا وعقائديا، إذ ضمت وزراء من ديانات مختلفة، ومن أصول ممثلة لكل مجموعات السكان في البلاد.

وكانت جودي ويلسون-رايبولد، وزيرة العدل السابقة التي بدأت الأزمة الأخيرة باستقالتها، هي ممثلة السكان الأصليين في الحكومة.

وحفل تنصيب وقسم الحكومة كان محل أنظار الكثيرين، إذ وضع الحزب الليبرالي شاشات للبث الحي أمام مقر الحكومة، ووجه دعوة عامة للجمهور لحضور القسم.

وعلى عكس التقليد المتبع من وصول الوزراء في سيارات فارهة، وصل الوزراء إلى مقر الحكومة في حافلة واحدة. ونزل ترودو بنفسه لتحية الجماهير، والتقاط صور سيلفي معهم.

استقبال اللاجئين

تعهد ترودو في حملته الانتخابية، عام 2015، باستقبال 25 ألف لاجئ من مناطق الصراع في الشرق الأوسط، أكثرهم من سوريا.

وبعد تولي الحكومة رسميا، أعلن وزير الهجرة والجنسية الكندي جون مكالوم أن برنامج التوطين الكندي سيوسع في عام 2016 ليشمل 50 ألفا من اللاجئين.

وظهر ترودو أمام الكاميرات وهو يستقبل اللاجئين بنفسه في المطارات. وفي مارس/آذار 2016، أعلن أن حكومته حققت هدفها بإعادة توطين العدد المعلن عنه.

ورفع الأمر من أسهم ترودو، حتى أن أسرة سورية من المهاجرين أطلقت اسم رئيس الوزراء على ابنها الرضيع الذي وُلد في كندا.

والتقطت عدسات الكاميرات لقاء ترودو بالرضيع في يوليو/تموز 2017، في مشهد أسر قلوب الكثير من محبي رئيس الوزراء الكندي حول العالم.

دموع ترودو

تكرر بكاء ترودو في أكثر من مناسبة، كان أبرزها أثناء لقاء إذاعي في ديسمبر/كانون الأول عام 2016، عندما التقى بأسرة سورية لاجئة كان قد استقبلها في مطار بيرسون الدولي قبل عام.

وقال ترودو إنها لحظة رائعة بالنسبة له تذكره بما يمكن أن تقدمه كندا.

ومرة أخرى، في عام 2017، نعى ترودو مغني الروك الكندي، غورد داوني، بعيون تلمؤها الدموع. وكان داوني قد توفي عن 53 عاما بعد إصابته بالسرطان.

وأثارت دموع ترودو جدلا، إذ اعتبرها جمهوره تعبيرا صادقا عن مشاعره. في حين رأى آخرون أنها بهدف كسب المزيد من الشعبية السياسية.

رسائل في جوارب

ترودو في مسيرة الفخر في يونيو/حزيران 2017
Reuters

عادة ما يختار القادة والشخصيات العامة توجيه رسائل أو التعبير عن مواقف باستخدام الملابس، أبرزها رابطات العنق أو الحلي المثبت بها. لكن ترودو وقع اختياره على الجوارب.

فمثلا، أثناء مشاركته في واحدة من مسيرات الفخر في تورونتو في صيف 2017، ارتدى ترودو جوربا بألوان قوس قزح. وحمل الجورب عبارة "عيد مبارك"، لتزامن المسيرة مع عيد الفطر.

كما ارتدى جوارب بأشكال سلسلة أفلام حرب النجوم أثناء لقاءه رئيس وزراء أيرلندا في مايو/أيار 2017.

وظهر كذلك في مناسبات متعددة وهو يرتدي جوارب لشخصيات كرتونية.

وفي منتدى دافوس الاقتصادي في يناير/كانون الثاني 2018، لفت ترودو الأنظار بتشكيلة من الجوارب. فأثناء لقاء جمعه بالناشطة الباكستانية الشابة مالالا يوسفزاي، ارتدى ترودو جوربا بنفسجيا عليه رسم لمجموعة من البط المطاطي الأصفر.

وفي لقاء على هامش المنتدي، أهداه رئيس شركة كوكاكولا جوربا عليه رسم كارتوني وشعار الشركة.

الألعاب الرياضية

ظهر ترودو أكثر من مرة وهو يمارس ألعاب رياضية مختلفة، فتارة يمر في أحد الشوارع بملابس الجري صباحا، وأخرى يظهر في صورة حفل زفاف على أحد الشواطيء وهو يمارس رياضة التزحلق على الأمواج.

كما أُعيد نشر واحدة من أبرز اللقطات عبر حسابه على تويتر، والتي ترجع إلى عام 2013. وظهر فيها وهو يستند على يديه على أحد المكاتب ويرفع ساقيه في الهواء. وهي اللقطة التي أثارت إعجاب الملايين من محبيه حول العالم.

لكن على قدر إعجاب الملايين بترودو وروحه الشابة ونشاطه الرياضي، اعتبر منتقدوه أنها جزء من الدعاية لكسب المزيد من الشعبية.

حتى أن ممثلة حزب المحافظين المعارض قالت في جلسة استجواب في البرلمان: "أتمنى أن يستعرض رئيس الوزراء مهاراته الرياضية فيما يتعلق بالموازنة، بقدر ما يفعل أمام الكاميرات".

وهنا نستعرض أبرز المواقف التي قوضت من شعبيته

تداعيات استقبال اللاجئين

لاجئون يعبرون الحدود بشكل غير قانوني من الولايات المتحدة إلى كندا
Toronto Star via Getty Images
المعارضون يقولون إن حكومة ترودو فتحت الحدود لعشرات الآلاف من اللاجئين دون خطط واضحة لآليات دمجمهم

يوجه مراقبون انتقادات واسعة لطريقة تعامل حكومة ترودو مع ملف اللاجئين، بشكل يضمن استدامة دعمهم وتأهيلهم للاندماج.

واتهم المعارضون الحزب الليبرالي وترودو باستغلال ملف للاجئين للدعاية، والتركيز على الصور الإعلامية لاستقبال اللاجئين، وحجب المشاكل التي يواجهونها في البلاد.

وذكر تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في يناير/كانون الثاني الماضي أن الكثير من اللاجئين السوريين الذين قدموا للبلاد عن طريق برنامج دعم الأفراد اللاجئين، يواجهون الآن ظروفا قاسية بعد تخلي الداعمين الكنديين عنهم وغياب بديل حكومي.

وما زال يعيش عشرات الآلاف من اللاجئين الوافدين على الإعانات الحكومية، وهو الأمر الذي يجلب المزيد من المصاعب لعدم قدرتهم على توفير المال الكافي لتعلم اللغة الإنجليزية أو الفرنسية والاندماج في الثقافة المحلية.

كما يفتقد الكثيرون منهم للمؤهلات العلمية أو التقنية اللازمة للحصول على وظائف، وتأمين دخل مستقل.

وتفاقمت الأزمة مؤخرا بعد استيفاء اللاجئين لعدد الأيام المطلوبة لاستحقاق الجنسية الكندية، في حين تواجه طلباتهم بالرفض لعدم قدرتهم على استيفاء باقي الشروط.

ويحتاج مجلس اللاجئين والمهاجرين إلى 140 مليون دولار للتعامل مع متطلبات اللاجئين المتزايدة، وهي ميزانية تفوق الحالية بأربعة أضعاف، ولا تقدر الحكومة على الوفاء بها.

أزمة الموازنة

وزير المالية، بيل مورنيو
Reuters
وزير المالية، بيل مورنيو، قال إنه يجب التمتع بقدر من المرونة لاستيعاب المتغيرات التي تحول دون الوفاء بالوعد الانتخابي المتعلق بالموازنة

كان الوصول لموازنة بدون عجز بحلول عام 2019 أحد أبرز الوعود الانتخابية للحزب الليبرالي. لكن الوفاء بهذا الوعد صار مستبعدا مع قرب الانتخابات.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن وزير المالية، بيل مورنيو، أمام مجلس العموم الكندي أن تحقيق موازنة بدون عجز في أكتوبر/تشرين الأول القادم أصبح مستبعدا.

وأضاف مورنيو أنه يجب التمتع بقدر من المرونة لاستيعاب المتغيرات التي تحول دون الوفاء بالوعد الانتخابي السابق.

وتشير التقديرات إلى أن العجز الفيدرالي سيصل إلى 18.1 مليار دولار بانتهاء العام المالي الحالي بنهاية مارس/آذار 2019.

وكان العجز الفيدرالي قد بلغ 19 مليار دولار العام الماضي.

وبذلك تكون حكومة ترودو قد أضافت 75 مليار دولار للدين العام الكندي، رغم الوعد الانتخابي بألا تضيف أكثر من 20 مليار دولار.

وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، كان الإنفاق العام والموازنة أحد أبرز نقاط الخلاف بين الحكومة الليبرالية والحزب المحافظ الذي أصبح في صفوف المعارضة.

واتهم أندرو شير، زعيم حزب المحافظين، ترودو وحكومته بمخالفة الوعود الانتخابية، وسرقة الأجيال القادمة.

مبيعات الأسلحة للسعودية

كانت مبيعات الأسلحة الكندية للسعودية، أو ما يُعرف بصفقة جنرال دايناميكس، أحد أكبر الملفات التي تعين على ترودو مواجهتها.

وتعد هذه أكبر صفقة بيع أسلحة أبرمتها كندا في تاريخها، وتنفذها شركة جنرال داينميكس لاند سيستمز، وتبلغ قيمتها 15 مليار دولار.

وذكرت صحيفة غلوب أند ميل الكندية العام الماضي أن قيمة التعامل التجاري بين البلدين عام 2017 تجاوزت أربعة مليارات دولار، ومثلت المعدات العسكرية التي تنتجها كندا جزءا كبيرا منها.

وتعالت الأصوات الرافضة للصفقة داخل كندا، خشية استخدام هذه الأسلحة في العمليات العسكرية التي تنفذها السعودية في اليمن. وتزايد الضغط على ترودو بعد قرار عدد من الدول الأوروبية وقف مبيعاتها من الأسلحة إلى السعودية.

وكرر ترودو في أكثر من مناسبة أنه من "الصعب جدا" إلغاء تلك الصفقة التي "ورثها عن حكومة المحافظين السابقة"، بسبب شرط جزائي يتجاوز المليار دولار كندي.

لكنه عدّل من موقفه لاحقا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقال إن الحكومة تبحث عن مخرج من هذه الصفقة.

ويأتي هذا التحول في خطاب ترودو إثر تصاعد التوتر بين البلدين حول ملفات حقوق الإنسان، ومقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في سفارة بلاده في إسطنبول.