الفاتيكان: رأى علماء دين يهود وكاثوليك أن على البابا فرنسيس مهندس التقارب مع اليهود، التزام حذر أكبر عندما يكرر عبارة الفريسيين "المنافقين"، في تنميط سلبي غذى لقرون شعورا عدائيا من قبل الكاثوليك حيال اليهود.

وكانت العلاقات بين الكاثوليك واليهود اتخذت منحى آخر بفضل وثيقة صدرت عن المجمع الثاني للفاتيكان بعنوان "في عصرنا" (نوسترا أيتيتي)، دعت في 1965 أخيرا إلى احترام اليهود.

ولقرون، تم طمس الأصل اليهودي ليسوع المسيح وقدم اليهود على أنهم شعب قاتل.

بعد نصف قرن تقريبا، عقد مؤتمر لعلماء دين يهود ومسيحيين، لثلاثة أيام في روما في أجواء ودية لتقاسم أبحاثهم الدقيقة حول "اليهود والفريسيين".

لم يكن الأمر بسيطا في نظر الحاخامين القلقين من ترديد البابا عبارات من العهد الجديد بدون تدقيق، يصف فيها المسيح أعضاء هذه المجموعة الدينية والسياسية الصغيرة بالمنافقين، مدينا تشددهم بشأن الشريعة اليهودية ومعارضتهم لرسالة المحبة التي يطلقها.

وفي عظة صباحية في تشرين الأول/أكتوبر، قال البابا عن الفريسيين "كانت تنقصهم الحياة. لنقل أنهم كانوا جامدين. كانوا متصلبين (...) لا حساب للناس لديهم. ما يهمهم هو الشريعة".

لكن المعلومات التاريخية قليلة عن هذه المجموعة التي تحولت إلى تجسيد لكل اليهود.

وتحولت صورة الفريسيين المخادعين الذين اعترضوا طريق يسوع المسيح إلى واحد من مكونات الثقافة الغربية وأدرجت في القواميس والمواضيع الأكاديمية والأفلام، وباتت ترد اليوم في عظات بروتستانتية وكاثوليكية.

وقالت ايمي جيل ليفين الأستاذة الأميركية للعهد الجديد والدراسات اليهودية، مازحة "سيكون حضور يهودي في كل قداس في العالم فكرة جيدة" لتصحيح الأحكام المسبقة "لكن عددنا ليس كبيرا إلى هذا الحد".

ورأى 400 جامعي ورجل دين استقبلهم الفاتيكان الخميس أن على البابا أن يكون مثالا يحتذى به. وقدم المعهد التوراتي البابوي الذي تأسس قبل 110 أعوام ويرعاه اليسوعيون، مقترحاته للايحاء بمحتوى خطاب البابا.

- "تنميط ضار" -
قال البابا في نص كان منتظرا جدا إن "كلمة +فريسي+ تعني في أغلب الأوقات +شخص منافق أو وقح+. في نظر عدد كبير من اليهود، الفريسيون هم مؤسسو اليهودية الحاخامية أي انهم أجدادهم الروحيون".

وأقر الحبر الأعظم بأن "تاريخ التفسير شجع نشر صور سلبية للفريسيين حتى بلا أساس ملموس في الروايات الإنجيلية (...) وهذه الرؤية نسبها المسيحيون إلى اليهود بشكل عام".

وأضاف "في عالمنا أصبحت عمليات التنميط السلبي من هذا النوع منتشرة جدا للأسف. إحدى أقدم عمليات التنميط وأكثرها ضررا هي تلك التي طاولت +الفريسي+".

وشجع البابا الأبحاث التاريخية حول هذه المجموعة اليهودية "لمكافحة معاداة السامية". وقال "يجب عرضها بشكل أفضل في تعاليم وعظات" الكاثوليك.

وأكد الحاخام ديفيد روزن مدير شؤون الديانات في اللجنة اليهودية الأميركية أن ذكر كلمة فريسي "لا يجعل أي شخص معاديا للسامية"، لكن هذا "من عناصر معاداة السامية بدون أدنى شك".

ورأى أن أي إشارة إلى الفريسيين يجب أن تكون في إطار نص توضيحي، مؤكدا ضرورة تجنب التعميم.

وتابع الحاخام المشارك في الاجتماع "أثرنا القضية لدى ضمير البابا. لا أعتقد أنه سيستخدم هذه العبارة بهذه الطريقة المتعالية في المستقبل".

وهذا الشعور عبر عنه أيضا الحاخام الأرجنتيني ابراهام سكوركا أحد أصدقاء البابا. وقال لوكالة فرانس برس إنه بعد تقديم المشورة للحبر الأعظم "سيعرف كيف يقدم" الفريسيين.

وأضاف "تحدثنا عن الأمر لكنه كان يرد +لكنني أنقل عن العهد الجديد+"، مشددا على أن "البابا كما تعرفون لديه مشاغل كثيرة".

وقال ابراهام سكوركا "إنه تفصيل صغير وكبير في الوقت نفسه". وأضاف "على البابا تغيير موقفه كمبادرة حيال الماضي".

وأضاف سكوركا الذي كان يعرف خورخي بيرغوليو عندما كان اسقفا لبوينوس آيرس أن "الفكرة هي توضيح نقاط الاحتكاك اليهودية المسيحية". وقد كتبا معا كتابا وسجلا 31 برنامجا تلفزيونيا.

ويتبادل الرجلان الحديث باستمرار عبر البريد الالكتروني. وقال الحاخام بارتياح إن "البابا يضاعف تصريحاته حول تقارب المسيحية واليهودية".

وكان البابا صرح مؤخرا "بالنسبة لمسيحي، أي شكل من أشكال معاداة السامية يشكل رفضا لأصوله".