القاهرة: بينما يستعد المصريون لصلاة عيد الفطر، صدموا بخبر قادم من شمال سيناء، حول تنفيذ هجوم "إرهابي" ضد نقطة أمنية بالعريش، ما أدى إلى مقتل ضابط شرطة وسبعة شرطيين آخرين، أثناء تصديهم للهجوم.

&وحصلت "إيلاف" على تفاصيل الحادث واللحظات الأخيرة بحياة الضابط الراحل عمر القاضي، بينما أرجع خبير في مكافحة الإرهاب الهجوم إلى الانتقام من عملية تسليم ليبيا هشام عشماوي إلى مصر تمهيدًا لمحاكمة.

حوّل الهجوم الذي استهدف نقطة أمنية تابعة لوزارة الداخلية في مدينة العريش بشمال سيناء، الفرحة في مصر إلى حزن، لاسيما أنه جاء قبيل أداء صلاة عيد الفطر اليوم الأربعاء.

وحسب المعلومات المتوفرة، التي حصلت عليها إيلاف، فإن مجموعة "إرهابية" هاجمت النقطة الأمنية، وكانت الخطة تشمل أن يتقدم قائد المجموعة الذي كان يرتدي حزامًا ناسفًا لتفجير نفسه، لإسقاط أكبر عدد من القتلى بين القوة الأمنية، ثم يفتح أفراد المجموعة النيران على من يتبقى حيًا من عناصر الشرطة.

وتسببت يقظة القوات الأمنية في إحباط هذا المخطط، بعد أن اشتبهت في قائد المجموعة الذي كان يحاول التسلل إلى النقطة الأمنية، لتفجير نفسه، وأطلقت القوة الأمنية النيران عليه قبل أن ينجح في تنفيذ التفجير الانتحاري، وسقط قتيلًا.

بعد أن فشلت الخطة، هاجمت المجموعة النقطة الأمنية بضراوة، وقاومت القوات الأمنية ببسالة، ما أدى إلى مقتل ضابط شرطة هو عمر القاضي وأمين شرطة وستة جنود آخرين، بينما قتلت القوة الأمنية خمسة عناصر من المجموعة المهاجمة، وأجبرت الباقين على الفرار في جبال سيناء، بعد أن فشلوا في اختراق النقطة الأمنية والسيطرة عليها، وتركوا جثث زملائهم من خلفهم.

وحصلت "إيلاف" على تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة الضابط عمر القاضي، الذي تعرض لإصابات خطرة في الصدر والبطن، وقال لزملائه إنه يشعر بدنو الأجل، وطلب منهم إبلاغ تحياته إلى والدته، ثم نطق الشهادتين. وقال نصًا لزملائه أثناء المعركة: "أنا اتصبت، وحاسس أني هأموت، سلموا لي علي أمي، وخدوا بالكم منها، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله".

وحسب ما نشره الضابط الراحل في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فإنه كان يطلب "الشهادة في سبيل الله"، وكتب معلقًا على حادث الواحات الذي وقع في شهر أكتوبر من العام 2017، والمتهم فيه بشكل رئيسي الضابط السابق بالجيش المصري، هشام عشماوي، الذي ألقت السلطات الليبية القبض عليه وتم تسليمه إلى مصر منذ عدة أيام.

كتب القاضي: "صباح الخير يا مصر.. الحقنا بالشهداء يا رب". وكان آخر منشور له على فيسبوك في شهر رمضان: "اللهم ارزقنا خير الشهر الكريم".

&

&

الضابط عمر القاضي

&

ومن جانبه، أرجع خبير في مكافحة الإرهاب، الهجوم الذي وقع فجر اليوم إلى الانتقام من عملية تسليم ليبيا هشام عشماوي إلى مصر، تمهيدًا لمحاكمته، وقال عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب ومدير المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية،العميد خالد عكاشة، إن التفجيرات دوما ما تستهدف المناسبات الدينية والوطنية لتنفيذ التنظيمات والجماعات المسلحة لتنفيذ مخططاتها التخريبية والإرهابية، والتي كان آخرها اليوم، الأربعاء.

وأوضح "عكاشة" في تصريحات له، أن العملية التي استهدفت الشرطة في سيناء اليوم تشير بوضوح، وفقا لبيانات وزارة الداخلية المصرية، إلى أن هذه "الجماعات كانت تستهدف اختراق النطاق الأمني المصري والدخول لمدينة العريش وربما ارتكاب مجازر بحق مدنيين وتنفيذ مخططات إرهابية داخل المساجد لإعادة مشهد مسجد الروضة بسيناء، ولكن قوات الشرطة تصدت لمخططاتهم الآثمة فاستشهدت بأيادي الغدر والخسة"، على حد تعبيره.

وأضاف أن تسليم هشام عشماوي لمصر كلمة السر في حادث كمين شمال سيناء، والذي جاء كجزء من تنفيذ هذه العملية كرد فعل من الجماعات على استلام مصر عشماوي من الجيش الليبي، والذي كان أحد أبرز قادة الجناح العسكري لتنظيم أنصار بيت المقدس، والذي بايع تنظيم داعش ونفذ العديد من العمليات ضد جنودنا في العريش.

وأصاب الهجوم المصريين بالحزن، وأدانته مختلف طوائف المجتمع المصري، وقال محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن "سفك دماء الأبرياء وترويع الآمنين من أكبر الكبائر، محتسبا شهداء الوطن عند الله تعالى في الفردوس الأعلى، سائلا الله عز وجل لهم واسع الرحمة والمغفرة، ولأسرهم الصبر والسلوان وخالص العزاء، داعيا الله أنّ يمن على المصابين منهم بالشفاء العاجل".

وطالب جمعة في بيان له، بـ"ضرورة الوقوف صفا واحدا وبكل قوة خلف قواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الوطنية، والعمل على استئصال كل عناصر الشر، والتعاون مع أجهزة الدولة لكشف العناصر المجرمة العميلة الخائنة المأجورة والقضاء عليها وعلى شرها".

&

&

ولفت وزير الأوقاف إلى أنّ "المحاولات الإرهابية لن تزيد الشعب المصري إلا قوة وصلابة وإصرارا على دحر الإرهاب والإرهابيين، ولنا أنّ نفخر بقواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الوطنية، وما يقدمان من تضحيات في سبيل الوطن، وأنّه لا سبيل لنا سوى منتهى الحسم مع فلول الجماعات الإرهابية الضالة المارقة وسائر المتعاونين أو المتعاطفين معها، وإنزال العقاب الرادع المستحق بكل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن أو النيل منه أو تعريض أمنه للخطر، أو دعم قوى الإرهاب والشر".

وأدانت الكنيسة الكاثوليكية في مصر، الحادث وقالت في بيان عنها: "تدين الكنيسة الكاثوليكية وعلى رأسها صاحب الغبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، الحادث الإرهابي الذي استهدف كمينا أمنيا قرب مدينة العريش، ونؤكد التضامن الكامل مع مؤسسات الدولة في مواجهة هذا الإرهاب الخبيث، الذي يسعى إلى إفساد احتفالات عيد الفطر المبارك".

وأضافت: "تتقدم الكنيسة الكاثوليكية في مصر، بخالص العزاء لأسر شهداء الواجب الوطني، وأنّ يمن الله على المصابين بالشفاء العاجل، وهذا العمل يتنافى مع الشرائع والقيم والأعراف الدينية والإنسانية"، وزادت: "فلنصلي جميعا كي يحمي الرب مصر وأبنائها".

وكانت وزارة الداخلية المصرية، قد قالت إن "عناصر إرهابية استهدفوا، فجر الأربعاء، كمينا أمنيا غربي العريش، "وتم التعامل مع تلك العناصر، وتبادل إطلاق النيران".

وأضاف بيان وزارة الداخلية المصرية أن الهجوم وما تبعه من ملاحقة أسفر "عن مقتل 5 من العناصر الإرهابية، واستشهاد ضابط وأمين شرطة و6 مجندين"، مشيرة إلى أن عددا من المسلحين فروا، وأن قوات الأمن تقوم بتتبع خطوط سير الهروب لتلك العناصر الإرهابية الهاربة".