كراكاس: بعد خمسة أشهر من الظهور المفاجئ للمعارض خوان غوايدو الذي كان يعد بإنهاء سريع لحكم الرئيس نيكولاس مادورو، تقتصر اللعبة السياسية التي تراوح مكانها على مواجهة يتحكم الجيش والولايات المتحدة بتطوراتها.

وأعاد إعلان خوان غوايدو رئيس الجمعية الوطنية، رئيسا بالوكالة في 23 يناير، حشد المعارضين ضد السلطة التشافية. لكن التظاهرات الكبيرة التي كانت تحتل شوارع البلاد قد توقفت منذ المحاولة الفاشلة للانقلاب العسكري في 30 ابريل ضد رئيس الدولة.

وبات زعيم المعارضة يجوب البلاد، مع تأثير اعلامي محدود جدا -- السلطة التشافية تحتكر وسائل الاتصال الوطنية - متمسكا بالاعتراف به الذي منحه اياه حوالى خمسون بلدا، بما فيها الولايات المتحدة.

في تصريح لوكالة فراس برس، قال ديفيد سمايلد المحلل في مركز "مكتب واشنطن لأميركا اللاتينية" (واشنطن أوفيس اوف لاتين اميركا) للبحوث في واشنطن، إن "المعارضة تفقد بعض قوتها، ليس فقط لأنها لم تتمكن من الاطاحة بمادورو ولكن أيضا لأن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة قد زادت من فقر الناس".

لكن مادورو الذي يتعرض لضغط القيود التي فرضتها واشنطن، وتؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الكارثي، اعتمد على قوته المؤسسية الواسعة، لا سيما منها القضاء والجيش لإضعاف خصومه.

تجري محاكمة 15 نائبا في اطار التحقيق في الانقلاب العسكري الذي أكد وجود تشققات في الجيش، على الرغم من إجماع القيادة العسكرية العليا على دهم مادورو. وسجن نائب رئيس الجمعية الوطنية، ولجأ الآخرون إلى السفارات، أو هربوا إلى الخارج أو تواروا عن الانظار.

توازن مدمر
يرى لويس فنسنت ليون رئيس معهد داتاناليسيس لاستطلاعات الرأي، ان "قدرة (نيكولاس مادورو) على الحكم قد تراجعت، وإمكانية بقائه في السلطة تقتصر على القوة والقمع".

وقدر استطلاع للرأي أجراه المعهد في مايو مستوى التأييد لخوان غوايدو بـ 56,7%، في مقابل 10,1% لمادورو، وهذا أدنى مستوى له منذ توليه منصبه في 2013.

طوال شهور، دأب زعيم المعارضة والولايات المتحدة، على دعوة الجنود إلى سحب دعمهم لرئيس الدولة (56 عاما) والذي حصل على دعم العسكريين رفيعي المستوى من خلال منحهم مقاليد أجزاء كبيرة من الاقتصاد.

لكن ليون يقول إن محاولات خوان غوايدو ليست موجهة إلى الهدف الصحيح، فالقيادة العسكرية هي "عنصر يتصرف بصورة جماعية ولم تتلق ضمانات كافية بشأن مستقبلها، وكيفية الحفاظ على قوتها ونزاهتها واموالها".

ويجد نيكولاس مادورو الذي لا يتوافر لديه هامش مناورة لاحتواء الأزمة الاقتصادية، وخوان غوايدو الذي لا يملك قوة لإطاحته، نفسيهما على قدم المساواة، بينما يستمر تدهور الظروف المعيشة للفنزويليين.

قال لويس فيسينت ليون إن "القطبين يضعفان بعضهما، وقد نصل إلى توازن مدمر، حيث لا يستطيع أحدهما انهاء الآخر، إن لم يكن مع انتهاء كل البلاد".&

ويتوقع ديفيد سمايلد أيضا استمرار النزوح &الجماعي للفنزويليين، فيما فر 3,3 ملايين منهم حتى الان منذ 2015، كما تقول الأمم المتحدة.
لمصلحة ترمب؟&

في مايو، اتفق الطرفان على بدء حوار بوساطة من النروج، مع تبادل مباشر لأول مرة بين المندوبين.

وذكر خوان غوايدو أن اي وساطة يجب أن تؤدي إلى استقالة رئيس الدولة، الذي تعتبر المعارضة إعادة انتخابه في 2018 مزورة، &والى اجراء انتخابات.

من جانبه، يهدد نيكولاس مادورو المدعوم من موسكو وبكين، بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة لاطاحة الجمعية الوطنية، المؤسسة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة.

واعتبر ديفيد سمايلد ان "على الرغم من الاعتقاد السائد بأن المناقشات في النروج تتيح لمادورو +كسب الوقت+ فقد أتاحت في الواقع للمعارضة، التي تظهر علامات تعب، أن تتنفس".

كذلك يتعرض خوان غوايدو (35 عاما) لضغوط يمارسها قسم من المعارضة يدعو إلى تدخل عسكري أجنبي، وهذا خيار طالما لوّح به الرئيس الأميركي دونالد ترمب ولم يستبعده.

لكن الخيار العسكري لا يبدو بهذه البساطة في وقت يسعى دونالد ترمب إلى تجديد ولايته في 2020 حيث يمكن أن تلعب اصوات المتحدرين من بلدان اميركا اللاتينية دورا رئيسا، فيما تبدو بلدان المنطقة متحفظة.

وقال ديفيد سمايلد "بالنسبة الى ترمب، التعادل في فنزويلا جيد مثل الفوز. واستمرار الوضع الراهن من شأنه ان يتيح له (خلال حملته الانتخابية) أن يشدد على الوضع الكارثي للبلاد، للتدليل على أن +الاشتراكية+ لا تعمل ويحاول أن يصم بذلك الديمقراطيين التقدميين".

ويتوقع لويس فيسنت ليون ان يشهد الوضع الاقتصادي مزيدا من التدهور وأن يصاب الطرفان بالضعف، قبل أن يضطرا في النهاية إلى حل تفاوضي، "يمر بالضرورة عبر الجيش".
&