موسكو: شارك عشرات الآلاف في تظاهرة للمعارضة في موسكو السبت بعد حملة توقيفات تُعدّ من الأوسع نطاقا منذ عودة الرئيس فلاديمير بوتين إلى الكرملين في عام 2012.

وبعيد الظهر تجمّع المتظاهرون وسط جادة أندريا ساخاروفا حيث سمحت السلطات بإقامة التظاهرة وسط انتشار كثيف للشرطة وعناصر مكافحة الشغب.

وقدّرت منظمة "وايت كاونتر" غير الحكومية عدد المشاركين في التظاهرة بـ40 ألف شخص، فيما أعلنت شرطة موسكو أن التظاهرة جمعت 20 ألفا.

وفي الأسابيع الأخيرة شارك الآلاف في تظاهرات للمطالبة بانتخابات حرة ونزيهة ستُجرى في موسكو الشهر المقبل وللاحتجاج على إقصاء معارضين من الاستحقاق المحلي من بينهم أليكسي نافالني، أبرز معارض لبوتين.

وأوقفت السلطات أكثر من ألفي شخص في التظاهرتين الأخيرتين اللتين لم تكونا مرخّصتين.

والسبت رفع متظاهرون لافتات كتب عليها "اعطونا الحق في التصويت"، و"كذبتم علينا بما فيه الكفاية" فيما رفع آخرون صور نشطاء أوقفوا في تظاهرات سابقة.

وقالت المهندسة إيرينا دارغولتس (60 عاما) إن "هذا الظلم على كل المستويات يثير غضبي. إنهم يحرمون مرشحين جمعوا التواقيع اللازمة من المشاركة. إنهم يوقفون أشخاصا يحتجون سلميا".

وقال ديمتري خوبوتوفسكي الناشط في حركة "روسيا المفتوحة" التي يمولها المعارض ميخائيل خودوركوفسكي "تشعر كأن البلد سجين والمواطنين أسرى... لا أحد يمثل الشعب".

ويقبع غالبية مرشحي المعارضة الذين منعوا من خوض الانتخابات في السجون لخرقهم قوانين التظاهر.

وفي تظاهرة السبت تحدّثت زوجة المعارضة ديمتري غودكوف المحكوم بالحبس 30 يوما وقالت "لكل منا الحق في الترشح وهم خائفون كثيرا من هذا الأمر"، مضيفة "نحظى بدعم شعبي حقيقي فيما تقتصر لجانهم الانتخابية على مجرمين".

وإن كانت السلطات حرمت المعارضة من قادتها، إلا أن كثرا من البعيدين عن السياسة أعلنوا عزمهم على التظاهر، بينهم أحد رواد يوتيوب يوري دود الذي تتخطى أحيانا مقاطع الفيديو التي ينشرها عشرين مليون مشاهدة، وأحد أشهر مغني الراب في روسيا أوكسيمورون الذي شارك في "أول تظاهرة" له وقد قال "أنا أغني هنا اليوم لكي ينال شعبي الحرية وحق الاختيار".

وشمل قمع الحركة الاحتجاجية كذلك عمليات دهم كثيرة استهدفت معارضين أو مجرد متظاهرين، وفتح تحقيق بحق منظمة المعارض أليكسي نافالني بتهمة "تبييض أموال" وصدور أحكام بالسجن لفترات قصيرة طاولت جميع حلفائه السياسيين تقريبا.

محاولة لإسكاتنا

واستهدف القضاء "صندوق مكافحة الفساد" الذي أسسه نافالني فجمد حسابات المنظمة التي تنشر مقاطع فيديو تفضح فساد النخب الروسية، جامعة عشرات ملايين المشاهدات على يوتيوب.

وعلق نافالني الذي يقضي عقوبة بالسجن ثلاثين يوما تنتهي في نهاية آب/أغسطس فكتب على مدونته الإلكترونية "إنها حتى الآن المحاولة الأكثر عدائية لإسكاتنا".

وصباح السبت اعتقلت شرطة مكافحة الشغب ليوبوف سوبول إحدى محاميات المؤسسة التي كتبت على تويتر "لن أتمكن من المشاركة في التظاهرة لكن يمكنكم تدبّر أموركم من دوني".

ومن شأن الإذن الصادر عن بلدية موسكو أن يحول دون حصول اعتقالات جماعية كما حصل في الأسابيع الأخيرة، لكن نافالني دعا إلى مسيرة في المدينة بعد التجمع، فيما حذرت الشرطة بأنه سيتم "وقفها فورا".

وانطلقت الحركة الاحتجاجية بعد رفض ترشيحات ستين مستقلا للانتخابات المحلية المقررة في 8 أيلول/سبتمبر في موسكو بذرائع واهية، في وقت يبدو المرشحون المؤيدون للسلطة في موقع صعب في ظل الاستياء من الأوضاع الاجتماعية.

وتتزايد الإدانات بتهمة إثارة "اضطرابات" إثر تظاهرة 27 تموز/يوليو وأودع 12 شخصا السجن في هذا السياق ويواجهون عقوبة بالسجن لفترة تصل إلى 15 عاما.

ويتأكد يوما بعد يوم الخط المتشدد الذي تنتهجه السلطة في مواجهة حركة الاحتجاجات غير المتوقعة وغير المسبوقة منذ عودة فلاديمير بوتين إلى الكرملين عام 2012.