حذرت الامم المتحدة من مخاطر ضربة هائلة لجميع المساعي الوطنية والدولية الرامية لإعادة بناء عراق مستقر ومزدهر وعبرت عن خيبة أمل من القضاء على الفساد وكشفت ان نقص التمويل الدولي قد اوقف توقف خدمات الصحة والاغذية واغلق مدارس النازحين وأكدت احراز تقدم في ملف المفقودين الكويتيين.

وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) جينين هينيس- بلاسخارت في إحاطة إلى مجلس الامن الدولي مساء امس وارسلت البعثة نصها الى "إيلاف" الخميس &"لا زلنا نعمل في أوضاع محفوفة بالمخاطر، ومع ذلك، يتعين علينا أن نشيد مرة أخرى بالقيادة العراقية لالتزامها الراسخ بالدبلوماسية متعددة الأطراف؛ فالقادة العراقيون يعملون بتفانٍ عظيم دون كلل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لضمان أن يمثل بلدهم نقطة التقاء لتحقيق الاستقرار وليست ساحة تجري فيها الصراعات بالوكالة وهم على أتم صواب في هذا التوجه ومن هذا المنطلق.

وحذرت قائلة "ينبغي علينا أن نكون بعيدي النظر وأن ندرك بأن التوترات الراهنة يمكنها بكل بساطة أن تتسبب في ضربة هائلة لكافة المساعي الوطنية والدولية الرامية لإعادة بناء عراق مستقر ومزدهر لذلك، يتعين علينا ألا ندخر جهداً لتجنب مثل هذا المآل".
&
خيبة أمل من القضاء على الفساد

وعن جهود مكافحة الفساد قالت بلاسخارت انه لسوء الحظ فإنه لا يتم القضاء على الفساد المتفشي مباشرة.&

واضافت إن تحقيق نتائج ملموسة في هذا المجال أمر بالغ الأهمية ويمكن أن تكون الدعوة الأخيرة لرفع الحصانة عن أعضاء البرلمان المتهمين بالفساد خطوة في الاتجاه الصحيح ولكن إن النتيجة النهائية هي ما يهم في نهاية المطاف.

واوضحت انه فيما يتعلق بالانتخابات، قام مجلس النواب العراقي مؤخراً بتعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات لكن بعض الأحكام تثير قلقاً كبيراً وربما تؤدي إلى استبعاد العديد من الناخبين الذين لولاها لكانوا مؤهلين للمشاركة كما أن شفافية ومساءلة المؤسسات والعمليات الانتخابية ليست مضمونة بما فيه الكفاية في الوقت الراهن.

ونوهت الى أن هذه الانتخابات – المتوقع اجراؤها في شهر نيسان ابريل عام 2020 - ستكون حاسمة ومتأخرة عن موعدها، فأن الانتخابات الحرة والنزيهة وذات المصداقية هي المفتاح لإحياء ثقة الجمهور. واوضحت ان البعثة الاممية ستواصل تسليط الضوء على أهمية ضمان حق الاقتراع العام والحاجة إلى الشفافية والمساءلة للمؤسسات والعمليات الانتخابية وكل ذلك أساسي لجعل الانتخابات شاملة وذات مصداقية.
&
حماية البيئة الاستثمارية &

واشارت بلاسخارت الى ان الحكومة العراقية بشكل متزايد الضرورة الملحة للإصلاح، وعلى وجه الخصوص توسيع قاعدة مصادر الدخل القومي لتشمل مصادر أخرى دون الاقتصار على منتجات النفط، وتعزيز دور القطاع الخاص في مجالات شتى بدءً من تطوير البنية التحتية انتهاءً بخلق فرص العمل.&

ونوهت الى ان تركيز النقاشات في أعلى المستويات ينصب حاليا على تعزيز نظم الإدارة، وإدارة عائدات النفط بشكل أفضل، وحماية البيئة الاستثمارية من الفساد، وإصلاح القطاع المصرفي لتهيئة المناخ لمزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة ولعقد الشراكات بين القطاعين العام والخاص.&

واكدت ان هذه المسألة اصبحت أكثر إلحاحاً، لاسيما فيما يلوح في الأفق حدوث عجز أكبر في الميزانية بسبب النفقات المتزايدة وتقلب أسعار النفط. وفي هذا السياق، فإننا نحث الحكومة العراقية على تسريع وتيرة إصلاحاتها الهيكلية، وتعزيز الاقتصاد الكلي، وتحقيق الاستقرار المالي فضلاً عن تعزيز النمو المستدام الذي يشمل الجميع.&

&إغلاق مدارس النازحين وتوقف خدمات الصحة والاغذية&

وعبرت بلاسخارت عن القلق من النقص المستمر في تمويل صندوق تمويل الاستقرار (FFS) وكذلك خطة الاستجابة الإنسانية حيث توجد ثغرات في المبلغ تزيد على 300 و500 مليون دولار على التوالي منوهة الى انه نتيجة هذا النقص يواجه برنامج العراق الإنساني في مرحلة ما بعد النزاع، عقبات حيث يتم الآن إيقاف خدمات الرعاية الصحية الضرورية وإغلاق مدارس النازحين وتعطيل دورات توزيع الأغذية. وبالإضافة الى ذلك، لا يزال ما يقرب من 1.6 مليون نازح ينتظرون بشغف تحسن الأوضاع والعودة الى ديارهم بأمان وكرامة.&

واشارت الى عودة 4.3 مليون شخص الى ديارهم، بيد إن الوتيرة تباطأت وتكون الاحتياجات المتبقية أكثر حدة في قطاعات الصحة والكهرباء والماء.

وبينت انه في الوقت الراهن ولأسباب مفهومة، تطلب الدول المانحة من الحكومة العراقية تولي زمام الأمور بصورة مشتركة وذلك بالمشاركة في تمويل هذا العمل، وهذا هو الصواب وقد تم قبل لحظات وقعت الحكومة العراقية اتفاق تقاسم التكاليف لكي تبدأ بتقديم مساهماتها في صندوق التمويل.&
&
لا معجزات .. فالمسؤولية مشتركة

واضافت إن المتاعب تستمر المتاعب التي امتدت لعقود في العراق مستمرة في التأثير على الحاضر ولم نر نهاية لذلك بعد. ولكن وبنفس القدر من الأهمية علينا ألا نقوم بتجميل هذه الظروف الراهنة: يمكننا جميعاً أن نتفق على إمكانات العراق الهائلة ولكن المثابرة ضرورية لتحقيق أقصى استفادة من هذه الإمكانات.

وقالت "الآن لا يمكننا أن نتوقع أن تحقق الحكومة العراقية معجزات بين ليلة وضحاها في معالجة إرث الماضي وتحديات الحاضر الكثيرة والحقيقة القاسية هي أن الحكومة تحتاج إلى الوقت لمحاربة المصالح الحزبية الضيقة العديدة والقائمة، وتحتاج وقتاً لتحقيق الوعود.

وبنفس القدر من الضرورة، تحتاج الأحزاب السياسية وغيرها من الأطراف إلى الوصول إلى تفاهم مشترك بإعطاء الأولوية لمصالح البلاد قبل كل شيء وفي نهاية الأمر، يجب أن يكون واضحاً أن الحكومة لا يمكنها القيام بذلك وحدها – إنها مسؤولية مشتركة".

&واوضحت انه فيما يخص كركوك "أشعر بالتفاؤل إزاء النوايا الحسنة – التي أبدتها كافة الأطراف المعنية خلال الأشهر الماضية– لمعالجة مسألة تطبيع الوضع في كركوك أخيراً".

&وضع جميع الاطراف المسلحة تحت سيطرة الدولة

وعبرت عن الارتياح حيال عزم الحكومة وضع جميع الأطراف المسلحة تحت سيطرة الدولة حيثقد لقيت الأوامر التي صدرت في الآونة الأخيرة دعما واسع النطاق عبر مكونات الطيف السياسي، ما يعد خبراً طيباً، ولكننا لا زلنا في باكورة أيام التنفيذ، وسوف يتبين أن المرحلة التالية على قدر كبير من الأهمية. ومما لا شك فيه أن سياسة عدم التسامح مع أي طرف مسلح خارج سيطرة الدولة هي السبيل للمضي قدماً.&

واكدت انه من الصحيح القول "إن بذل مزيد من الجهد بشأن إصلاح القطاع الأمني سوف يكون ضرورياً نظراً لأن وجود قطاع أمني يتميز بالفعالية والكفاءة والاستدامة المالية يعد أمراً هاماً لحماية العراق ضد التهديدات القائمة والناشئة. وفي ظل وجود وزراء للداخلية والدفاع والعدل، يحدوني أمل كبير في أن الحكومة سوف تعجّل بإعادة تشكيل هيكل أمنها الوطني؛ من حيث البنية والقدرات والموارد".

التعاون الامني بين القوات الاتحادية والبيشمركة

وبينت ان ثمة أمر آخر يتصف بالأهمية، وهو أن يتم على نحو سريع وضع آلية الأمن المشترك، إذ أنها ستمهد الطريق للقيام بعمليات مشتركة على امتداد الحدود المتنازع عليها، لأن غياب التنسيق بقدر كافٍ سيتيح هامش مناورة لتنظيم داعش، بمعنى آخر: فإن تعزيز الأداء العملياتي على الصعيد الميداني بين القوات الاتحادية وقوات إقليم كردستان، وإن كان ليس مستساغاً، لكنه يبقى ضرورياً.

&وفي سياق الأمن الوطني اشارت الى انه أعقاب دحر داعش من الأراضي التي احتلها، لا تزال تلك القوات تطارد ما تبقى من مقاتلي داعش؛ على سبيل المثال، ما قامت به في إطار عملية إرادة النصر التي نفذت في مختلف أنحاء البلاد في الأسابيع الماضية.

مشكلة أُسر الدواعش

وقالت ان مسألة إعادة مقاتلي داعش، بما في ذلك أفراد أسرهم، من سوريا إلى العراق، &لاتزال شكل تحدياً كبيراً "وللأسف لم تتضح لنا بعد الأعداد التي ستعاد، وتاريخ البدء، وترتيبات التحقق من الهوية والترتيبات الأمنية، و/أو، مرافق الاستضافة حين عودتهم. وكما أكدت قبلاً، إذا لم تعالج هذه المسألة على النحو المناسب، فإنها من الممكن أن تؤثر ليس على العراق فحسب، بل أيضاً على المنطقة بشكل أوسع، وأبعد من ذلك بكثير".

وزادت انه من المهم أيضاً ملاحظة أن قضايا الإجراءات القانونية الواجبة والمساءلة لا يمكن حصرها في قاعة المحكمة فقط ويلزم إجراء حوار منظّم لتحديد وبدقة كيف ستتعامل الحكومة العراقية مع هذه العملية والتي بدورها ستحدد طرائق مساعدة الأمم المتحدة.

وشددت على الأهمية القصوى للضمانات القوية للاحتجاز والإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمات العادلة. وقالت إن الامتثال لالتزامات حقوق الإنسان لن يُظهر الالتزام بالعدالة والمساءلة فحسب بل هو أيضاً لبنة ضرورية للمصالحة والتلاحم الاجتماعي والأكثر من ذلك، سيقلل من خطر أن يعيد التاريخ نفسه. &

المفقودون الكويتيون

وحول قضية المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الاخرى والممتلكات الكويتية المفقودة بما في ذلك المحفوظات الوطنية فقد ابلغت بلاسخارت مجلس الامن الدولي الى احراز تقدم (كبير) في هذا الملف يتمثل في استخراج بعض العينات من الرفات البشرية في شهر آذار مارس الماضي من أحد مواقع الدفن في محافظة المثنى العراقية الجنوبية والتي تم تأكيدها الآن على أنها تخص بعض الكويتيين المفقودين الذين كنا نبحث عنهم مشيرة الى استمرار عمليات تحليل الحمض النووي على الرفات البشرية الأخرى.&

واكدت انه في وقت سابق امس الاربعاء قامت الحكومة العراقية بتسليم أكثر من 40000 كتاب كويتي يخص الأرشيف الأميري والمحفوظات الوطنية إلى السلطات الكويتية.

وقالت "آمل حقاً أن تمنح الاكتشافات الأخيرة في النهاية بعضاً من العزاء -أخيراً- لأسر المفقودين التي نعرب لها عن عميق تعاطفنا".

وأكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) السيدة جينين هينيس- بلاسخارت في الختام أن التحديات الهائلة التي يواجهها العراق لم تنشأ بين عشية وضحاها، ولا هي نتاج أفعال عراقية فقط وعلى هذا النحو، لن يتم حلها بحلول يوم غد وبعبارة أخرى: يتوجب على العراقيين المضي قدماً وهم متوحدين ويقف إلى جانبهم المجتمع الدولي.