رغم التسهيلات التي تقدّمها الحكومة اللبنانية، يبقى عدد كبير من الأطفال الحديثي الولادة من النازحين السوريين من دون تسجيل من قبل أهاليهم.

إيلاف من بيروت: رغم التسهيلات التي تقدّمها الحكومة اللبنانية، يبقى عدد كبير من الأطفال الحديثي الولادة من النازحين السوريين من دون تسجيل من قبل أهاليهم، في الوقت الذي كان لبنان يعتقد بأنّ هذه التسهيلات ستتيح تسجيل أكثر من 100 ألف طفل سوري من غير المسجّلين حتى الآن.

وقد أظهرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة في هذا الخصوص في العام 2017، أنّ 17 % فقط من اللاجئين السوريين دون سنّ الخامسة سُجّلت ولاداتهم في الدوائر اللبنانية المختصّة، فيما النسبة الباقية، أي 83 %، تبقى "ضائعة".

عن وضع النازحين السوريين في لبنان وعدم تسجيل الأطفال النازحين يؤكد النائب السابق ناجي غاريوس في حديثه لـ"إيلاف" أن النازحين قد يكونون من جنسيات مختلفة، ومع وجود مشاكل في سوريا، يشكل خطرًا إضافيًا على لبنان تزايد الولادات غير المسجلة في صفوفهم وعددهم - مع وجود تطمينات من الأمن العام - أكبر مما يُعلن، وقد حان الوقت لبحث عودتهم إلى بلادهم.
يضيف "ما قلناه في اليوم الأول لدخول السوريين إننا لا نقبل أي تدخل سوري في لبنان، ولذلك لوحقنا وأدخلنا السجون".

النزوح الفلسطيني
أما هل يشبه النزوح السوري اليوم نزوح الفلسطينيين في أربعينات القرن الماضي مع الولادات التي تجري في صفوفهم؟. فيجيب غاريوس: "مع التهجير الفلسطيني في 1948 قالوا إن الفلسطينيين سيأتون موقتًا، غير أن الدولة اللبنانية حينها وضعت الفلسطينيين حول المدن الكبيرة في لبنان، من طرابلس إلى بيروت وصيدا وصور والبقاع.

واليوم وبعد مرور سنوات كثيرة لم تحل قضيتهم، وأثرت القضية الفلسطينية على لبنان، واليوم حان الوقت لعودة السوريين إلى بلادهم قبل تفاقم الأمور أكثر.

نوعان من النازحين
بدوره يقول الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي في حديثه لـ"إيلاف" إن هناك نوعين من النازحين السوريين إلى لبنان، النازح الذي يملك القدرة على استئجار المنازل والمقتدر، والنوع الآخر المعدم والفقير، ومع الأسف غالبية النازحين هي من الفئة الثانية، وبالتالي هذا يطرح مشكلة إنسانية واجتماعية واقتصادية على لبنان والحكومة اللبنانيّة، خصوصًا مع الولادات الكثيرة التي تجري في صفوف النازحين.

يضيف يشوعي: "أعتقد أن المسؤولية اليوم تشبه قضية الفلسطينيين، يجب ألا تكون المسؤولية مسؤولية دولة واحدة، بل أن يكون تضامن عربي تجاه هذه القضية الإنسانية".

عن الحديث عن أعداد للنازحين التي تفوق الاحصاءات الرسمية، مع وجود ولادات غير مسجلة رسميًا، والحديث أيضًا عن أن قسمًا كبيرًا من النازحين السوريين غادروا لبنان، يقول يشوعي: "يجب أن يكون هناك تضامن عربي ومساعدات مالية، ليس عبر الحكومة اللبنانية، بل من خلال السفارات، لكن مع الأسف تبقى سمعتنا عاطلة وسيئة، تأتينا المساعدات من جهات معيّنة، نصفها يتبخر، والنصف الآخر يصل، وأعتقد على الحكومة اللبنانية أن تطلب من الدول العربية الغنية، وكذلك من الأمم المتحدة ومن المجتمع الدولي من خلال سفاراتها في بيروت، أن تقوم هذه الاخيرة بتقديم كل أنواع المساعدات، حتى البيوت الجاهزة، كي نستطيع إيواء كل اللاجئين، ويكون هناك نوع من الالتزام من المجتمع الدولي والبلدان العربية، بأن كل هؤلاء النازحين سيعودون يومًا إلى قراهم ومنازلهم في سوريا، عندما تنتهي الأزمة هناك، وقد حانت الساعة اليوم لعودة بعضهم.

أما في حال لم تلتزم الدول العربية من خلال سفاراتهم وكذلك المجتمع الدولي فمن أين سيأتي لبنان بالأموال اللازمة، وهو يرزح تحت حمل الدين الثقيل؟. فيجيب يشوعي: "لبنان لا يستطيع ولا يقدر كخزينة مرهقة أتعبوها بالديون، من سياسات البنك المركزي إلى السياسات المالية، إلى سياسات الخدمة العامة، والإنفاق الاستثماري، كل تلك السياسات العبء، والمحاصصة، والنهب المنظَّم، أغرق الخزينة اللبنانية بالديون، ولم تعد لديها أي قدرة على مساعدة أي كان، حتى اللبنانيين، كيف بالحري غير اللبنانيين، واليوم يتكّل اللاجئون على أقاربهم في لبنان، لكن هذا لا يمكن أن يستمر، وعودتهم باتت ملحّة.