واشنطن: اتهم الديمقراطيون الرئيس الأميركي دونالد ترمب باستخدام وزارة العدل في الولايات المتحدة أداة سياسية، بعدما فتحت تحقيقًا جنائيًا بشأن التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016.

تم تسريب أنباء هذا التحقيق الجنائي، الذي يشمل مخالفات ارتكبها مسؤولون في وزارة العدل في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، ليل الخميس الجمعة، بينما يسعى البيت الأبيض جاهدًا إلى التصدي لإجراءات الاتهام والعزل التي أطلقها الديموقراطيون في مجلس النواب.

ويمكن أن يؤدي التحقيق الجنائي إلى تفاقم التوتر السياسي في واشنطن بإثارته تساؤلات عن التحقيق الروسي الذي أجراه المدعي الخاص روبرت مولر، وانتهى باتهام 34 شخصًا، وإدانة ثمانية، بينهم شخصيات مهمة في فريق ترمب لحملة الانتخابات في 2016.

رد حلفاء ترمب الجمهوريون على التحقيقات التي تجرى في إطار إجراءات العزل بسلسلة من التحقيقات المضادة ووقف إفادة أحد الشهود قسرًا، وطلب تحقيق في جهود الديموقراطي آدم شيف، الذي يقود التحقيقات.

وقال الجمهوريون الجمعة إن التحقيق الجنائي في وزارة العدل يمكن أن يدعم ما يؤكده الرئيس ترمب من أن تحقيق مولر كان "حملة شعواء" تستند إلى "أخبار كاذبة".

أوضحت كيليان كونواي مستشارة ترمب لقناة "فوكس نيوز" أن "الهدف من التحقيق هو التأكد من أن وزاره العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) في عهد إدارة أوباما في 2016 لم يستخدما أداتين للتأثير على الانتخابات". أضافت "ألا نملك الحق في معرفة ما إذا كانوا يقوّضون أو لا يقوّضون العدالة، ويحاولون التدخل في الانتخابات؟".

قلق عميق
لكن الديموقراطيين رأوا في هذا التحقيق الجديد جهدًا واضحًا من جانب وزير العدل بيل بار لتحويل الانتباه عن التحقيقات الجارية في إطار إجراءات العزل، والتي سمحت بجمع أدلة مؤكدة على أن ترمب استغل منصبه للضغط على أوكرانيا لمساعدته على حملته لإعاده انتخابه في 2020.

قال آدم شيف وأحد أهم النواب الديموقراطيين جيري نادلر في بيان إن التحقيق الأخير يثير "قلقًا عميقًا من أن تكون وزارة العدل برئاسة وليام بار فقدت استقلاليتها، وأصبحت وسيلة للانتقام السياسي للرئيس ترمب.

أضافا "إذا كان من الممكن استخدام وزارة أداة للانتقام السياسي أو لمساعدة الرئيس برواية سياسية للانتخابات المقبلة، فإن سيادة القانون ستواجه أضرارًا جديدة لا يمكن إصلاحها".

من جهته، أكد السناتور الديموقراطي مارك وارنر أنه على بار توضيح التحقيق الجديد للكونغرس. وقال إن "+تحقيق بار+ عرّض أساسًا للخطر شراكات كبيرة للاستخبارات الدولية. عليه أن يأتي أمام الكونغرس، ويوضح الأمر". ولم تدل وزارة العدل بأي تعليق ردًا على اتصالات.

جذور التحقيق الروسي
كشفت وسائل إعلام أميركية الجمعة أن وزارة العدل الأميركية فتحت تحقيقًا جنائيًا حول الطريقة التي أطلق فيها التحقيق حول تدخلات روسيا في الانتخابات الرئاسية في 2016.

وكان المدّعي الخاص روبرت مولر الذي عيّن في مايو 2017 للتحقيق في الشبهات التي تطاول الرئيس في هذه القضية، قدم الربيع الماضي، وبعد تحقيق دام 22 شهرًا، تقريرًا من حوالى 450 &صفحة يبرّئ ترمب من تهم التواطؤ مع موسكو، لكنه يتحدث عن ضغوط مارسها الرئيس لعرقلة عمل القضاء.

بعيد تسليم التقرير، كشف وزير العدل أنه يسعى إلى "جمع كل المعلومات" المتوافرة حول "جذور وسير نشاطات الاستخبارات ضد حملة ترمب في انتخابات 2016". وقال في جلسة في مجلس الشيوخ في مطلع إبريل "أعتقد أنه حدث تجسس. السؤال هو معرفة ما إذا كان ذلك مبررًا. لا أقول إنه لم يكن كذلك، لكن يجب أن أتحقق من ذلك".

كلف المدّعي جون دارهام التحقيق الجنائي الذي يسمح له باستدعاء شهود وإصدار أوامر تهدف إلى الحصول على وثائق وبتشكيل هيئة محلفين كبرى وتوجيه اتهامات.

وقالت الصحيفة إن قرار وزارة العدل يعني عمليًا أن الوزارة تجري تحقيقًا حول الوزارة نفسها مع أنه من غير الواضح ما هي الجرائم المحتملة التي يدور التحقيق حولها ولا متى بدأ هذا التحقيق.

أشارت مارسي ويلر الصحافية المستقلة التي درست بعمق التحقيق الروسي، إلى أن دارهام يمكن أن يرصد أخطاء إجرائية أو تسريبات في الأيام الأولى من التحقيق الروسي، موضحة أن ذلك يمكن أن يطاول مساعد ترمب السابق في حملته جورج بابادوبولوس ومستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين.

وكان بابادوبولس وفلين اعترفا بالكذب في تحقيق مولر، ويحاولان حاليًا قلب الوضع، مشيرين إلى مخالفات ارتكبتها وزارة العدل في عهد أوباما ومكتب التحقيقات الفدرالي.

كتبت ويلر "قد يكون يحقق في جرائم حقيقية أو يعيد النظر في قرارات الاتهام السابقة، وخصوصًا التسريبات". أضافت "لكن على الأقل حتى الآن، لم يتبن دارهام نظريات مؤامرة حول التحقيقات خلال ستة أشهر".

جاء هذا التحقيق الجنائي لوزارة العدل بينما يتصاعد التحقيق في إطار إجراءات اتهام ترمب، ويمكن أن يشهد ظهور معلومات جديدة قبل نهاية العام.

وكان عشرة شهود، بينهم مسؤولون في البيت الأبيض وفي وزارتي الخارجية والدفاع، أكدوا في إفادات في جلسات مغلقة للكونغرس ما ذكره مبلغ عن الاتصال الهاتفي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وأكدوا أن ترمب حاول بين إبريل وسبتمبر دفع الرئيس الأوكراني إلى فتح تحقيقات بالفساد بشأن خصمه المحتمل في انتخابات 2020 جو بايدن، وبشأن مساعدة كييف للديموقراطيين في 2016 التي تعتبر نظرية مؤامرة.