رسم الثوار اللبنانيون أحلامهم بوطن جديد&على جدار في وسط بيروت سمّوه جدار الثورة، حددوا فيه حدود حريتهم: انعتاق من القيد الطائفي، وخروج على الزعامات التقليدية، وتأكيد على محاسبة ناهبي أموال الشعب.

"إيلاف" من بيروت: كسر الثوار اللبنانيون حاجز الخوف الذي بناه سياسيوهم على مدى ثلاثة عقود من الزمن، فصارت شتيمة رئيس مجلس النواب نبيه بري وزوجته رندة متاحة، حتى في الجنوب اللبناني، عقر دار بري وحركته "أمل"، وصار "المؤلّه" الشيعي حسن نصرالله يضم إلى باقة الفاسدين الذين يطالب الثوار بمحاسبتهم، بقولهم "كلن يعني كلن.. ونصرالله واحد منن"، علمًا أن هذه الباقة تضم الكل: بمن فيهم وليد جنبلاط ووزراؤه ونوابه، وسمير جعجع ووزراؤه ونوابه، وسليمان فرنجية ووزراؤه&ونوابه... إلى آخر الآية اللبنانية.

كذلك صار رئيس الحكومة سعد الحريري مكروهًا في مدن بيروت وطرابلس وصيدا "السنّيّة"، لأنه يتلطى خلف حزب الله كي لا يترك الحكم منصاعًا لمطلب الشعب، وتحوّل رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون من "بيّ الكل" إلى "بيّ الذل"، بحسب الشعارات التي رفعت في ساحات الثورة في بيروت وجل الديب.

كسر اللبنانيون جدار القيد الطائفي اليوم، بسلسلة بشرية من صور في أقصى الجنوب إلى طرابلس في أقصى الشمال.

إلى جانب هذين الجدارين المكسورين، رفع الثوار جدارهم الخاص... جدار الثورة في ساحة رياض الصلح، بجانب السراي الحكومي، وغير بعيد عن البرلمان. إنه الجدار الأسمنتي الذي أقامته الإسكوا على سبيل الحماية، وانتهت من طلائه بدهان جديد قبل يومين من اندلاع الثورة في 17 أكتوبر الجاري..&

صار هذا الجدار فضاءً فنيًا للتعبير بالرسوم والغرافيتي عمّا يعتمل في صدور اللبنانيين جميعًا من جشع الزعماء وأزلامهم وأزلام أزلامهم، الذين يتهمهم الشعب اللبناني بنهب المال العام وتدمير الاقتصاد وعدم الاكتراث لبنية تحتية متهالكة وتقاسم الصفقات وأموال الهبات الدولية والقروض الميسرة التي تحصل عليها الدولة، من دون الإصغاء إلى نصائح الهيئات الاقتصادية الدولية والأممية بالإصلاح قبل حصول الانهيار التام.

إنه جدار الثورة الذي رسمت عليه وجوه الزعماء والمسؤولين بطريقة الكاريكاتور تدليلًا على اختيار الثوار الخروج من قيود زعاماتهم التي سخّرت الانتماء الطائفي لمصلحتها، وخدمة لجشعها.

&

يبني الثوار في الساحات اللبنانية ثورتهم بالحب، حب الآخر، بعدما كان السائد أن اللبناني لا يمكن إلا أن يكره الآخر. حتى إذا ارتفعت بعض الأصوات مطالبة بتنفيذ بنود اتفاق الطائف بإلغاء الطائفية في المناصب الدولة، قال الزعماء بإجماع إنهم ينتظرون اقتلاع الطائفية من النفوس قبل اقتلاعها من النصوص. إنه الحب الذي يدفع الثوار إلى المطالبة بقانون مدني جامع الكل، من دون تصميم قانون على قياس كل طائفة.

&

الكرسي هو آفة السياسة اللبنانية. فالكل يركض ليملأ كرسي المسؤولية من أجل أن ينهب مال الشعب، راسمًا في كل انتخابات لرعيته عدوًا يخوفها منه على وجودها، كي يسوقها كالغنم إلى غرفة الاقتراع، فتجد في التصويت له واجبًا مقدسًا كي يبقى هو الذائد عن حياضها في كل عصر وزمان. فالكرسي سقط...

والنصر للثورة&

والكلام للساحات

والحكم للشعب وحده!

ليس هذا الجدار ملكًا للثوار وحدهم، بل هو ملك الناس. كتبوا عليه ما أرادوا، إلى جانب الغرافيتي التي أرادها الثوار فاتحة عصر جميل.&

&

&

أخيرًا... إنه لبنان الجديد، أو Lebanon 2 كما يرد في هذا الرسم الذي يظهر محادثة واتسآب في مجموعة خرج منها الزعماء كلهم. إنه النصر الذي لا يرضى الثوار في لبنان عنه بديلًا.

&