إيلاف من بيروت: يعتبر البعض أن الحرب على الفساد بعد التظاهرات التي شهدها ويشهدها لبنان اليوم، تقود حتمًا إلى تسيير الدولة اللبنانية لشؤونها من داخل المؤسسات وبقواها الشرعية، وهذا يعني تلقائيًا إبعاد نفوذ "حزب الله" وتَحكُّمه بالقرار السياسي والأمني والاقتصادي، والبُعد السياسي لعملية الإصلاح هو ما تريده القوى الدولية المناوئة لإيران.

ويعتبر الكثيرون أن ما تريده الدول الغربية، وعلى رأسها أميركا، من عملية الإصلاح في لبنان ومحاربة الفساد ونزول اللبنانيين إلى الشارع، إنما هو إضعاف نفوذ حزب الله، وبالتالي إيران في المنطقة.

فمن هو حزب الله وكيف تطور إلى قوة سياسية وعسكرية، وما حجم نفوذه في لبنان؟، وهل صحيح تنوي الدول الغربية إضعافه اليوم من خلال التظاهرات في الشارع؟، وما هو الثمن الذي سيدفعه لبنان في محاولة الدول الغربية إضعاف نفوذ حزب الله في لبنان؟.&

يصف الخبير الإستراتيجي معين أبو زيد لـ"إيلاف" حزب الله بأنه كيان سياسي، وعسكري، واجتماعي يتمتع بقاعدة جماهيرية ونفوذ كبير في لبنان.

ويقول إنه "الحزب الذي يحظى بدعم إيران تأسس في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، وبزغ إلى واجهة الأحداث أثناء احتلال إسرائيل لجنوب لبنان عام 1982، إلا أن جذوره الفكرية تعود إلى ما تعرف بـ "الصحوة الإسلامية الشيعية" في لبنان في الستينيات والسبعينيات التي شهدت ظهور نشاط علمي شيعي ومرجعيات دينية في جنوب لبنان كمرجعية الشيخ حسين فضل الله.

بيد أن حزب الله لا يخفي في أدبياته التزامه بنظرية ولاية الفقيه، كما جسّدها آية الله الخميني بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

الانسحاب

يضيف أبو زيد: "بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، رفض حزب الله الرضوخ لمطالب نزع السلاح، واستمر في تقوية جناحه العسكري الذي يميل إلى تسميته "المقاومة الإسلامية"، وباتت قدرات الحزب العسكرية تفوق الجيش اللبناني، وهي القوة التي استخدمها ضد إسرائيل في حرب عام 2006.

مع الوقت، أصبح الحزب قوة مؤثرة ولاعبًا أساسيًا في النظام السياسي اللبناني، وأصبح له ثقل في اتخاذ القرارات داخل الحكومة.
واتُهم حزب الله مرارًا بشن مجموعة من التفجيرات والهجمات ضد أهداف إسرائيلية، وتصنفه الدول الغربية، وإسرائيل، ودول خليجية، وجامعة الدول العربية، كمنظمة إرهابية.

الرؤية السياسية

ويلفت أبو زيد إلى أنها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الدول الغربية تقليص حجم حزب الله ففي عام 2008، حاولت الحكومة اللبنانية المدعومة من الغرب إغلاق شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله، وإقالة رئيس أمن مطار بيروت لعلاقته بالحزب، ورد حزب الله بالسيطرة على أجزاء كبيرة من العاصمة بيروت، والاشتباك مع جماعات سنية منافسة له.

تسببت هذه المواجهات الطائفية في مقتل 81 شخصًا، ووضعت لبنان على شفا حرب أهلية جديدة، فاضطرت الحكومة للتراجع، وتوصلت إلى اتفاق تقاسم سلطة مع حزب الله وحلفائه، أعطاهم نسبة الثلث المعطل، الذي يمكن أن يشكل حق نقض "فيتو" يوقف أي قرار حكومي.

في انتخابات عام 2009، فاز حزب الله بعشرة مقاعد في البرلمان، وبقي في حكومة الوحدة الوطنية في لبنان.

ويضيف أبو زيد: "أصدر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في وقت لاحق من العام نفسه، ميثاقًا سياسيًا جديدًا للحزب، يهدف إلى تحديد "الرؤية السياسية" للتنظيم".

لم يرد في هذا الميثاق أي ذكر لإقامة "جمهورية إسلامية"، التي كانت إحدى النقاط الواردة في ميثاق عام 1985، لكنه احتفظ بالموقف نفسه المناهض لإسرائيل والولايات المتحدة، وأكد على حق حزب الله في الاحتفاظ بأسلحته.

حكومة الوحدة الوطنية

وفي عام 2011، أسقط حزب الله وحلفاؤه حكومة الوحدة الوطنية بقيادة سعد الحريري، وحذر حزب الله من أنه لن يقف صامتًا أمام اتهام أربعة من أعضائه بالتورط في اغتيال رفيق الحريري عام 2005. واستمر وجود حزب الله وحلفائه في الحكومات المتتابعة، التي تمتعوا فيها بنفوذ ملحوظ بإطراد.

يضيف أبو زيد "مع تصاعد الحرب في سوريا، قاتل الآلاف من عناصر حزب الله في صفوف قوات الرئيس السوري بشار الأسد، وقدموا دعمًا أساسيًا إلى القوات الموالية للحكومة في استعادة الأراضي التي فقدتها لمصلحة المعارضة المسلحة، بشكل خاص المناطق القريبة من الحدود اللبنانية".

ويتساءل أبو زيد ما هي الضريبة التي سيدفعها لبنان في حال صحت مقولة أن الدول الغربية تنتظر نتيجة التظاهرات من أجل إضعاف حزب الله في لبنان، وهل نحن أمام 7 أيار جديد يواجهه لبنان؟