دبي: تسعى دولة الإمارات إلى التعريف بإرثها الحضاري عبر سلسلة وثائقية ضخمة بعنوان "تاريخ الإمارات"، في مسعى من الدولة الخليجية الغنية إلى تعزيز حضورها كقوة إقليمية مهمة.

باستخدام تقنيات مثل التصوير الحاسوبي (سي جي آي) والتصوير بتقنية 360 درجة، تؤرّخ السلسلة نحو 125 ألف عام من تاريخ أرض الإمارات وصولًا إلى قيام الاتحاد عام 1971.&

الإمارات العربية المتحدة هي دولة اتحادية تأسست قبل 48 عامًا، وتتكون من سبع إمارات، وهي أبوظبي، والشارقة، ودبي، وعجمان، ورأس الخيمة، وأم القيوين، والفجيرة.

وتحت شعار "لكل أمة قصة، وهذه هي قصتنا"، تتناول السلسلة الوثائقية المقسمة على حلقات عدة محطات بدءًا من فترة ما قبل التاريخ وحتى اكتشاف النفط. وسيتم بث ثلاث حلقات من النسخة الدولية على قناة "ناشونال جيوغرافيك" بعد عرض عبر القنوات المحلية الإماراتية.

يقول مخرج الفيلم انتوني غيفين &لوكالة فرانس برس إن "تاريخ الإمارات حقا مثير للاهتمام لأن الناس لا تعرفه بشكل جيد. ما يعرفونه على الغالب ..هو عن مدينتي دبي وأبوظبي".

تعرف الإمارات اليوم بسبب النفط ومشاريعها الضخمة واهتمامها بالتقنيات الحديثة، خاصة إمارة دبي، ولكن يرى غيفين أن "الناس لا تعرف تاريخ الأيام الأولى" لهذه الدولة.

شهدت الإمارات، خاصة إمارة دبي، منذ سنوات الستينات نهضة غير مسبوقة بعد النفط. ويأتي الانتاج الضخم في فترة تشهد فيها الأنشطة التقليدية الإماراتية دفعًا إلى الحفاظ عليها والترويج لها، ومنها مثلًا مشاريع تربية الصقور وسباقات الهجن وصيد اللؤلؤ.

في الحلقة الأولى، تتطرق السلسلة الوثائقية إلى وجود حياة بشرية في منطقة جبل الفاية (شمال-شرق) قبل 125 ألف عام، والذي يعتقد أنه شكل طريقا آخر للهجرة خارج أفريقيا.

وتتناول أيضا المستوطنات الأولى قبل 8 آلاف عام على جزيرة مروح قبالة سواحل العاصمة أبوظبي. يتطرق الوثائقي أيضا إلى &الوجود البريطاني في القرنين التاسع عشر والعشرين في المنطقة، والذي من النادر الحديث عنه.

دقة علمية
تتناول السلسلة الوثائقية موضوعات مختلفة من اكتشاف مواقع أثرية قديمة إلى التسامح الديني وتحرر النساء. ولكنها تجنبت التطرق إلى موضوعات سياسية حساسة.

بينما يصر غيفين "لم أرغب في صنع فيلم سياحي"، موضحا أنه يستند إلى "دقة علمية وأثرية وتاريخية.. ولكن لا يمكن أن يكون جافا"، مشيرا إلى أهمية أن يكون متاحا للجميع.

تقول هنا مكي، وهي منتجة ومسؤولة قسم الأفلام الوثائقية في شركة "ايميج ناشين" لوكالة فرانس برس "هناك تاريخ كامل وثري لا يعرفه إلا عدد قليل من علماء الاثار... أعتقد أننا تناولنا كل الجوانب المهمة من تاريخ هذه البلاد".

يقول مراقبون أن الإمارات حاليا أصبحت واحدة من أكثر الدول العربية تأثيرا مع امتداد تأثيرها الإقليمي إلى اليمن والقرن الأفريقي وليبيا.

يرى الأكاديمي البريطاني كريستوفر دافيدسون والذي يركز على العائلات الحاكمة في الخليج أنه "من المهم جدا أن تقوم الحكومة بتذكير شعبها دائما أنها أمة تملك هوية تعود إلى فترة بعيدة قبل النفط".

وبحسب ديفيدسون فإنه بالرغم من نفوذها المتزايد في العالم العربي، فإنه ينظر إلى الإمارات من قبل البعض على أنها "لا تملك تاريخا حقيقيا" بالمقارنة مع دول اخرى تملك تراثا ضخما في المنطقة مثل مصر أو العراق أو سوريا.&

يشير الباحث &إلى وجود "رغبة" حقيقية في الإمارات لتطوير البحث والحديث عن تاريخها. ووفقا للباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تشينزيا بيانكو، فإنه على الساحة الدولية يعد الوجود التاريخي عنصرا مهما "في تغيير الصورة الذاتية ونظرة الإماراتيين إلى ذاتهم".

وبحسب بيانكو فإن هذا أمر "مهم جدا لقادة الإمارات، لأنهم يرغبون في استكمال هذه العملية من الانتقال من قوة محدودة إلى متوسطة".
&