برشلونة: يواجه الاشتراكي بيدرو سانشيز وحكومته الجديدة، التي تسلمت مهامها الاثنين، تحديا رئيسيا يتمثل في إيجاد حل للأزمة في اقليم كاتالونيا، مع موافقته على بدء مفاوضات مثيرة للجدل مع الانفصاليين.

واشترط حزب اليسار الجمهوري الكاتالوني المؤيد لاستقلال الإقليم إطلاق هذه المفاوضات في مقابل امتناع نوابه عن الإدلاء بأصواتهم خلال جلسة منح الثقة للحكومة في البرلمان الأسبوع الماضي، لكي يتمكن سانشيز، الذي وصل إلى السلطة في حزيران/يونيو 2018، من تجديد ولايته.

وافق الاشتراكيون، بعد مفاوضات صعبة، على بدء محادثات قريبا بين الحكومتين المركزية والإقليمية التي يهيمن عليها الانفصاليون من أجل "كسر الجمود حول مستقبل كاتالونيا".

-أي اتفاق؟-

يرتبط التساؤل الأهم حول المدى الذي ستصله النقاشات، حيث يتبنى الحزبان موقفين متناقضين تماما.

ويريد الانفصاليون بحث مسألتي إجراء استفتاء لتقرير المصير والعفو عن قاتهم المسجونين أو الذين فروا خارج البلاد عقب محاولة الانفصال عام 2017.

لكن الاشتراكيين اكدوا أن إجراء استفتاء مماثل في كاتالونيا امر مستحيل.

ويشمل الاتفاق بين الحزب الاشتراكي الإسباني وحزب اليسار الجمهوري الكاتالوني "حوارا مفتوحا حول كل المقترحات المطروحة" لكنه يشير إلى أن نتائج النقاش يجب أن تكون ضمن "النظام القضائي والديمقراطي" وبالتالي احترام الدستور.

يشدد أستاذ القانون الدستوري خافيير أربوس على "عدم وجود إمكانية لإجراء استفتاء لتقرير المصير في كاتالونيا في إطار الدستور الإسباني".

من جهته، يقول المؤرخ والمحلل السياسي خوان اسكوليس "لن نرى استفتاء مشابها لذلك الذي نظّم في اسكتلندا" عام 2014.

ويتطلب تغيير الدستور لتضمينه امكانية إجراء تصويت مماثل غالبية غير قابلة للتحقق في جميع الأحوال بسبب رفض الأحزاب الكبيرة وبينها الحزب الاشتراكي.

ويرى اسكوليس أن التوجه الأكثر احتمالا هو إدارة النقاش حول "اتفاق لتوضيح وتعزيز صلاحيات الاقليم، ما سيضمن لكاتالونيا موقعا خاصا في إسبانيا".

ويحظى الإقليم الثري في شمال شرق البلاد بصلاحيات واسعة حاليا في ما يخص الصحة والتعليم وحتى حفظ النظام، لكن يتهم جزء من سكانه الدولة بعدم الاستثمار في الإقليم بشكل كاف.

كما ان قادة الاقليم يسعون إلى حماية اللغة والثقافة الكاتالونية.

-"خيانة" بالنسبة لليمين-

سيتعرض أي تنازل للانفصاليين في ظل السياق الحالي المتوتر، بعد تظاهرات عنيفة في كاتالونيا في تشرين الأول/أكتوبر، لهجمات من اليمين وحزب "فوكس" اليميني المتشدد الذي يتهم سانشيز ب"الخيانة" لاستمراره في السلطة بفضل امتناع حزب اليسار الجمهوري الكاتالوني عن التصويت.

كما ان أي اتفاق يمنح الإقليم صلاحيات أوسع سيتم الطعن به أمام المحكمة الدستورية من أحزاب اليمين. وقد طعن سابقا المحافظون في قانون الحكم الذاتي لكاتالونيا عام 2006 وقد نقضت المحكمة الدستورية حينها جزءا من القانون.

ويعتبر أربوس إنه "في حال تكرر الأمر، فإنه سيثير إحباطا" في كاتالونيا مشابها للإحباط الذي عزّز الحركة الاستقلالية عام 2006.

لكن معارضة اليمين ليست الفخ الوحيد، حيث تعرض وعد سانشيز للانتقاد من داخل الحركة الاستقلالية نفسها وبالتحديد من حزب كارليس بتشيمون، الرئيس الكاتالوني المخلوع عقب محاولة الانفصال، والخضم اللدود لحزب اليسار الجمهوري الكاتالوني.

وختم اسكوليس أن المفاوضات "مسار طويل يمر عبر مراحل تقارب وتباعد أو حتى قطيعة (...) لكنها على الأقل خطوة أولى".