بكين: اصبحت الهدنة التجارية التي تم التوصل اليها بصعوبة بين الولايات المتحدة والصين، مهددة بعد أن هز وباء فيروس كورونا الاقتصاد العالمي وجعل من الصعب على بكين الوفاء بالتزاماتها بموجب الهدنة.

كما تواجه الولايات المتحدة اضطرابات هائلة بسبب الفيروس، بينما يهدد الخلاف الدبلوماسي بين بكين وواشنطن بعرقلة اتفاق المرحلة الاولى الذي تحقق بعد اكثر من عام من التوترات المتصاعدة بين اكبر اقتصادين في العالم.

وفي الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في كانون الثاني/يناير، وافقت الصين على شراء سلع اميركية خلال عامين بزيادة بقيمة 200 مليار دولار عن عام 2017 اي قبل ان تندلع الحرب التجارية التي ادت الى فرض رسوم بمليارات الدولارات بين البلدين.

الا ان المخاوف تتصاعد من أنه لا يمكن الوفاء بشروط الاتفاق نظراً لأن الاقتصاد العالمي مهدد بأن تتخذ الحكومات خطوات جذرية لاحتواء الوباء بما في ذلك فرض الحجر الصحي وحظر السفر واغلاق الأماكن العامة.

وقال ستيف تسانغ رئيس معهد الصين في كلية الدراسات الشرقية والافريقية في لندن "من المرجح ان يشكل فيروس كورونا عاملا لتشتيت انتباه الحكومتين".

وسجلت الاسواق العالمية انخفاضا وكذلك أسعار النفط، وحذر صندوق النقد الدولي هذا الاسبوع بأن النمو في 2020 سيكون اقل من معدله العام الماضي (2,9%) تحت "اي سيناريو".

وأضاف تسانع "لا اعتقد أن الدولتين ستتمكنان من تحقيق شروط اتفاق المرحلة الاولى".

- انخفاض التجارة -

ادت الموجات الضخمة من اغلاق الشركات الى احداث اضطراب في انفاق المستهلكين والانتاج، وكذلك في سلاسل الامداد العالمية.

وقالت شركات لوكالة فرانس برس ان العام الماضي شهد اضطرابات اولا من الحرب الجارية ثم من انتشار فيروس كورونا.

واستأنفت شركة "كينغزهو رويوان التجارية" استيراد حبوب الصويا من الولايات المتحدة هذا الشهر، إلا أن المبيعات انخفضت بنسبة 20% على الأقل مقارنة مع العام الماضي، بحسب المدير العام للشركة.

وقال انه غير متأكد من السرعة التي ستتمكن فيها الشركة من تعزيز اعمالها بعد انتهاء الأزمة الصحية.

وقال "لقد تأثرنا بالوباء، والتأثير كان كبيرا"، مشيرا بشكل خاص الى انخفاض الطلب المحلي.

وقال "لا نستطيع التحكم في السوق".

وانخفضت صادرات الصين في أول شهرين من هذا العام بسبب فيروس كورونا المستجد، حيث انخفضت بنسبة 17,2% مقارة مع العام السابق، بينما انخفضت الواردات بنسبة 4%.

وقال روري غرين، الاقتصادي في شركة تي.إس.لومبارد للأبحاث، إن الفيروس يهدد "التزامات الاستيراد للصين على النحو المنصوص عليه في المرحلة الأولى من التجارة".

وكانت الصين وافقت على شراء المزيد من السلع الزراعية والمأكولات البحرية الأميركية والسلع المصنعة مثل الطائرات والآلات والصلب ومنتجات الطاقة.

وأضاف غرين أن هناك أحكاماً "تسمح بتأخير الامتثال، ومن المرجح أن تقبل الدولتان بذلك، بالنظر إلى الطبيعة العالمية لانتشار فيروس كورونا".

وأضاف "لا مجال الآن لأن تحقق الصين أهداف الاستيراد الخاصة بها ضمن الإطار الزمني الذي حدده نص الاتفاقية".

- انعدام ثقة -

الحق فيروس كورونا كذلك اضرارا بالاقتصاد الأميركي، حيث فرضت الحكومة قيوداً شاملة على القادمين من أوروبا، وسجلت البورصات هبوطا حاداً.

كما تفاقمت التوترات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين أثناء تفشي المرض. وأمرت واشنطن وسائل الإعلام الصينية التي تديرها الدولة بخفض عدد المواطنين الصينيين العاملين في الولايات المتحدة بعد أن طردت بكين ثلاثة مراسلين من وول ستريت جورنال.

ودار خلاف بين البلدين كذلك حول تفشي الوباء، وحظرت واشنطن وصول القادمين من الصين مما أثار غضب بكين.

وفي الآونة الأخيرة، ألقت واشنطن باللوم على بكين في ظهور المرض، بينما روجت الصين - حيث تم اكتشاف الفيروس لأول مرة في كانون الأول/ديسمبر- لنظريات المؤامرة التي تقول ان الولايات المتحدة هي السبب في ظهور الفيروس.

وقال تسانغ "أشك في أن أياً منهما قد درس الآثار المترتبة على (التدابير) المتخذة لمكافحة انتشار الفيروس ،على علاقاتهما الثنائية".

لكنه قال إنه بالنظر إلى الانتخابات الأميركية المقبلة، من غير المرجح أن يسلط الرئيس دونالد ترامب الضوء على أي فشل من جانب الصين في الوفاء بجميع شروط الصفقة.

وبدلاً من ذلك، سيستخدم ترامب الاتفاقية لتسجيل نقاط سياسية.

لكن الحرب التجارية غذت انعدام الثقة بين المزارعين في كلا البلدين ما قد يقوض نجاح الاتفاق.

وفي أحدث دراسة أجراها الاحتياطي الفيدرالي، قال بعض المزارعين الأمريكيين إن مشتريات الصين من السلع الزراعية "لم تتحقق بعد"، وأعربوا عن مخاوفهم من أن الفيروس "سيستخدم كذريعة لعدم تحقيق أهداف تجارية مستقبلية".

وقالت ليو لينجكسو، المدير العام لشركة التجارة الزراعية جوانجزو ليانجنيان، إن أرباحها انخفضت بنسبة الثلث على الأقل خلال تفشي الفيروس.

لكنها لا تريد استيراد الذرة وفول الصويا من الولايات المتحدة. وقالت "سنأخذ في الاعتبار اولا دولا أخرى كانت أكثر صداقة للصين".