الرباط: في اشبه بوصية من الشاعر العراقي سعدي يوسف، المقيم في لندن ، والشاعر المغربي حسن نجمي ، لإعادة الاعتبار الى الشاعر المغربي الراحل أحمد المجاطي(أحمد المعداوي)، قال نجمي ، وهو رئيس سابق لاتحاد كتاب المغرب، في تدوينة مطولة كتبها على حائطه في (فيسبوك)، انه في غمرة هذه اللحظات العسيرة " التي وضعتنا جميعا في خلواتنا الإجبارية بسبب الوباء الداهم"، اتصل به الشاعر العراقي سعدي يوسف أول من أمس ليلاً كي يحيّيَ أصدقاءَه في الفضاء الشعري المغربي ويطمئن على مصائرهم في هذا الوقت الموبوء.

واضاف نجمي ‏ان سعدي قال له "أخوي حسن، يُلحّ عليَّ أحمد المجاطي الآن، ولا أعرف لماذا. أذكر، كنتُ في الجزائر ، وكنتُ أقطع الحدود إلى المغرب. ووقتَها التقيتُ المجاطي. وأصدقك القول، كان جميلاً في حياتي أنني التقيتُه".

وزاد سعدي قائلا : " أخوي حسن، المجاطي هو مَن وضع أساس الشعر المغربي المعاصر. هو مَن وضَعَ راديكالية الشعرِ المغربي. ولم يعبأ به أحد".
وبعد أن أشار سعدي إلى أن الشاعر الرحل محمد الطوبي ، يضيف نجمي، ظل صلةَ وصْلٍ به، قال له :" أخويْ حسن، أعيدوا إلى المجاطي مكانتَه. إسمعني، لابد من إعادة الاعتبار إلى المجاطي . غير معقول، هناك خرافات بل تفاهات - واسمح لي- أراها تُنْشَر باسم الشعر المغربي ، هنا وهناك.أرجوك أن تُرجعَ المجاطي إلى الواجهة التي يستحق".

وأضاف سعدي: "أخوي حسن، أوصيك. إعمل جهدك لإعادة الاعتبار هذه. أعرف أنك مسؤول، وأعرف أنك قادر على المسؤولية، وأعرف أنك قادر على هذا".

واعترف نجمي، في تدوينته، انه لم يستطع أن يخفي صادقَ تأثره. وقال " هزني هذا النداء المفاجيء الذي وصلني ليلاً من لندن، ومن شاعرٍ كبيرٍ أكِنّ له المحبة والتقدير والإعجاب".

وزاد نجمي قائلا "انه نداء إلى أصدقائي وصديقاتي جميعا في بيت الشعر في المغرب، وإلى كافة شاعرات وشعراء المغرب ونقاده وباحثيه المختصين في الشعر المغربي وتاريخه ونقده.فلعلها مسؤولية جماعية. والأمرُ مفتوح للحوار والنقاش ،حول هذه التوصية الأخوية الكريمة التي لها معنى، ولها قيمة".


في غضون ذلك ، تساءل نجمي " لماذا لا نفتح حوارا حول مكانة شاعرنا الكبير المرحوم أحمد المجاطي، الآن وفي المدى المنظور، بعد أن نتخطى جميعا ، وبسلام ، هذه المرحلةَ الوعرة".

وأشار نجمي الى ان هناك بالتأكيد جهود صادقة بُذلت لاستعادة المجاطي ، وإعادة قراءة تجربته الشعرية الفذة. لكنه قال "يبدو أن علينا أن نشتغل أكثر في هذا الاتجاه".

وخلص نجمي الى القول ان هذا النداء ذكره بنداء مماثل من الروائي الراحل عبد الرحمن منيف "وهو يضع عينيه في عيني ، مرةً في الدارالبيضاء، ويوصيني بأن علينا ألا ننسى أخانا ورفيقنا الصحافي العربي المغربي، الشنقيطي الموريتاني المولد والنشأة، محمد باهي ( الباهي محمد ،كما كان يسميه إخواننا في المشرق العربي). وهذا موضوع آخر".

سيرة المجاطي

ولد أحمد المجاطي سنة 1936 بالدار البيضاء ،وتوفي عام 1995،حسب موقع ويكيبيديا.

حصل المجاطي على الإجازة من كلية الآداب بدمشق وأحرز على دبلوم الدراسات العليا سنة 1971 ثم على دكتوراه الدولة سنة 1992 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط حيث اشتغل أستاذا جامعيا إلى أن توفي سنة 1995. انضم إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1968.قاوم إغراءات الإكثار من الإنتاج، رافضا أن يكون لسان الغير على مستوى القاموس اللغوي والإيقاع والصور والأخيلة، أو الانتساب لمدرسة شعرية معينة، لذلك تعددت المؤثرات والظلال في شعره ونجح في إخفائها في تلابيب لغته الصافية وخبايا ذاته الملتهبة ووجدانه المنكسر جراء الإخفاقات، فأعانه كل ذلك على كتابة «القصيدة الفريدة الغراء» . وفي سنة 1987 نشر المجلس القومي للثقافة العربية الذي كان يوجد مقره بالرباط، ديوان المجاطي الوحيد "الفروسية".

وهو الديوان الذي سبق للشاعر أن نال به جائزة "ابن زيدون للشعر"، من المعهد الإسباني العربي للثقافة بمدريد سنة 1985. وهو ديوان يحتوي على 18 قصيدة. وجاء تجديده غير مسبوق، وإضافة نوعية إلى القصيدة المغربية الحديثة، ماثلة في كل نماذجه، وهي سمات يقر بها من حاولوا السير على منواله أو اتخذوا لهم نهجهم الخاص ،كما ساهم مع ثلة من زملائه في إرساء أُسس الخطاب النّقدي الحديث،ذلك ان المجاطي كان باحثا وأستاذا في الجامعات المغربية.

حسن نجمي مع سعدي يوسف في الرباط قبل سنوات