دبي: أعلن الانفصاليون اليمنيون ليل السبت الأحد "الإدارة الذاتية" في الجنوب بعد تعثر اتفاق لتقاسم السلطة تم توقيعه مع الحكومة اليمنية المعترف به دوليا برعاية السعودية، بينما حملت الحكومة اليمنية الانفصاليين "التبعات الخطيرة والكارثية" لهذا الإعلان.

وقال المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان "يعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية للجنوب اعتباراً من منتصف ليل السبت"، متهما الحكومة اليمنية بالفشل في تأدية واجباتها.

واتهم المجلس الانتقالي الحكومة اليمنية "باستمرار الصلف والتعنت في القيام بواجباتها" إضافة إلى " تلكؤها وتهربها من تنفيذ ما يتعلق بها من اتفاق الرياض".

ورعت السعودية اتّفاقا لتقاسم السلطة بين الطرفين وقّعته الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، السلطة السياسية الأقوى في جنوب اليمن، في الرياض في الخامس من نوفمبر الماضي. ونصّ الاتفاق على تولي القوة الانفصالية الرئيسية عددا من الوزارات في الحكومة اليمنية.

وشهد جنوب اليمن في أغسطس معارك بين قوّات مؤيّدة للانفصال وأخرى موالية للسلطة أسفرت عن سيطرة الانفصاليين على مناطق عدّة أهمها عدن، العاصمة الموقتة للسلطة المعترف بها منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014.

وقال سكان في مدينة عدن لوكالة فرانس برس إن المدينة شهدت "انتشارا مكثفا" لقوات أمنية وعسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي ووضعت نقاط تفتيش. وأعلن مصدر في المجلس الانتقالي الجنوبي "وضع حراسات أمنية على كل المرافق الحكومية منها البنك المركزي اليمني وميناء عدن".

وانتشرت عربات عسكرية عند مداخل المدينة وايضا في الشوارع الرئيسة تحمل اعلام انفصالية، بحسب المصدر. في الأثناء، أعلنت محافظات في جنوب اليمن، وهي حضرموت وشبوة والمهرة، رفضها لإعلان المجلس الانتقالي، مؤكدة وقوفها مع الحكومة المعترف بها دوليا.

من جانبه، أعلن وزير خارجية الحكومة اليمنية محمد الحضرمي في تغريدة على حساب وزارته أن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي "استمرار للتمرد المسلح في اغسطس الماضي وإعلان رفض وانسحاب تام من اتفاق الرياض"، مؤكدا أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتحمل "التبعات الخطيرة والكارثية لهكذا إعلان".

حرب داخل حرب
وسجّل اليمن الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانيّة في العالم، في 10 من ابريل الماضي أوّل إصابة بفيروس كورونا المستجد، بينما حذّرت منظمات دولية من أن القطاع الصحي شبه المنهار في البلاد منذ اندلاع الحرب عام 2014 غير مؤهل للتعامل مع الأزمة، وطالبت بوقف الحرب. وتم تسجيل إصابة في محافظة حضرموت.

تدور الحرب في اليمن بشكل رئيس بين الحوثيين المقرّبين من إيران، وقوات موالية للحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية والإمارات، منذ أن سيطر الحوثيون على مناطق واسعة قبل أكثر من أربع سنوات.

لكن ثمة خلافات عميقة في المعسكر المعادي للحوثيين. فالقوات التي يفترض أنّها موالية للحكومة في الجنوب، حيث تتمركز السلطة، تضم فصائل مؤيدة للانفصال عن الشمال. وكان الجنوب دولة مستقلة قبل الوحدة سنة 1990. وعدن هي العاصمة الموقتة للحكومة المعترف بها منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014.

أظهر القتال في عدن الذي وصف بأنه "حرب أهلية داخل حرب أهلية" انقسامات عميقة في معسكر التحالف بقيادة السعودية التي تدعم الحكومة وبين شريكتها الرئيسية الإمارات التي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي.

يتهم الانفصاليون الحكومة اليمنية برئاسة عبدربه منصور هادي بالسماح بتنامي نفوذ الإسلاميين والتأثير على قراراتها السياسية والعسكرية، وخصوصا من حزب "التجمع اليمني للاصلاح" المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.

يأتي الإعلان في عدن الأحد بينما شهد اليمن هذا الشهر سيولا تسببت بمقتل 21 شخصا على الأقل في هذا الشهر، ما أدى إلى إغراق شوارع عدن وتدمير منازل فيها.

واشار المجلس الانتقالي الجنوبي في بيانه الأحد إلى تردي الخدمات العامة في عدن، "الذي أظهرته بشكل جلي كارثة السيول الأخيرة ما تسبب في معاناة شديدة لأهلنا في العاصمة الجنوبية عدن"، متهما الحكومة اليمنية باستخدام ذلك " كسلاح لتركيع الجنوبيين".

في ما يلي تذكير بالأحداث الرئيسة منذ عام 2017 في جنوب اليمن الذي كان دولة مستقلة قبل الوحدة سنة 1990، وشهد حربا أهلية في 1994 مع محاولة الانفصاليين الجنوبيين استعادة تلك الوحدة من دون أن ينجحوا في ذلك.

- المجلس الانتقالي الجنوبي -

في أواخر أبريل 2017، أقال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي محافظ عدن عيدروس الزبيدي ووزير الدولة هاني بن بريك.

وأثار القراران ردود فعل غاضبة في الجنوب حيث تظاهر آلاف المحتجين في عدن ضد حكومة هادي.

وفي 11 مايو، أعلن الزبيدي تشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي" برئاسته بهدف "إدارة محافظات الجنوب".

لاقت الخطوة تنديداً من حكومة هادي التي اتخذت من عدن "عاصمة موقتة" لليمن منذ سيطرة الحوثيين الآتين من الشمال على صنعاء في سبتمبر 2014.

- محاصرة المقر الرئاسي -

في منتصف يناير 2018 أمهل المجلس الانتقالي الرئيس هادي أسبوعاً لإجراء "تغييرات حكومية" وإقالة رئيس الحكومة أحمد بن دغر لاتهامهم إياه بـ"الفساد".

مع انتهاء المهلة في 28 يناير، سيطر انفصاليون على مقر الحكومة في عدن بعد اشتباكات مع القوى الحكومية، فيما ندد بن دغر بـ"انقلاب (...) واستعراض قوة".

في الثلاثين من الشهر نفسه، سيطرت القوى الانفصالية على القسم الاكبر من عدن وحاصرت القصر الرئاسي. وفي اليوم التالي، انتشرت هذه القوات في عدن بعد ثلاثة أيام من المعارك التي أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى.

وأسفرت وساطات قادها التحالف الداعم للحكومة في حربها مع الحوثيين بقيادة السعودية عن رفع الحصار عن القصر الرئاسي.

-"انقلاب"

في 7 اغسطس 2019، اندلعت اشتباكات بين انفصاليين ينتمون إلى "الحزام الأمني" وقوات موالية للحكومة.

في العاشر من الشهر نفسه، طوّق الانفصاليون القصر الرئاسي في عدن وسيطروا على ثلاث ثكنات بعد أربعة أيام من الاشتباكات. وقالت الحكومة إنّ ما يحدث هو "انقلاب".

وفي 20 أغسطس سيطر المقاتلون الانفصاليون على مدينة عدن واحتلوا المباني الرسمية فيها والمعسكرات، اثر اشتباكات مع قوات الحكومة قتل وأصيب فيها نحو 300 شخص.

- نكسات -

في 24 أغسطس انسحب الانفصاليون من مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، بعد هجوم للقوات الحكومية.

وفي 28 أغسطس أكد قادة الأجهزة الأمنية سيطرة القوات الموالية للحكومة على محافظة أبين، ثم أعلن وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني دخول القوات الحكومية مدينة عدن.

لكن في 29 أغسطس استعاد الانفصاليون السيطرة على عدن.

- اتفاق -

في 5 سبتمبر، أدانت الرياض لأول مرة النزاع في جنوب اليمن، متحدثة عن "تهديد لأمن" المملكة. وبعد ثلاثة أيام، أعلنت الرياض وأبوظبي، الشريك في التحالف، أنّهما تعملان على التهدئة.

في 7 أكتوبر، أشارت مصادر متطابقة إلى أن الحكومة والانفصاليين يناقشون تقاسم السلطة. كانت المحادثات غير المباشرة تجري منذ أسابيع في جدة، غرب المملكة العربية السعودية.

وفي 14 من الشهر، أفاد مسؤول انفصالي أن الإمارات سلمت القوات السعودية مواقع رئيسة في مدينة عدن ومحافظة لحج.

وفي 25 أكتوبر، توصلت الحكومة والانفصاليون إلى اتفاق برعاية الرياض بشأن تقاسم السلطة على أن يتم توقيعه "على أقصى تقدير" في 29 من الشهر، وفق مصدر في الحكومة مقيم بالرياض.

نص الاتفاق على أن يتولى المجلس الانتقالي الجنوبي عددا من الوزارات في الحكومة اليمنية، على أن تعود الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن.

- إدارة ذاتية -

لم يطبّق الاتفاق بالكامل ومُنعت الحكومة من العودة بكامل أعضائها إلى عدن.

وفي 26 ابريل 2020 أعلن الانفصاليون اليمنيون "إدارة ذاتية" في الجنوب، بينما حملت الحكومة اليمنية الانفصاليين "التبعات الخطيرة والكارثية" لهذا الإعلان.

واتهم المجلس الانتقالي الحكومة اليمنية "باستمرار الصلف والتعنت في القيام بواجباتها" بالإضافة إلى " تلكؤها وتهربها من تنفيذ ما يتعلق بها من اتفاق الرياض".