باريس: تحيي أوروبا التي ضرب انتشار فيروس كورونا المستجد اقتصادات دولها الجمعة ذكرى مرور 75 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية في ظل إجراءات عزل غير مسبوقة ألزمتها الحد من الاحتفالات.

في الوقت نفسه، يواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره بشدّة في الولايات المتحدة، حيث ما زال عدد الوفيات اليومية بالوباء مرتفعًا، في وقت حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن كوفيد-19 "يطلق العنان لطوفان من مشاعر الحقد وكراهية الأجانب".

خلال الساعات الـ24 الأخيرة، سجلت أكثر من 2400 وفاة في الولايات المتحدة، لترتفع الحصيلة الإجمالية للوفيات في البلاد إلى 75 ألفا و500 شخص. وبعدما بلغت الحصيلة اليومية للوفيات 3100 في منتصف إبريل، ثبت الرقم عند حد لم تنجح البلاد في خفضه حتى الآن.

وتباطأ الوباء في نيويورك، بؤرة الفيروس في الولايات المتحدة، حيث سجلت في الولاية أكثر من عشرين وفاة بالمرض مؤكدة أو مرجحة. في الأثناء، ظهرت بؤر جديدة مثل منطقة العاصمة واشنطن.

في أوروبا قتل الوباء أكثر من 150 ألف شخص، خصوصًا في بريطانيا (30 ألفا و165) وإيطاليا (29 ألفا و958) وإسبانيا (26 ألفا وسبعون) وفرنسا (25 ألفا و987)، حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس مساء الخميس استنادًا إلى أرقام مصادر رسمية يرجّح أنها أقل من العدد الفعلي.

في الوقت نفسه، تحيي دول عدة ذكرى الثامن من مايو بشكل غير مسبوق منذ استسلام ألمانيا النازية في 1945. ففي الولايات المتحدة، تنظم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) "يومًا لانتصار أوروبا" افتراضيًا، مع برنامج مباشر يبث على موقعها وشبكات التواصل الاجتماعي.

وستتوجّه ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية مساء الجمعة بخطاب إلى البريطانيين، للمرة الثانية منذ بداية وباء كوفيد-19، بينما يترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس مراسم مختصرة جدًا في قصر الاليزيه بحضور كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين لكن من دون جمهور.

أما في موسكو فيتجلى بوضوح تأثير الوباء على الاحتفالات. فهذه السنة لن يجري العرض العسكري الكبير في الساحة الحمراء. ولم تبق السلطات سوى على الشق الجوي من الاحتفالات، وسيجري السبت في "يوم النصر" الذي تحتفل به موسكو في التاسع من مايو.

في ألمانيا، التي لم تكن عادة تحيي ذكرى هزيمتها في الثامن من مايو 1945، اضطرت السلطات لإلغاء احتفال رسمي كبير كان مقررًا في هذا العام.

تخفيف إجراءات العزل
تفتح برشلونة الجمعة شواطئها صباحًا من أجل ممارسة الرياضة. وستبدأ إسبانيا التي تعد من الدول الأكثر تضررًا بالوباء، وتشهد إجراءات إغلاق صارمة، مرحلتها الأولى من تخفيف التدابير بعد عطلة نهاية الأسبوع.

لكن إسبانيا تبقى حذرة. وقال عنصر إسعاف في منطقة برشلونة دعي إلى الاهتمام بسيدة ستينية فقدت الوعي "لا يمكن أن تتيقن من أي شيء، لأن الجميع موضع شبهة. يجب أن نحمي أنفسنا، وألا نلمس شيئًا، وأن نغسل جيدًا، وهذا يبقينا في أجواء توتر دائمة".

يبدو الإثنين الحادي عشر من مايو كـ"يوم كبير لرفع العزل" في أوروبا، وإن كان ذلك سيتم بشكل متفرق وتدريجي، بين تخفيف التدابير وإعادة فتح النشاطات بشكل محدود. وينطبق ذلك على فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وهولندا والجمهورية التشيكية واليونان وأوكرانيا.

في فرنسا، حيث توفي حوالى 26 ألف شخص بكوفيد-19، سيسمح مجددًا بحرية التنقل، لكن مع قيود في المناطق "الحمراء"، أي التي ينشط فيها الفيروس بشكل أكبر، ويشهد فيها النظام الصحي ضغطًا أكبر.

في بريطانيا، دعا رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي شفي من كوفيد-19، البريطانيين، إلى الصبر قبل ثلاثة أيام من خطاب سيلقيه ليعلن فيه تخفيفًا "محدودًا جدًا" لبعض القيود.

أما في بلجيكا، البلد الذي سجل أكبر عدد من الوفيات بالمقارنة مع عدد السكان، فستفتح المحال التجارية غير الأساسية أبوابها الإثنين.

بالعكس، أعلنت مدينة موسكو الإثنين فرض ارتداء الأقنعة الواقية بشكل إلزامي في وسائل النقل وتمديد العزل حتى 31 مايو، بينما تشهد روسيا، التي بقيت لفترة طويلة في منأى عن انتشار المرض، ارتفاعًا في عدد الإصابات.

ومنذ الأربعاء، قررت ألمانيا، التي تستند إلى عدد الإصابات "المرضي جدًا" على حد قول المستشارة أنغيلا ميركل، رفع كل القيود تقريبا التي فرضت منذ منتصف مايو. خارج أوروبا، ستبدأ كاليفورنيا، أول ولاية أميركية فرضت عزلًا لمنع انتشار الفيروس، تخفيف بعض التدابير الجمعة.

الهيدروكسيكلوركين لا يفيد ولا يضر
أظهرت دراسة جديدة أجرتها مستشفيات في نيويورك أن إعطاء مرضى كوفيد-19 الذين تعد حالاتهم خطيرة، عقار هيدروكسيكلوروكين المستخدم في معالجة الملاريا لم يحسن وضعهم أو يجعله يتفاقم بشكل كبير.

وأوضح معدو الدراسة التي نشرت في مجلة "نيو انغلاند جورنال أوف ميديسين" أنه "لم يتراجع أو يرتفع بشكل كبير احتمال الوفاة أو إدخال انبوب إلى الرغامى لدى مرضى تلقوا عقار هيدروكسيكلوروكين مقارنة بالذين لم يحصلوا عليه".

من جهته، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان الجمعة أن وباء كوفيد-19 "يطلق العنان لطوفان من مشاعر الحقد وكراهية الأجانب"، من دون أن يذكر بلدًا أو أفرادًا محددين، داعيًا إلى "بذل كل ما في وسعنا" لوضع حد لذلك.

قال غوتيريش في البيان إن "مشاعر معاداة الأجانب تفاقمت على الإنترنت وفي الشوارع، وانتشرت نظريات المؤامرة المعادية للسامية، وتعرّض المسلمون لاعتداءات ذات صلة بالجائحة".

وناشد غوتيريش "المؤسسات التعليمية" خصوصًا أن "تركز على محو الأمية الرقمية في وقت يرتاد الإنترنت مليارات الشباب ويسعى المتطرفون إلى كسب الأتباع بالترويج لأفكارهم في أوساط المحتجزين والأشخاص الذين قد تستحوذ عليهم مشاعر اليأس".