أسامة مهدي: دعت منظمة حقوقية دولية الحكومة العراقية الى معالجة أهم التحديات الحقوقية في البلاد منوهة الى ان لديها مع تولي الكاظمي رئاستها فرصة استثنائية للتصدي للقيود المفروضة على حرية التعبير منذ أكثر من عشر سنوات.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأميركية الدولية في تقرير لها اليوم تابعته "إيلاف" إن تصاعداً في انتهاكات الحق في حرية التعبير وسط الاحتجاجات الواسعة النطاق عند انتهاء ولاية الحكومة السابقة التي استقالت في نوفمبر الماضي بفعل احتجاجات واسعة شهدتها العاصمة و9 محافظات وسطى وجنوبية وخلال تفشي فيروس "كورونا" منذ فبراير الماضي يُبيّن ضرورة قيام الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي بإصلاح قوانينها حيث تستخدم السلطات العراقية، بما في ذلك سلطات إقليم كردستان، بشكل روتيني قوانين فضفاضة الصياغة لتوجيه اتهامات جنائية ضد الأشخاص الذين يعبرون عن آراء لا تعجبهم.

وبينت المنظمة أنها أصدرت تقريراً في 30 صفحة تحت عنوان "ممكن نستدعيك في أي وقت : حرية التعبير مهددة في العراق" يتناول مجموعة من الأحكام القانونية المتعلقة بالتشهير والتحريض والتي تستخدمها السلطات ضد منتقديها، بما في ذلك الصحافيون والنشطاء والأصوات المعارضة الأخرى.

وطالبت برلمانَيّ العراق وإقليم كردستان باستبدال مواد التشهير الجنائي في قانون العقوبات بعقوبات تشهير مدنية وتعديل القوانين التي تحدّ من حرية التعبير تماشيا مع القانون الدولي.

فرصة استثنائية لإنهاء القيود على حرية التعبير

واضافت هيومن رايتس ووتش انه "مع تولّي مصطفى الكاظمي منصبه الجديد كرئيس للوزراء، ورغبته المعلنة منذ توليه المنصب في السابع من مايو الماضي بمعالجة بعض من أهم التحديات الحقوقية في العراق، لدى الحكومة فرصة استثنائية للتصدي للقيود المفروضة على حرية التعبير منذ أكثر من عشر سنوات.

متظاهرون عراقيون مصابون بطلقات بنادق الصيد للقوات الامنية

وقالت بلقيس والي باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في المنظمة "يُبرز تفشي فيروس كورونا الدور الحيوي، والمُنقذ للحياة أحيانا، الذي تضطلع به الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي القوية والاستقصائية. على القادة العراقيين الالتزام بتعزيز احترام القانون الدولي كوسيلة لإعلام شعوبهم وحمايتهم بشكل أفضل."

محاكمة ناشطين وصحافيين

وأوضحت هيومن رايتس ووتش انها درست 33 قضية تتعلق بمحاكمة 21 ناشطا و14 صحافيا تعرضوا للاعتداءات، 13 قضية منها متصلة بدعم أنشطة الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي، وسبع منها متصل بتغطية فساد الدولة في وسائل الإعلام الرئيسية أو وسائل التواصل الاجتماعي. لم تحدّث أي من القضايا في المناطق الخاضعة لسيطرة بغداد بعد تولي رئيس الوزراء الحالي والحكومة الجديدة مقاليد الحكم.

وقالت إن قانون العقوبات العراقي، الذي يعود تاريخه إلى 1969 ينص على العديد من "الجرائم" مثل إهانة "الأمة العربية" أو أي مسؤول حكومي، بغضّ النظر عمّا إذا كان الكلام صحيحا. رغم قلّة عدد الأفراد الذين أمضوا عقوبة سجنية بتُهم التشهير، قد تكون العملية الجنائية نفسها بمثابة عقاب. الإبلاغ عن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن أو عن الفساد أمر محفوف بالمخاطر بشكل خاص.

إغلاق قنوات تلفزيونية واذاعات ومهاجمة مراكز إعلامية

واشارت المنظمة الى انه بعد اندلاع الاحتجاجات الواسعة النطاق في اكتوبر 2019، أمرت السلطات بإغلاق ثماني محطات تلفزيونية وأربع محطات إذاعية لمدة ثلاثة أشهر بدعوى انتهاكها لقواعد ترخيص وسائل الإعلام، بناء على الإرشادات، وأصدرت تحذيرات لخمسة جهات بث أخرى بشأن تغطيتها.

كما داهم رجال مسلحون مجهولون مكاتب ثلاث وكالات إخبارية على الأقل والحقوا اضرارا بها في اكتوبر. وفي أوائل ابريل 2020، علقت الهيئة ترخيص وكالة أنباء "رويترز" وغرّمتها 25 مليون دينار عراقي (21 ألف دولار أميركي) بسبب مقال نشرته في 2 ابريل يزعم أن عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في البلاد كان أعلى بكثير من الإحصاءات الرسمية المُعلَنة وقد تراجعت السلطات عن قرار التعليق في 19 ابريل.

سلطات إقليم كردستان تُحد من حرية التعبير

وأوضحت هيومن رايتس ووتش ان سلطات إقليم كردستان تستخدم قانون العقوبات المحلي، وقانون العمل الصحفي، وقانون منع إساءة استعمال أجهزة الاتصالات للحد من حرية التعبير.

وقالت "يشعر الأشخاص الذين قابلناهم والذين وُجّهت لهم تهم جنائية أنّ المحاكمات تهدف إلى ترهيب المنتقدين. قال 11 منهم إنهم لم يتلقوا أي معلومات من النيابة لفترات طويلة، مما جعلهم غير متأكّدين مما إذا كانت القضايا المرفوعة ضدهم لا تزال منظورة أمام القضاء.

وأكدوا إن قوات الأمن أساءت معاملتهم وقت القبض عليهم أو خلال احتجازهم. قال جميع الصحافيين الـ 14 وأربعة من النشطاء الذين قابلناهم إنهم يتلقون تهديدات بانتظام، عادة من مصادر مجهولة عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي، وأحيانا من قوات الأمن أو مسؤولين حكوميين. قال الصحافي أمانج أبو بكر إن التهديدات التي تلقاها بشأن مقالين عن إقليم كردستان في مارس أثّرت عليه.

رسائل لحكومتي بغداد وأربيل

وكشفت رايتس ووتش انها راسلت في 29 الماضي الى الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق من أجل طلب معلومات بخصوص القضايا الموثّقة في التقرير بينما لم ترسل السلطات في بغداد أي ردّ حتى تاريخ نشر هذا التقرير بينما اجابت حكومة إقليم كردستان بطريقة "أولية" مشيرة إلى أنها "ملتزمة بالمحافظة على حقوق الصحافيين" وستُرسل لاحقا مزيدا من المعلومات.

وبينت المنظمة ان القانون الدولي لحقوق الإنسان يسمح بفرض قيود على حرية التعبير لحماية سمعة الآخرين، لكن ينبغي أن تكون هذه القيود ضرورية ومحددة بشكل ضيق. تعتقد هيومن رايتس ووتش أن العقوبات الجنائية هي دائما عقوبة غير متناسبة مع الضرر المزعوم الذي يلحق بالسمعة.

دعوة لإصلاح قوانين حرية التعبير لتتماشى مع المعايير الدولية

ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات العراقية الاتحادية وسلطات إقليم كردستان الى توجيه قوات الأمن لوضع حد للترهيب والمضايقة والاعتقال والاعتداء على الصحافيين وغيرهم بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير، والتحقيق في الادعاءات ذات المصداقية بتهديدات أو اعتداءات من قبل موظفي الحكومة أو آخرين ضد المنتقدين.

وقالت بلقيس والي باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في المنظمة "نظراً إلى انعدام الثقة بين المجتمع المدني ووسائل الإعلام من جهة والسلطات من جهة أخرى، على الحكومة العراقية الجديدة والسلطات الكردية إصلاح القوانين لجعلها تتماشى مع المعايير الدولية إلغاء الأحكام المبهمة بشأن الإهانات والتحريض قد يُظهِر أنّ السلطات ملتزمة بحماية حرية التعبير".

ولمناسبة الذكرى 151 للعيد الوطني للصحافة العراقية التي حلت امس فقد تعهد الكاظمي ببذل المزيد من الجهود من اجل تعزيز حرية الرأي والتعبير وان تبقى الصحافة منصة للحقيقة.