بيروت: تحت سقف قصر بسترس المزخرف، مقرّ وزارة الخارجية في بيروت، يلتقط متظاهرون صور "سلفي" أمام جدران متضررة، لتوثيق ما يعتبرونه "انتصاراً" خلال اقتحامهم لثلاث ساعات هذا المرفق، بعدما أعادت مأساة المرفأ اللبنانيين إلى الشوارع.

وبينما كان الآلاف يتظاهرون تحت شعار "يوم الحساب" في وسط بيروت ويطالبون بمعاقبة المسؤولين عن انفجار المرفأ، الذي أوقع نحو 160 قتيلاً وستة آلاف جريح، بالإضافة إلى 21 مفقوداً، توجه عشرات المتظاهرين غالبيتهم عسكريون متقاعدون إلى مقر وزارة الخارجية في حي راقٍ في منطقة الأشرفية.

وقال نديم (35 عاماً) "هذا أول انتصار لنا. سنلاحقهم إلى بيوتهم وحياتهم اليومية، لن نتركهم يتنفسون". وأضاف "هم مجرمون وسنحاسبهم. هم من تسبّبوا بانفجار المرفأ"، الذي شرّد نحو 300 ألف شخص من منازلهم المتضررة وأثار غضب اللبنانيين وحزنهم.

بسهولة، تمكن المتظاهرون من دخول الباحة الخارجية للوزارة، حيث رفعوا على واجهتها شعار "بيروت عاصمة الثورة" قبل أن يدخلوا المبنى وينزعوا صورة رئيس الجمهورية ميشال عون.

في الداخل، بدت آثار الانفجار واضحة على عدد من الجدران المتصدّعة. وتحيّن المتظاهرون الفرصة لالتقاط صور في قاعة الاستقبال. قال أحدهم متهكماً "هنا جلس جبران باسيل"، وزير الخارجية السابق الذي نال الحصة الأكبر من هتافات المتظاهرين خلال التحركات التي شهدها لبنان منذ 17 أكتوبر الناقمة على الطبقة السياسية مجتمعة والمطالبة برحيلها. كما التقط آخرون صوراً خلف المنبر الذي يتحدّث عادة منه وزير الخارجية وضيوفه. على درج القصر، حيث هتف المتظاهرون "ثورة، ثورة"، وقف عسكري متقاعد يحثّ المتظاهرين على الدخول. ويقول "نريد ردّ الأملاك للشعب".

"مقر الثورة"

وقال متظاهر ممازحاً "أحضروا لنا الفرش والسجاد.. لن نخرج من هنا". وأجابه آخر "لم نصدّق أننا أتينا، فكيف نخرج؟".

ورغم وصول تعزيزات عسكرية الى محيط الوزارة، انضمت تباعاً مجموعات من المحتجين إلى المكان أو "مقر الثورة" كما أعلنوها. ورددوا هتافات عدّة بينها "من أجلك يا بيروت، هالثورة ما بتموت". وبعد نحو ثلاث ساعات، عمل عناصر الجيش على اخراج المتظاهرين بالقوة.

منذ بداية الاحتجاجات ضد السلطة الحاكمة التي يتهمونها بالفساد والفشل في إدارة الأزمات، انضم عشرات العسكريين المتقاعدين الذين لم يتخلوا عن زيّهم العسكري إلى مئات آلاف المتظاهرين ونصبوا خيمة اعتصموا فيها في وسط بيروت.

ويقود مجموعة العسكريين المتقاعدين العميد المتقاعد سامر رماح، الذي قاتل قبل أكثر من عقدين تحت إمرة عون حين كان الأخير قائداً للجيش.

ويقول "لم يحافظ الرئيس على قسمه بسبب الفساد ونظام المحاصصة المذهبية والطائفية" مضيفاً "هذه الجمهورية تشبه مزرعة والمنظومة الحاكمة غير جديرة ان تحكم دولة أو حتّى مزرعة"، مضيفا "كنت أعتبر هذا الرجل أملاً".