برلين: التقى وزيرا الخارجية الإسرائيلي والإماراتي للمرة الأولى الثلاثاء في العاصمة الألمانية برلين ما يشكل خطوة كبيرة على طريق علاقاتهما الجديدة، وخصوصا بزيارتهما نصب محرقة اليهود، الذي يحمل رمزية كبيرة.

وتبادل وزير الخارجية الاسرائيلي غابي اشكينازي ونظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان التحية بملامسة الكوع، ضمن تدابير الحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، خلال أول لقاء بينهما بعد توقيع دولتيهما اتفاقا لتطبيع العلاقات بوساطة أميركية في منتصف سبتمبر الماضي.

وجال الوزيران يرافقهما مضيفهما وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في موقع النصب الشاسع الذي يضم أكثر من 2700 كتلة اسمنتية تنتشر على مساحة توازي ثلاثة ملاعب لكرة القدم. ويكرم النصب ذكرى مقتل 6 ملايين يهودي على أيدي نظام أدولف هتلر النازي.

وقال اشكنازي إن الزيارة كانت مؤثرة بالنسبة له بشكل خاص "كممثل (لإسرائيل) وكجنرال سابق وكابن أحد الناجين من المحرقة. ... لقد وقفنا ثلاثتنا معاً بصمت ونحن نتذكر الضحايا. وللمرة الاولى في التاريخ، كان ممثل دولة عربية حاضرًا ... وجودنا معًا اليوم يرمز إلى حقبة جديدة من السلام والاستقرار والازدهار والأمل".

وقعت البحرين والإمارات اتفاقي سلام مع إسرائيل بعد عقود من توقيع مصر عام 1979 والأردن عام 1994.

بالنسبة للشرق الأوسط يمثل الاتفاقان تحولًا واضحًا بعد أن حاولت الدول العربية الحفاظ على موقف موحد ضد إسرائيل بسبب معاملتها للفلسطينيين المحرومين من إقامة دولة لهم.

كما تعد زيارة الوزير الإماراتي إلى النصب التذكاري للهولوكوست خطوة رمزية للغاية، فهي تشير إلى التحول في المواقف في العالم العربي تجاه إسرائيل واليهود.

فقد أدت النزاعات السياسية إلى توترات شديدة بين الإسلام واليهودية، وإنكار المحرقة منتشر في العديد من الدول العربية.

ويرى الفلسطينيون أن الاتفاقات تتعارض مع الإجماع العربي، الذي جعل حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني شرطا أساسيا لإحلال السلام مع الدولة العبرية.

وتبادل الشيخ عبد الله واشكينازي كلمات قليلة أثناء زيارتهما لمتحف النصب تحت الأرض وتوقيع كتاب الزوار.

وكتب الشيخ عبد الله "لن يتكرر هذا أبدا" وأضاف أن "الموقع يعبر عن قيم التعايش والمغفرة ... التي بنيت بلادي على أساسها".

فيما رنا اشكينازي في رسالته إلى المستقبل، قائلا إن اللقاء "يرمز إلى بداية عهد جديد وعهد سلام بين الشعوب".

وتابع "توقيعنا المشترك في الكتاب التذكاري بمثابة صرخة وقسم مشتركين: أن نتذكر وألا ننسى، وأن نكون أقوياء وأن نعد بألا يتكرر".

وقال ماس إنه "ِشرف كبير أن يختار وزيرا الخارجية الإسرائيلي والإماراتي برلين مكانا للقائهما التاريخي الأول".

وأضاف "أهم صفات الدبلوماسية هي الثقة وأنا شخصيا أشكر زميليَّ لأنهما وضعا هذه الثقة في ألمانيا".

وعقب محادثاتهما في وزارة الخارجية الألمانية، أبدى وزيرا الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل استعدادهما لمباشرة التعاون في مجالات من بينها التطوير التكنولوجي والأمن.

وقال أشكينازي إن قضايا من بينها إقامة سفارات أو إقامة روابط جوية أثيرت خلال المحادثات.

ووصف ماس الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي بأنه "أول خبر سار في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة".

لكنه حث الطرفين على المضي قدما وعلى أن تغتنم المنطقة هذا الزخم لإقامة سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين.

وقال ماس الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي، "يجب اغتنام هذه الفرصة"، معربًا عن استعداد الاتحاد للمساعدة.

ودعا أشكينازي الفلسطينيين إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. وقال "كلما طالت مدة تأجيل المفاوضات، نترك وراءنا واقعًا أكثر صعوبة للأجيال المقبلة".