بروكسل: يعتزم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي هذا الأسبوع الدعوة إلى تعزيز الدور السياسي للتحالف الدفاعي بصفته حجر الأساس للغرب، وذلك على الرغم من الخلافات القائمة حول استراتيجيته.
وسيعرض الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس سلتوتنرغ على وزراء الخارجية تقريرا للجنة خبراء من خارج الحلف، يدعم هذا التوجّه للدفع باتّجاه جعل التحالف الدفاعي محورا سياسيا.
وقال ستولتنبرغ "سأقدّم مقترحاتي لرؤساء الدول والحكومات خلال اجتماع سيعقد العام المقبل".
واضاف "أتطلّع إلى ذلك لأن حلف شمال الأطلسي اثبت أنه تحالف نشط للغاية".
ويتّهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الدول الأوروبية المنضوية في الحلف بأن مساهماتها أقل من حجمها، فيما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن التحالف يعاني "موتا دماغيا".
وسرّع ترامب انسحاب القوات الأميركية من بعثات الحلف في أفغانستان على الرغم من عدم التوصّل إلى حل سياسي مستدام.
من جانبها، اشترت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي منظومة صواريخ دفاعية روسية على الرغم من تحذيرات التحالف، وهي تخوض نزاعا بحريا محفوفا بالمخاطر مع اليونان المنضوية أيضا في الحلف.
وسعى ماكرون لاستغلال الأزمة لدعوة أوروبا إلى تطوير "استقلالية استراتيجية" للتحرك خارج حدودها من دون العودة إلى الحلفاء اذا اقتضى الأمر.
لكن هذا الأمر لقي معارضة ألمانيا التي تأمل أن يعيد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بلاده إلى نهج أكثر جماعية.
وفي مؤتمر صحافي عقده لعرض أبرز نقاط مؤتمر الثلاثاء الذي سيعقد عبر الفيديو قال ستولتنبرغ إنه دعا بايدن إلى قمة في بروكسل "مطلع العام المقبل" سيشارك فيها قادة الدول الأعضاء.
وقال ستولتنبرغ "موعد القمة لم يحدد بعد. لكن القمة ستعقد. وبالتأكيد كل قادة الحلف سيحضرون".
وبقيت بريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوروبي منضوية في الحلف، وقد عزّزت إنفاقها العسكري تطبيقا للهدف المحدد للدول الأعضاء بإنفاق يبلغ 2 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي في غضون أربعة أعوام.
لكن دولا أوروبية أخرى منضوية في الحلف، خصوصا ألمانيا، لن تلتزم تحقيق هذه النسبة من الإنفاق الدفاعي في السنوات المقبلة، وربما أبدا.
وعلى خلفية ذلك، سيتعين على الحلفاء أن يقرروا كيفية التصدي لتزايد نفوذ روسيا والصين المنخرطتين في تحديث جيشيهما.
وحلف شمال الأطلسي الذي تشكّل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بصفته درعا للغرب إبان الحرب الباردة، يسعى إلى أداء دور جديد على صعيد حفظ السلام في أفغانستان، والحروب الإلكترونية ومكافحة الإرهاب.
لكن هدفه الأساسي يبقى ردع الخصوم وخصوصا روسيا والصين.
كذلك يواجه الحلف بداية ما يمكن أن يصبح منافسة من منظمة تتخّذ بدورها بروكسل مقرا لها هي الاتحاد الأوروبي الساعي إلى تعزيز دوره "الجيوسياسي".
وغالبية دول الاتحاد الأوروبي، وليس كلها، منضوية في حلف شمال الأطلسي. وتدرس دول التكتل خطة لم تنشر بعد لتطوير "بوصلة استراتيجية" خاصة بالاتحاد وخفض اعتمادها على واشنطن.
لكن الأوروبيين منقسمون.
وشدّدت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور على "ضرورة وضع حد لأوهام الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية".
وهي قالت هذا الشهر "لن يتمكّن الأوروبيون من أداء الدور المحوري لأميركا بصفتها متعهدة الأمن".
لكن ماكرون خالفها الرأي في مقابلة حول السياسة الاستراتيجية مع صحيفة "لو غران كونتينان"، واصفا موقفها بأنه "إساءة فهم".
غير أنه تسرّع باستنتاج أن ميركل لا تؤيد وزيرة دفاعها، لترد كرامب-كارنباور بالقول "لم أسمع المستشارة تقول إن حلف شمال الأطلسي غير فاعل".
ويعتبر خبراء أن من الخطأ التركيز على انتقادات ماكرون للحلف.
وتقول أولريكي فرانكي العضو في لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الأوروبي إن "الرئيس ماكرون لطالما اعتبر أن الدفاع الأوروبي يكمّل (دور) حلف شمال الأطلسي".
وقال النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي أرنو دانجان الخبير في الاستراتيجيات الدفاعية إن على أوروبا تعويض تخلّفها على صعيد التكنولوجيا المتطوّرة على غرار الأسلحة الذاتية التشغيل ونظامها التوجيهي الخاص بواسطة الأقمار الاصطناعية.
لكنه اعتبر أن تركيز فرنسا الحالي على منطقة المتوسط والمنطقة التي تشهد انعداما للاستقرار في شمال إفريقيا وغربها قد يكمّل مهمة حلف شمال الأطلسي بالتصدي شمالا وشرقا لروسيا.
وقال لوكالة فرانس برس إن "السياسة الدفاعية الأوروبية تقوم على إدارة الأزمات أكثر من أي شيء آخر، وهذا الأمر سينفّذ على الجبهة الجنوبية في مناطق لم تعد تشكّل أولوية للولايات المتحدة".
التعليقات