ايلاف من لندن: كشفت منظمة حقوقية دولية الاحد عن اطلاق السلطات العراقية 75 طفلا متهمين بالانتماء الى تنظيم داعش معتبرة ذلك فهما لبعض القضاة العراقيين لكيفية تطبيق المبادئ الحقوقية الدولية وشددت على ضرورة معاملة الأطفال الذين جندتهم الجماعات المسلحة كضحايا أولا وليس كمجرمين.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقة الدولية في تقرير لها اليوم تابعته "ايلاف" إن لجنة قضاة مختصة بالفصل في قضايا الأطفال المحتجزين في العراق للاشتباه بانتمائهم إلى تنظيم داعش قد امتثلت خلال النصف الاول من العام الحالي للمعايير الحقوقية الدولية بشكل أفضل مقارنة بالمحاكم العراقية الأخرى.
واشارت الى ان سجلات اللجنة التي راجعتها تظهر انه من يناير إلى يونيو 2020 قيام اللجنة بمراجعة معمّقة لقضايا فردية وحُكمها بالإفراج عن 75 طفلا مشتبها بهم لأسباب منها عدم كفاية الأدلة ومنع المحاكمة المزدوجة وبموجب أحكام قانون العفو العراقي.
ضحايا وليسوا مجرمين
وقالت بلقيس والي باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش "يشير عمل هذه اللجنة إلى فهم بعض القضاة العراقيين كيفية تطبيق المبادئ الحقوقية الدولية وتنفيذهم إياها حتى لو تجاهلها باقي السلك القضائي".
وعبرت عن الامل في أن يشارك مجلس القضاء الأعلى العراقي هذا المثال الإيجابي مع جميع المحاكم في البلاد ليصبح القاعدة وليس الاستثناء.
واشارت الى انه على مدى سنوات، اتهمت سلطات حكومتيّ العراق وإقليم كردستان مئات الأطفال بالإرهاب لانتمائهم المزعوم إلى داعش، حيث استندت المحاكمات غالبا إلى اتهامات ملفقة واعترافات منتزعة تحت التعذيب بغض النظر عن مدى تورط الأطفال مع داعش إن وُجد. واعتبرت ان هذا النهج قد انتهك المعايير الدولية التي تقضي بوجوب معاملة الأطفال الذين جندتهم الجماعات المسلحة كضحايا أولا وليس كمجرمين.
خطوة نحو العدالة للأطفال المشتبه بانتمائهم للتنظيم
واضافت المنظمة انه لأكثر من عقد من الزمان، كانت لجنة في محافظة نينوى الشمالية برئاسة قاضٍ تعمل مع مدعٍ عام وأخصائي اجتماعي للنظر في قضايا المشتبه بهم الذين كانوا أطفالا وقت انضمامهم إلى المنظمات الإرهابية.
وبينت انه خلال النصف الاول من العام 2020 بدا أن هذه اللجنة تتبنى نهجا أكثر توافقا مع حقوق الإنسان تجاه القضايا التي تشمل الأطفال المشتبه بانتمائهم إلى داعش. وفي يونيو، حلت السلطات القضائية اللجنة، قائلة إن الأخيرة راجعت جميع القضايا العالقة، لكن لجنة أخرى في نينوى للفصل في قضايا إرهاب متعلقة بالأطفال استمرت في العمل.
واضافت هيومن رايتس ووتش ان مصدرا مقربا من محكمة الاستئناف الاتحادية في نينوى قد ابلغها في آب اغسطس الماضي إن اللجنة راجعت 277 قضية قبل حلها في يونيو واظهرت السجلات محاولة اللجنة في الموصل مراجعة القضايا بشكل أكثر عدلا وتطبيق المعايير الدولية بشكل أفضل على عكس لجنة تكليف والمحاكم العراقية الأخرى.
وقالت ان اللجنة ادانت 202 شخص، وبرّأت 31 شخصا وأفرجت عنهم، وأطلقت سراح 44 بموجب قانون العفو العراقي لعام 2016.
اتهام مئات الاطفال بالارهاب
واشارت المنظمة الى انه منذ ظهور داعش في العراق، اتهمت سلطات حكومتيّ العراق وإقليم كردستان، بموجب قانون مكافحة الإرهاب، مئات الأطفال بالإرهاب بسبب الانتماء المزعوم إلى داعش.
واوضحت انه بموجب قانون رعاية الاحجاث العراقي لعام 1983، فإن الحد الأدنى لسن المسؤولية الجنائية هو تسع سنوات في العراق، و11 سنة في إقليم كردستان. كما ينص القانون العراقي أن على السلطات القضائية التي تتعامل مع قضايا الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما وقت ارتكاب الجريمة المزعومة إرسال الطفل المدان إلى "مدارس التأهيل"، المخصصة لتوفير التأهيل الاجتماعي وإعادة الإدماج من خلال التعليم أو التدريب المهني.
اعتقال الاطفال ملاذ أخير
وشددت المنظمة على انه ينبغي أن يستخدم احتجاز الأطفال كملاذ أخير ولاقصر مدة مناسبة
حيث ينص القانون الدولي المتعلق بالأطفال والنزاع المسلح على أنه ينبغي للدول مساعدة الأطفال الذين تجندهم الجماعات أو القوات المسلحة بشكل غير قانوني، بما في ذلك تقديم المساعدة المناسبة لتعافيهم البدني والنفسي وإعادة دمجهم في المجتمع.
ونوهت الى ان "لجنة حقوق الطفل" التابعة للأمم المتحدة قد اشارت الى أن على الدول الامتناع عن توجيه اتهامات للأطفال ومقاضاتهم لمجرد ارتباطهم بجماعة مسلحة غير دولية، بما في ذلك الجماعات المصنفة على أنها إرهابية.
دعوة للافراج عن جميع الاطفال الذين لم يرتكبوا جرائم
ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان الى تعديل قوانين مكافحة الإرهاب لإنهاء احتجاز ومحاكمة الأطفال لمجرد مشاركتهم في تدريب لداعش أو الانتساب إليه، مع الاعتراف بأن القانون الدولي يحظر تجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة.
وشددت المنظمة على انه حتى يتم تعديل القوانين، على مجلس القضاء الأعلى العراقي توجيه القضاة في جميع أنحاء العراق للإفراج عن جميع الأطفال الذين لم يرتكبوا جرائم أخرى وضمان إعادة تأهيلهم ودمجهم كما يجب معاملة الأطفال الذين قد يكونون ارتكبوا جرائم عنف أخرى وفقا للمعايير الدولية لقضاء الأحداث.
وقالت والي في الختام "اتخذ العراق خطوة صغيرة نحو حماية حقوق الأطفال بدلا من سحقها لكن حتى هذا التقدم مهدد ما لم تعمّمه السلطات".
يشار الى ان العراق كان قد اعلن رسميا في العاشر من ديسمبر عام 2017 عن هزيمة داعش واستعادة السيطرة بشكل كامل على الحدود العراقية السورية واسترجاع كامل أراضيه التي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد والتي اجتاحها التنظيم صيف عام 2014 .
التعليقات