إيلاف من الرباط: بعد نحو ثلاثة أيام على صدور بيان الديوان الملكي المغربي حول إصدار الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرسوماً رئاسياً، بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثره الفوري، يقضي باعتراف الولايات المتحدة، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على جميع منطقة الصحراء المغربية، وقرار استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، أصدر حزب "العدالة والتنمية" (مرجعية إسلامية) الذي يقود الحكومة، بيانا توج اجتماعا استثنائيا، السبت، لأمانته العامة خصص لتدارس التطورات الأخيرة المرتبطة بقضية الصحراء المغربية وخاصة بعد صدور الإعلان الرئاسي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبناء على المعطيات الواردة في البيانين الصادرين عن الديوان الملكي، الخميس، بخصوص المكالمتين الهاتفيتين بين العاهل المغربي والرئيس الأميركي، وبين العاهل المغربي ومحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية.

اعتزاز وتذكير
جاء بيان الحزب من خمس نقط، خصص ثلاث منها لإعلان الرئيس الأميركي في شقه المتعلق بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية الجنوبية، فيما ركز في النقطتين الأخيرتين للحديث عن الشق المتعلق بقرار استئناف العلاقة بين المغرب وإسرئيل، دون إبداء رأي بخصوصه مع الاكتفاء بالتذكير بــ"المواقف الثابتة والمتواصلة لجلالة الملك رئيس لجنة القدس في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني"، وبـ "مواقف الحزب الثابتة من الاحتلال الصهيوني وما يقترفه ضد الشعب الفلسطيني من جرائم تقتيل وتشريد وعدوان على المقدسات".

سيادة المغرب على الصحراء
سجلت النقطة الأولى من بيان الحزب "اعتزازها وثقتها في القيادة المتبصرة والحكيمة" للملك محمد السادس، وما نتج عنها من إنجازات تاريخية وتحولات ستراتيجية "تشهدها قضيتنا الوطنية"؛ وفي ثانيها "اعتبارها الإعلان الرئاسي الأميركي إعلانا مهما يؤكد سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ويفتح آفاقا جديدة لتقوية الموقف المغربي في الأوساط الدولية،ويزيد من عزلة خصوم الوحدة الترابية،ويسهم في مواجهة مؤامراتهم التي تهدف إلى التشويش عليها"؛ فيما أكدت في النقطة الثالثة "تعبئة الحزب وراء جلالة الملك وقيادته الحكيمة من أجل ترسيخ سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية ودعم مسار التصدي لمناورات خصوم الوحدة الترابية وإنجازات الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالته".

المغرب وإسرائيل
خصص الحزب النقطتين الأخيرتين من بيانه للشق المتعلق بإعلان استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، حيث اكتفى في نقطته الرابعة بـ"التنويه بالمواقف الثابتة والمتواصلة لجلالة الملك رئيس لجنة القدس في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، والتي أكدها خلال مكالمته مع الرئيس الفلسطيني من أن موقفه ثابت لا يتغير، وأن "المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة، وكذلك حرصه على الحفاظ على الطابع الخاص لمدينة القدس والطابع الإسلامي للمسجد الأقصى بصفته رئيس لجنة القدس".
وذكر الحزب في النقطة الخامسة والأخيرة بــ "مواقف الحزب الثابتة من الاحتلال الصهيوني وما يقترفه ضد الشعب الفلسطيني من جرائم تقتيل وتشريد وعدوان على المقدسات، وفي مقدمتها الاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى ومصادرة أراضي الفلسطينيين، وإنكار حق العودة في خرق سافر لكل المواثيق والقرارات الدولية ومحاولاته تطبيع علاقاته واختراق المجتمعات الإسلامية".

صمت وصقور
لاحظ مراقبون أن حزب "العدالة والتنمية" التزم الصمت، قبل أن تصدر أمانته العامة بيانها السبت.
وكان سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، والأمين العام للحزب، قال للقناة التلفزيونية الأولى المغربية، الخميس إن الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على كامل صحرائه يعد "إنجازاً كبيراً"، معتبراً أن هذه الخطوة "ستؤثر على مسار قضية الصحراء المغربية في السنوات المقبلة إذا لم نقل في الشهور المقبلة". واعتبر أن عزم الولايات المتحدة فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة، ثاني كبريات مدن الصحراء، هو اعتراف "عملي وواقعي".
ولم يشر العثماني إلى قرار المغرب إقامة علاقة دبلوماسية مع إسرائيل.
لكن بعض "صقور الحزب" انتقدوا في تدوينات على "فيسبوك" خطوة "التطبيع"، ومنهم النائب المقرئ الإدريسي أبو زيد، الذي وصف ما وقع بأنه "الخراب القادم"، متسائلاً "كيف إذا أصبح لمليون مغربي إسرائيلي حق التصويت بمسمى أنهم من مغاربة العالم؟".
بدورها، كتبت النائبة أمينة ماء العينين، المنتمية إلى "العدالة والتنمية"، تدوينة على "فيسبوك"، انتقدت فيها محاولة "خلق تقابل بين قضية الصحراء المغربية والقضية الفلسطينية"، معتبرة أن ذلك "يضر بالقضية الوطنية التي لا يمكن كسبها من دون تكريس مبدئيتها باعتبارها قضية عادلة". وأوضحت أن المغاربة "لن يتخلوا عن الشعب الفلسطيني ومطالبه العادلة والمشروعة"، وأن التطبيع لن ينجح "في بنية ظلت تقاومه لعقود بإصرار".

إعلان مفاجئ
كان بيان صدر، الجمعة، عن المكتب التنفيذي لحركة "التوحيد والإصلاح"، التي تعد الذراع الدعوي لحزب "العدالة والتنمية"، قد وصف إعلان المغرب رسميا عن إصدار الرئيس الأميركي مرسوما رئاسيا يقضي باعتراف الولايات المتحدة بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية، وتجسيد ذلك بقرار فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة؛ ومن جهة أخرى عن عزم المغرب استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الديبلوماسية في أقرب الآجال مع إسرائيل والعمل على إعادة فتح مكاتب للاتصال في البلدين وتسهيل الرحلات الجوية المباشرة، بالـــ"مفاجئ".
وجددت الحركة في بيانها "موقف الحركة المبدئي المؤكد لمغربية الصحراء" مع التنويه بـ"الجهود الوطنية المبذولة دفاعا عن وحدة المغرب وسيادته التي لا تقبل المساومة ولا الابتزاز والمقايضة"، واعتبار "قضية الصحراء المغربية قضية أمة وشعب ووطن، بَذَل المغاربةُ تضحيات جِساماً لأجل تحريرها وتنميتها والنهوض بأوضاع ساكنتها".
من جهة ثانية، أكدت الحركة موقفها "الرافض والمستنكر لكل محاولات التطبيع والاختراق الصهيوني"، واعتبرت "ما أقدم عليه المغرب، الذي يرأس لجنة القدس الشريف، مِن تدابيرَ مشارٍ إليها أعلاه، تَطوراً مؤسفاً وخطوةً مرفوضةً لا تنسجم مع موقف الدعم الثابت والمشرّفِ للمغرب، الذي يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، والمساندِ ماديا ومعنويا للقدس والمقدسيين وللمقاومة الفلسطينية ولنضال الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني الغاصب وجرائمه النكراء".
وحذرت الحركة من "خطورة هذه التدابير المعلن عنها ومآلاتها السلبية"، وقالت عنها إنها تضع المغرب "ضمن دائرة التطبيع مع الكيان الصهيوني وتفتح الباب أمام اختراقِه للمجتمع والدولة وتهديدهِ لتماسك النسيج المجتمعي واستقرار الوطن ووحدته"، مجددة انخراطها "الدائم والمستمر" في "دعم مقاومة الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل تحرير أرضه واستعادة كافة حقوقه المغتصبة وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف"؛ مع دعوة الشعب المغربي وكافة القوى المجتمعية الحية "للتكتل وتوحيد الجهود من أجل التصدي لخطر الاختراق الصهيوني ومناهضة كافة أشكال التطبيع"، قبل أن تدعو في ختام بيانها إلى "مراجعة المغرب للتدابير المعلن عنها، والانحياز للثوابت التاريخية في تعاطيه مع القضايا العادلة للشعوب المستضعفة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والقدس الشريف".