بشكيك: بدأ الناخبون في قرغيزستان الأحد بالإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية هي الأولى بعد الأزمة السياسية التي عصفت بهذه الجمهورية السوفياتية السابقة، وشهدت إطلاق سراح صدر جاباروف من السجن الذي يُتوقع حاليا أن يتصدر الاستحقاق بسهولة.

وتلخص رحلة خروج صدر جاباروف من السجن إلى اعتباره الأوفر حظًا للفوز بالرئاسة التغييرات الدراماتيكية في الشؤون السياسية التي لا يمكن التنبؤ بها في هذه الدولة الواقعة في آسيا الوسطى.

لكن منتقدي جاباروف (52 عاما) الذي تولى الرئاسة بالنيابة خلال اضطرابات تشرين الأول/أكتوبر، يخشون أن يؤدي فوزه إلى دفع قرغيزستان نحو حكم الرجل القوي المهيمن الذي يسود الجمهوريات السوفياتية السابقة.

وبدأ الناخبون يتدفقون على مراكز الاقتراع في أجواء باردة عند الساعة 8,00 صباحًا (02,00 ت غ).

ومن المتوقع ظهور النتائج الأولى بعد وقت قصير من إغلاق مراكز الاقتراع في الساعة 8,00 مساء (14,00 ت غ).

في العاصمة بشكيك حيث تتسبب البرودة الشديدة بغطاء سميك من الضباب الدخاني نتيجة تشغيل أنظمة تدفئة ملوِّثة وتقادم وسائل النقل، أعرب العديد من الناخبين عن نيتهم دعم جاباروف الذي كان قد دين بأخذ رهائن.

وقالت فيرا بافلوفا (69 عاما) التي اعترفت بأنها لا تعرف الكثير عن المرشحين الآخرين، "لقد وعد (جاباروف) برفع الرواتب والمعاشات".

وتابعت "لم أر ملصقاتهم في أي مكان. فقط ملصقات جاباروف".

وعلاوة على اختيار رئيس جديد، فإن قرغيزستان تختار بين الأنظمة البرلمانية والرئاسية للحكم، مع دعم جاباروف لمنح سلطات أكبر للمنصب الرئاسي الذي يسعى إليه.

ونصّب جاباروف الذي خرج من السجن على يد أنصاره خلال الأزمة الأخيرة قبل أن تبطل محكمة إدانته، نفسه على أنه معارض للجريمة المنظمة والفساد المنهجي.

ووجه انتقادات لاذعة إلى منتقديه الذين تكهن بعضهم بأن شبكات إجرامية تقف وراء صعوده إلى السلطة.

لكنه استخدم لهجة لتوحيد الناخبين في آخر ظهور له ضمن حملته الانتخابية، الجمعة في بشكيك.

وقال أمام حشد من عدة آلاف "دعونا نتحد معا ... نتعامل مع بعضنا البعض بتفاهم واحترام. نحن دولة واحدة وشعب واحد".

وفي ظل اقتصاد متهالك تأثر سلباً بتفشي جائحة كوفيد-19، من المرجح أن يكون الزعيم المقبل لقرغيزستان أكثر اعتمادا على حسن نوايا الحليفين، روسيا التي تعدّ وجهة لمئات الآلاف من المهاجرين القرغيزيين والصين المجاورة.

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيرا الإطاحة بالحكومة السابقة بأنها "محنة".

في المؤتمر الصحافي الذي عقده في نهاية العام، انتقد بوتين السياسيين في قرغيزستان لمحاولتهم تقليد الديموقراطيات الغربية.

والتقى سفير بكين بمسؤولين قيرغيزيين عدة مرات العام الماضي لمناقشة أوجه حماية الشركات الصينية، والتي تعرض بعضها للهجوم خلال الاضطرابات.

تعد الانتخابات في قرغيزستان الجبلية أكثر تنافسية من الانتخابات لدى جيرانها السوفياتيين السابقين، لكن ساحة التنافس لم تكن ابدا متكافئة.

اندلعت الأزمة التي سمحت بالصعود السياسي لجاباروف على خلفية حملات شراء الأصوات لصالح الأحزاب المقربة من الرئيس السابق سورونباي جينبيكوف.

استقال جينبيكوف بعد أقل من أسبوعين بسبب إصرار أنصار جاباروف وبعد الموافقة على تعيين البرلمان جاباروف رئيساً للوزراء.

وتعاني قرغيزستان من عدم استقرار أدى إلى وقوع ثورتين وسجن ثلاثة من رؤسائها أو إرسالهم إلى المنفى منذ الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي عام 1991.

وأصبح جاباروف رئيسا بالوكالة بعد استقالة جينبيكوف.

وألزم الدستور جاباروف على التخلي عن منصبه للتنافس في انتخابات الأحد، لكنّ خصومه يشكون من أن حملته استفادت من موارد الدولة حيث يشغل حلفاؤه الآن مناصب عليا.

أدلى تالانت ماميتوف، رئيس البرلمان الموالي لجاباروف، الذي استلم سلطات الرئاسة من جاباروف في الفترة التي سبقت التصويت، بصوته صباح الأحد في بشكيك، حسبما شاهد صحافي وكالة فرانس برس.

والجمعة، قالت لجنة الأمن القومي، برئاسة حليف آخر لجاباروف، إنها تحقق في تخطيط "بعض المرشحين للرئاسة وأنصارهم" لاضطرابات بعد التصويت، لكنها لم تذكر أسماء المرشحين المعنيين.

واتهم بيكول نورماتوف، وهو متقاعد يبلغ 77 عامًا، جاباروف "بإغراق الناس في الفوضى" العام الماضي، وشكا من أن حملته تستخدم "الموارد الإدارية" الحكومية لكسب الأصوات في منطقة أوش التي ينحدر منها نورماتوف.

وأشار إلى أن جاباروف فشل في الظهور في مناظرات تلفزيونية بين المرشحين.

وأوضح أنّه سيصوت بدلا من ذلك لمنافسه الرئاسي أداخان مادوماروف، المتحدر أيضا من منطقة أوش.

وقال نورماتوف إنّ "مادوماروف مرشح جدير"، واتهم جاباروف بـ" الاختباء من الناس".