ايلاف من لندن: أثارت عمليات اغتيال يتعرض لها قادة في تشكيلات سرايا السلام التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في جنوب العراق قلقا من تحولها الى مواجهات بين الفصائل المسلحة وعمليات انتقام عشائرية نتيجة مشاركة انصار الصدر بقتل المتظاهرين.

فبعد اغتيال القيادي في سرايا السلام الجناح العسكري للتيار الصدري بمحافظة الديوانية الجنوبية رامي الشباني مؤخرا، فقد اغتال مسلحون مجهولون الليلة الماضية قياديين في السرايا في محافظة ميسان الجنوبية هما ابو سلام الماجدي وعلي المرياني، وذلك على الطريق الرابط بين قضاء المجر ومدينة العمارة عاصمة المحافظة اضافة الى اصابة شخص ثالث بجروح . وجاءت هذه الاغتيالات بعد اسابيع من اغتيال مسلحين مجهولين للاستاذ الجامعي في جامعة المنارة بمدينة العمارة مركز محافظة ميسان أحمد الشريفي منتصف الشهر الماضي وقبله عبد الناصر الطرفي وهو زعيم قبيلة بني طي ومعروف بدعمه للاحتجاجات الشعبية في ميسان وهي اغتيالات تتزامن مع ممارسات لعناصر اصحاب القبعات الزرق الصدرية ضد الناشطين في ميسان.

اطلاق خطة لحفظ الامن وسط مخاوف من مواجهات مسلحة

واليوم، اعلنت قيادة شرطة المحافظة عن اطلاق خطة امنية لضبط الامن بعد تكرر حالات الاغتيال وهي تتضمن نشر سيطرات امنية ومتحركة على الطرق الخارجية والتشديد على الداخلين والخارجين من المحافظة . كما تم منع سير الدراجات والسيارات المظللة، والتي لاتحمل لوحات تسجيل.

وعلى الرغم من عدم اعلان أي جهة لحد الان مسؤوليتها عن تنفيذ هذه الاغتيالات الا انها تأتي متزامنة مع تجدد تظاهرات الاحتجاج في عدد من المحافظات الجنوبية وتصاعد عمليات الاغتيال للناشطين والمواجهات بين الفصائل المسلحة التي عادة ما يصفها الصدر بالمليشيات المنفلتة ويحرض السلطات عليها.

وقد سألت "ايلاف" مصدرا عراقيا مطلعا عن الجهات التي يمكن ان تكون خلف هذه الصراعات المسلحة فقال شرط عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع، إن العلاقات بين التيار الصدري وبقية القوى الشيعية في البلاد تتصف بالتوتر والتقاطع في التوجهات، فقبل ايام التزمت الصمت حول دعوة وجهها الصدر لها لعقد اجتماع عاجل لما قال انه يهدف الى ترميم البيت الشيعي اضافة الى المواجهات الاعلامية التي تحدث بين الحين والاخر.

واشار المصدر الى ان التيار الصدري متهم بمواجهة وقتل المتظاهرين وتقاطعه مع اهداف الحراك الشعبي وخاصة في محافظات الجنوب العشائرية. ونوه في هذا الصدد الى مهاجمة انصار الصدر من عناصر تشكيل القبعات الزرق لمتظاهري النجف بالاسلحة النارية والبيضاء في السادس من فبراير 2020 ما ادى الى مقتل واصابة حوالى 200 منهم بين قتيل وجريح، بينما شكر الصدر الله على هذا "النصر".

واشار الى ان انصار الصدر كرروا فعلتهم في مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار الجنوية حين هاجموا المتظاهرين المعتصمين في ساحة الحبوبي بوسطها في 27 نوفمبر الماضي، ما ادى الى سقوط حوالي 60 منهم بين قتيل وجريح.
ونوه المصدر الى ان هذه الاعتداءات وتصاعد اغتيال الناشطين في المحافظة خلال الايام الاخيرة قد اثارا غضبا شعبيا واسعا خاصة وان الضحايا هم من ابناء العشائر التي كانت قد هددت اكثر من مرة بالانتقام لهم.

ولذلك لم يستبعد المصدر تصاعد المواجهات وعمليات الانتقام ضد انصار الصدر محذرا من ان ذلك سيقود الى اقتتال داخلي خطير، مشددا على ضرورة اتخاذ السلطات اجراءات حاسمة وسريعة لحفظ الامن والسيطرة على الاوضاع.
وامس الاثنين، كتب الصدر في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" قائلا "اشجب وادين واستنكر الاعتداء الوحشي والإرهابي من قبل بعض المندسين في صفوف التشرينيين (في الناصرية) ضد القوات الأمنية وقتلهم بطريقة يندى لها جبين الانسانية".

وكانت المفوضية العراقية العليا لحقوق الانسان قد رفضت امس بشدة حالة الانفلات الامني التي تعيشها محافظة ذي قار قائلة في بيان تابعته "ايلاف"، انها "أدت الى تفاقم الصدامات بين المتظاهرين والقوات الامنية وكان نتيجتها مصرع رجل أمن ومتظاهر واصابة 111 شخصا من الطرفين بسبب إستخدام الرصاص الحي والحجارة والأدوات الجارحة".

يشار الى ان سرايا السلام تنظيم مسلح تابع للصدر تم تشكيله بهدف معلن هو الدفاع عن المساجد والمراقد الدينية بعد سيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من البلاد منتصف عام 2014، ومعظم قادتها مسلحون وقياديون سابقون في "جيش المهدي" أو "لواء اليوم الموعود"، وهي التنظيمات المسلحة التي تتبع للتيار الصدري الذي قال انه قام بتجميدها.

الكشف عن ملابسات قتل رجل امن خلال احتجاجات الناصرية
واليوم الثلاثاء، كشف مصدر أمني بمحافظة ذي قار الجنوبية عن خفايا مقتل عنصر أمني وسط ساحة الحبوبي في مدينة الناصرية عاصمة المحافظة السبت الماضي خلال مصادمات دامية بين محتجين وقوات أمنية.

وقال المصدر إن "العنصر الأمني ويدعى صالح البدري ينتمي الى فوج المهمات التابع لاستخبارات الشرطة الاتحادية وكان مكلفاً بواجب رسمي وسط جموع المتظاهرين، لكن بلباس مدني"، كما قال في تصريح لوكالة "شفق نيوز" المحلية وتابعته "ايلاف"، موضحا انه "أثناء المناوشات بين المتظاهرين والقوات الأمنية في ساحة الحبوبي تعرض البدري للضرب قطعة حجر كبيرة (طابوقة) من الخلف بطريق الخطأ فطرحته أرضا وعند سقوطه ظهر مسدسه الشخصي، ما اثار هلعا بين المتظاهرين.

وأضاف المصدر انه "أثناء تجمهر المتظاهرين حول البدري قامت مجموعة مندسة بينهم بتفتيش ملابسه فعثروا على هوية تدل على أنه عنصر أمني، فقامت المجموعة بطعنه عدة طعنات وضربه بطلق ناري من مسدسه الشخصي".
وأشار المصدر الى أن "الأجهزة الأمنية تتابع حاليا عبر مصادرها الخاصة المتسببين بقتل البدري وتوصلت الى معلومات دقيقة حول الجناة ستعلن عنها خلال الساعات المقبلة".

وكانت ساحة الحبوبي شهدت الأحد أحداثاً دامية تسببت بإصابة 111 شخصا من طرفي القوات الأمنية والمتظاهرين، فيما توفي العنصر ألامني نتيجة الطلق الناري.

يشار الى ان القوات الأمنية كانت قد تمكنت في ديسمبر الماضي من فض اعتصام المتظاهرين في ساحة الحبوبي بعد ان استمر لحوالي عام كامل غير أن الاحتجاجات عادت من جديد في أطراف الساحة منذ السبت الماضي اثر اغتيال واعتقال عدد من النشطاء هناك.