إيلاف من لندن: تبحث السلطات العراقية عن مسؤول كبير يترأس إحدى الهيئات العامة المستقلة مطلوب لاستجواب البرلمان بتهم فساد مالي لكنه اختفى فجأة بعد تسريبه معلومات عن اصابته بفايروس كورونا ومغادرته الى لبنان للعلاج، لكنه يؤكد انه موجود في العراق من دون تأكيد رسمي او توضيح منه عن اسباب غيابه عن استقبال فريق أرسلته وزارة الصحة للتأكد من وضعه الصحي.

فقد اكدت دائرة صحة الكرخ في بغداد في وثيقة صادرة عنها اطلعت عليها "ايلاف" الاثنين، اختفاء الرئيس التنفيذي لهيئة الاعلام والاتصالات علي ناصر الخويلدي - ينتمي الى حزب الدعوة الاسلامية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي - رفقة عائلته بعد ان ابلغ رئاسة مجلس النواب بأنه مصاب بفايروس كورونا، الامر الذي لم يمكنه من حضور جلسة استجوابه في البرلمان السبت الماضي حول شبهات فساد.

مريض أم متمارض
وخلال تلك الجلسة وجه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بالتأكد من صحة صدور تقرير طبي حول الحالة الصحية لرئيس الجهاز التنفيذي لهيئة الإعلام والاتصالات الخويلدي واصابته بكورونا والذي ارسله الى رئاسة البرلمان لتبرير تغيبه عن جلسة الاستجواب.

كما دعا الحلبوسي وزارة الصحة الى إرسال فريق صحي لتأكيد حالة الإصابة من عدمه، وذلك بعد استلام رئاسة البرلمان خطابا موقعا من المعاون الفني لرئيس الجهاز التنفيذي لهيئة الاعلام والاتصالات يشير الى ان الوضع الصحي للخويلدي متدهور حاليا لاصابته بفايروس كورونا في 19 من الشهر الحالي ودخوله الحجر المنزلي الاجباري لحين التماثل للشفاء بحسب التقارير الطبية ويرجو فيه تأجيل الموعد الى تاريخ لاحق وحضوره بعد تحسن حالته الصحية.

الخويلدي بين النجف ولبنان
لكن وثيقة صادرة عن الفريق الطبي الذي تم تكليفه بالاطلاع مباشرة على الحالة الصحية للخويلدي، والتي تحمل توقع مدير صحة الكرخ في بغداد الدكتور جاسب لطيف امس الاحد تشير الى إن فريقا طبيا توجه الى دار الخويلدي بحي القادسية في بغداد الجمعة الماضي لزيارته وفتح ملف طبي له والاستدلال على عنوانه وأخذ المسحات من الملامسين، لكنه تبين انه قد غادر منزله الى جهة مجهولة هو وجميع افراد عائلته.

وقال الفريق الطبي بحسب الوثيقة إن افراد حراسة منزل الخويلدي قد ابلغوه انه قد سافر الى لبنان للعلاج من الفايروس وان عائلته غادرت الى محافظة النجف لكنهم رفضوا الافصاح عن عنوانه هناك ثم تم الاتصال برقم المصاب فجاء الرد بأن العائلة في النجف وعندما طلب منه الفريق تزويده بالعنوان الكامل هناك لإرسال فريق لغرض المتابعة اقفل الخط.

وكان النائب علاء الربيعي قد حدد في 25 من الشهر الماضي موعداً لاستجواب رئيس هيئة الإعلام والاتصالات. وقال على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "بعد استكمالنا لكل الإجراءات القانونية ولممارسة الحق التشريعي والرقابي تم تحديد موعد استجواب رئيس هيئة الإعلام والاتصالات في الجلسة الأولى من شهر يناير وسنثبت في هذا الاستجواب حجم الخروقات التي حصلت في عمل الهيئة وتحديداً ملف الهاتف النقال ومحاسبة الفاسدين المتورطين مع شركاته". واوضح ان "الاستجواب سيكون حول العقود الفاسدة والصمت عن ديون الشركات والتسهيلات المقدمة لهم على حساب المال العام والمواطن العراقي والكثير من ملفات الفساد".

وأوضح النائب الربيعي أن "عدم حضور الخويلدي لعملية الاستجواب هو عملية احتيال اذ انه ذهب الى دار التمريض بمدينة الطب في بغداد للحصول على تقرير طبي يؤيد اصابته بفيروس كورونا . واشار إلى أن اصابة الخويلدي أمر نفاه حتى الموظفين في الهيئة".

وأكد وجود التفاف وتمارض للهروب من الاستجواب، ما اثار استياء رئاسة البرلمان.. وشدد على ان "التنصل من الاستجواب بهذه الطريقة سابقة خطيرة".

اختفى بعد تيقنه من الاقالة
وقبيل موعد الاستجوب كشفت مصادر في هيئة الاعلام عن قيام رئيسها الخويلدي بمحاولة تأهيل مدير مكتبه لخلافته في حال اقالته بعد الاستجواب.

فقد قام الخويلدي بحسب ما نقلت وكالة "أور" العراقية عن المصادر برفع الدرجة الوظيفية لأحد الموظفين الفنيين وعينه بمنصب مدير مكتبه، وذلك في ظل تيقنه بقرب إقالته من منصبه وأنه يسعى الى تقديم هذا الموظف للكتل السياسية والأحزاب على أمل ان يكون بديلا عنه ويبقى ذراعه داخل الهيئة.

يشار إلى أن إحدى الادعاءات بقضايا الفساد التي طالت الخويلدي جاءت ضمن تحقيق نشرته "فايننشال تايمز" البريطانية في العام 2018 يزعم وجود صفقات فساد في قطاع الاتصالات في العراق مقابل رشاوى تضمنت منزلًا فخمًا في منطقة ويمبلي في لندن منح للخويلدي عام 2014.

تحقيق الصحيفة البريطانية استند إلى دعويين رفعتهما شركتان استثماريتان ضد كل من كورك وهيئة الإعلام والاتصالات، طالبتا فيهما بتعويض وقدره 600 مليون دولار. وحذر التحقيق من المخاطر المحدقة بمستقبل الاستثمار في العراق نتيجة عملية الاحتيال المزعومة وتواطؤ هيئة الإعلام والاتصالات.

ويزعم التحقيق الذي نشرته الصحيفة أن المنزل الفخم هو محور معركة قانونية بين سيروان بارزاني مالك شركة كورك وأحد أقوى رجال الأعمال في إقليم كردستان واثنين من أكبر المستثمرين الأجانب في العراق، اللذين وضعا 800 مليون دولار في شركة كورك، ثالث أكبر شركة اتصالات في البلاد.

ويورد من تحقيق "فايننشال تايمز" أن الخويلدي وزوجته زهيرة بقيا في المنزل حتى عام 2018، الأمر الذي جعل الصحيفة ترجح شراء منزل ويمبلي "للتأثير بشكل غير صحيح" على الجهة المنظمة للصفقة.

ولم يتسن لـ"إيلاف" التحقق من صحة أي من المعلومات التي أوردتها "فايننشال تايمز".

وفي هذا السياق، يقول متحدث باسم شركة كورك لـ"إيلاف": "إن هناك عدداً من المزاعم والادعاءات الكاذبة والتشهير بشكل خطير من قبل شركات أورانج وأجيليتي كجزء من حملة لتدمير شركة كورك من خلال استراتيجية الأرض المحروقة من الدعاوى والقضايا والتحكيمات المتعددة".

وتقول شركة كورك على لسان المتحدث باسمها إن "شركات أورانج وأجيليتي قد أساءت بشكل صارخ وصف الحقائق بينما كانت تعمل ضد مصالح شركة كورك ومساهميها".

يضيف المتحدث "أن شركتي أورانج وأجيليتي لم تنجحا حتى اللحظ في أي من مطالباتهم وسيواصل السيد بارزاني الدفاع بقوة عن نفسه في جميع هذه الإجراءات". ويختم قائلاً "لقد عمل بارزاني وسيواصل العمل بما يخدم مصالح شركة كورك وأصحاب المصلحة وشعب كردستان والعراق".

الخويلدي يوضح
وقد اضطر الخويلدي اثر المعلومات الرسمية التي اكدت اختفاءه الى اصدار توضيح مقتضب اليوم قال فيه إنه "بالنظر الى ما نمر به من ظرف صحي قاهر نتيجة الاصابة بفيروس كورونا وتدهور حالتي الصحية واجباري على دخول الحجر المنزلي نود التوضيح أني موجود حاليا في العراق ولم أغادره".

وأضاف في بيان نقلته مواقع عراقية و تابعته "ايلاف" دون التمكن من تأكيد صحته، قائلا "اني موجود حاليا في العراق ولم اغادره وما أثير من اخبار اعلامية عن مغادرتي العراق فإنها عارية عن الصحة وسوف نزود مجلس النواب غدا بخطاب رسمي عن آخر التطورات الصحية والوضع الحالي لنا"، لكنه تعذر التأكد من صحة المعلومات التي اوردها الخويلدي في بيانه خاصة وانه لم يوضح فيما اذا كان بمنزله في بغداد ام انه مع عائلته في النجف واسباب عدم استقباله للفريق الصحي لوزارة الصحة الذي ذهب الى منزله للتأكد من حالته الصحية.

هيئة مستقلة تخضع لرقابة البرلمان
يشار الى ان هيئة الإعلام و الاتصالات العراقية هي المؤسسة المعنية بتنظيم الاعلام و الاتصالات في البلاد وتأسست عام 2004 وتعد الأولى من نوعها في الشرق الاوسط وهي هيئة مستقلة غير مرتبطة بأية جهة حكومية بموجب الدستور العراقي مهمتها تنظيم وتطوير الاعلام والاتصالات ضمن المعايير الدولية الحديثة وهي خاضعة لرقابة البرلمان.

وكان مؤشر الفساد العالمي لعام 2019 قد وضع العراق في ذيل التصنيف الدولي كأكثر الدول فسادا في العالم إذ انه وبعد 17 عاما على التغيير، فإن هذا البلد لا يزال يتذيل التصنيف الدولي لمؤشر الفساد في كل عام من دون أن تستطيع الحكومات المتعاقبة على السلطة منذ عام 2003 من انتشاله من ذيل هذا التصنيف. فقد احتل العراق التصنيف 162 بحصوله على 20 نقطة فقط كدولة مغمورة بالفساد من مجموع 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية وهو من أهم المؤشرات العالمية لحال البلدان حول العالم في ما يخص الشأن الاقتصادي.