دبي: قوبلت الدعوة التي أطلقها الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف الحرب في اليمن، بتأكيد الأطراف المشاركة في الحرب رغبتها في إنهاء النزاع، ولو أن الحل الفعلي يبدو بعيد المنال.

ودعا بايدن في خطاب ألقاه في مقرّ وزارة الخارجية، وهو الأول له حول السياسات الدولية لإدارته، "نعزز جهودنا الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن، وهي حرب تسببت بكارثة إنسانية واستراتيجية"، مشددا على أن "هذه الحرب يجب أن تنتهي". وأعلن إنهاء "كل الدعم الأميركي للعمليات الهجومية في الحرب في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة".

ولم تتوقف الرياض التي تقود تحالفا ضد المتمردين الحوثيين دعما للحكومة المعترف بها دوليا في البلد الفقير منذ عام 2015، عند الشق المتعلق بمبيعات الأسلحة. وأكد مصدر مسؤول لوكالة الأنباء السعودية الرسمية على موقف السعودية "الثابت في دعم التوصّل لحلّ سياسي شامل للأزمة اليمنية"، مؤكدة على تطلعها إلى العمل مع إدارة الرئيس بايدن (...) في سبيل التوصّل إلى حل سياسي شامل في اليمن".

وفي تغريدة على تويتر، قال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إنّ "المملكة تؤكد استمرار دعمها للجهود الدبلوماسية للتوصّل لحلّ سياسي شامل في اليمن"، مشددا على استمرار دعم بلاده "للشرعية اليمنية سياسياً وعسكرياً في مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في كل الجبهات وبكل حزم".

وأكدت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من جهتها ترحيبها بما ورد في خطاب الرئيس الأميركي "بالتأكيد على أهمية دعم الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية". وجددت "التزامها التام بالعمل مع تحالف دعم الشرعية وأعضاء المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي يجلب السلام الشامل والمستدام في اليمن".

وتقود السعودية منذ 2015 تحالفاً عسكرياً دعماً للحكومة المعترف بها دولياً والتي تخوض نزاعاً دامياً ضدّ الحوثيين منذ 2014 حين سيطروا على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.

وخلّف النزاع عشرات آلاف القتلى ودفع نحو 80 في المئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة الإنسانية وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة.

وكان المتمردون الحوثيون رحبوا مساء الخميس بقرار إدارة بايدن.

وكتب المتحدث باسم المتمردين محمد عبد السلام في تغريدة على تويتر "السلام الحقيقي لن يكون قبل وقف العدوان ورفع الحصار"، مضيفا أن "صواريخ اليمن هي للدفاع عن اليمن وتوقفها بتوقف العدوان والحصار بشكل كامل".

والجمعة، قال القيادي في صفوف المتمردين الحوثيين حميد عاصم لفرانس برس إن "صواريخنا لن تقف الا بعد وقف اطلاق النار (..) هم من بدأ الحرب وهم من يجب أن يوقفوها. نتفاءل بما تم الإعلان عنه ولكن نتفاءل بحذر".

وتتعرض مناطق عدة في السعودية لهجمات بصواريخ بالستية وطائرات من دون طيار مفخخة تطلق من اليمن باتجاه مطاراتها ومنشآتها النفطية.

وكان بايدن قال في خطابه أيضا "تواجه المملكة العربية السعودية هجمات صاروخية وهجمات أخرى من قوات تدعمها إيران (...). سنساعد المملكة العربية السعودية في الدفاع عن أراضيها وشعبها".

وأكد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير الجمعة أن خطاب بايدن "تاريخي".

وكتب في تغريدة على تويتر "نتطلع إلى العمل مع أصدقائنا في الولايات_المتحدة لإنهاء النزاعات ومواجهة التحديات وسنواصل العمل مع أصدقائنا في أميركا كما فعلنا طوال سبعة عقود".

خطوة أولى ممتازة

ورأت الباحثة آنيل شيلاين من معهد كوينسي في واشنطن إن إعلان بايدن "خطوة أولى ممتازة"، ولكنها حذرت من أن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، مضيفة "تبقى معرفة ما معنى العمليات الهجومية عند الممارسة".

وسألت "من سيحدد معنى العمليات الهجومية؟ السعودية أم الولايات المتحدة؟ وكيف سيتم تعريفها؟ السعوديون على سبيل المثال يجادلون بأن كافة جهودهم الحربية هي دفاعية".

واعتبرت الباحثة أن "إنهاء دعم الولايات المتحدة للحرب وإنهاء الحرب أمران مختلفان تماما. لإنهاء الحرب حقا، نحن بحاجة إلى الدبلوماسية، ولهذا نحن بحاجة للحديث مع الإيرانيين مجددا".

ولا يوجد حوار حاليا بين واشنطن وطهران، على الرغم من تصريحات متبادلة منذ تسلم بايدن الحكم حول الاستعداد للحوار. وكانت العلاقات بين البلدين توترت الى أقصى حد بعد قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية.

من جهته، رأى مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي أن التصريحات الأميركية "ستمنح زخما غير مسبوق للمسار السياسي وستنقل الثقل من المسار الأمني والعسكري إلى السياسي".

وأشار المذحجي الى أن "تقديم هذا الاعلان باعتباره التزاما كليا بوقف الحرب لا يبدو حقيقيا. الاعلان يقول ان الولايات المتحدة ملتزمة بخطها التقليدي في الدفاع عن السعودية وهذا الدفاع ما يعني استمرار الدعم العسكري للسعودية في مواجهة الهجمات القادمة عبر الحدود وهي لن تتوقف كما يبدو قريبا".

لن تتوقف الحرب

على الأرض، يشكّك اليمينون الذين عانوا الأمرين من الحرب من القدرة على وضع حد سريع للنزاع.

وفي صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لا يعول كثيرون على إعلان الإدارة الاميركية.

وقال اليمني أيمن الشامي " نحن لا نعول على تصريحات بايدن على إيقاف بيع الأسلحة وإيقاف الحرب. لن يتم السلام إلا بإيقاف الحرب".

ففيما تراجعت حدة القتال في اليمن بشكل كبير خلال العام المنصرم، تجدّدت المعارك في محافظة الحديدة في كانون الأول/ديسمبر، بينما يخوض الطرفان منذ أكثر من عام مواجهات دامية في مأرب القريبة، آخر معاقل قوات السلطة في شمال البلد الفقير.

وبالنسبة لهدى ابراهيم (38 عاما)، وهي ربة منزل في الحديدة، "لن تتوقف الحرب. لا أحد يريد إيقافها. هذه مجرد دعاية أو تصريح وراءه غرض سياسي".

وتتابع "أنا لست متفائلة ولا أصدق أي أخبار بشأن وقف الحرب .كيف ستتوقف وأصوات الاشتباكات لا تهدأ حتى لليلة واحدة؟".