القدس: يتوجه الإسرائيليون في 23 آذار/مارس الحالي إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في رابع انتخابات تشريعية خلال عامين، تقام هذه المرة في ظل حملة تلقيح واسعة النطاق ضد فيروس كورونا أطلقتها الحكومة ويأمل رئيسها بنيامين نتانياهو بأن تنعكس لصالحه انتخابياً.

فقبل عام، لم تمنح أصوات الإسرائيليين أيا من نتانياهو أو منافسه زعيم التحالف الوسطي "أزرق أبيض" بيني غانتس الدعم الكافي لتشكيل حكومة أغلبية برلمانية بواقع 61 مقعدا.

ودفع دخول الدولة العبرية مرحلة الإغلاق الشامل الأول لمكافحة تفشي فيروس كورونا، نتانياهو وغانتس نحو تشكيل حكومة وحدة لمواجهة التهديدات الصحية والاقتصادية غير المسبوقة التي خلفها الوباء.

وكان يفترض بتحالف الرجلين أن يستمر لثلاث سنوات يتقاسمان خلالها السلطة، لكنه ما لبث أن تفكك في كانون الأول/ديسمبر عندما رفض نتانياهو إقرار ميزانية العام 2021، وعليه أعلن انتخابات جديدة في 23 آذار/مارس.

ورغم خيبة الأمل والإحباط اللذين سيطرا على المشهد السياسي في الدولة العبرية، إلا أن نتانياهو، السياسي المخضرم الذي يتمتع بسجل مناورات حافل مقارنة بمنافسيه، يأمل أن يتمكن من تصدر المشهد مجددا بفضل حملة التلقيح التي أطلقها.

وفي رصيد نتانياهو (71 عاما) أيضا، اتفاقات تطبيع العلاقات مع أربع دول عربية.

ويرى رئيس الوزراء أن تلك الاتفاقات مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، تمثل حقبة جديدة في الشرق الأوسط وتسكت الأصوات التي تصرّ على أن لا سلام بين الدول العربية وإسرائيل طالما لم يتم حل النزاع مع الفلسطينيين.

ورغم ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى افتقار رئيس الوزراء إلى مسار واضح لتشكيل الحكومة.

حصل نحو أربعة ملايين من أصل تسعة ملايين هم عدد سكان الدولة العبرية على جرعتي لقاح فايزر/بايونتيك.

وتوصف وتيرة التطعيم هذه على أنها الأوسع والأسرع في العالم على مستوى الفرد، خاصة أن دول العالم وبينها دول غنية ما زالت تكافح من أجل الحصول على اللقاحات.

وتساءل نتانياهو هذا الأسبوع "هل تعرف كم عدد الرؤساء ورؤساء الوزراء الذين يتصلون بشركتي فايزر وموديرنا؟ (شركات صناعة لقاحات كورونا المعتمدة) إنهم لا يجيبون".

واستطرد "لكن عندما أكون أنا المتصل، فإنهم يتلقون المكالمة".

وأضاف رئيس الوزراء "أقنعتهم بأن إسرائيل ستكون دولة نموذجية في إعطاء اللقاح، من سيفعل ذلك؟ بالتأكيد ليس (يائير) لابيد، و(نفتالي)بينيت وجدعون (ساعر)" في إشارة إلى منافسيه الرئيسيين في الانتخابات المقبلة.

وحصلت إسرائيل على مخزون كبير من اللقاحات من شركة فايزر مقابل تزويد العملاق الأميركي ببيانات حول تأثير المنتج، ووصف خبراء الطب هذه الخطوة بأنها أكبر تجربة بشرية سريرية على الإطلاق.

وقام نتانياهو مرارا بزيارة مراكز التطعيم في محاولة لكسب الدعم متبنيا عبارة "أمّة اللقاح" في إشارة إلى صفة "أمّة الشركات الناشئة" التي اكتسبتها إسرائيل بسبب قطاع التكنولوجيا الفائقة المزدهر.

من ناحية ثانية، يوجه الناخبون اللوم إلى نتانياهو بسبب قرارات الإغلاق الشامل الثلاثة -حتى الآن- والتي تسببت بخسائر اقتصادية كبيرة.

ومن بين التحديات التي واجهت رئيس الوزراء أيضا، خرق اليهود المتشددين والذين يعتبرون حلفاء سياسيين لليمين، لقرارات الإغلاق ما أدى إلى ازدياد في أعداد الإصابات بالفيروس وتحميلهم مسؤولية التفشي السريع للفيروس من قبل باقي الإسرائيليين.

بينما قد تساهم حملة التلقيح في إبعاد إسرائيل عن الأزمة الوبائية، فإنّ المشهد السياسي يتغيّر داخلها.

عوقب غانتس من قبل أنصاره بعدما وافق على تشكيل ائتلاف حكومي مع نتانياهو، وهذا يشي بأن لا يحصل حزبه الوسطي على أصوات كافية للدخول إلى البرلمان.

تظهر استطلاعات الرأي المتعددة أن شريك غانتس السابق في التحالف الوسطي يائير لابيد من حزب "يش عتيد" سيكون منافسا رئيسيا لنتانياهو.

كذلك، شكل العضو السابق في حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو، جدعون ساعر حزبه الخاص الذي سيقف في مواجهة نتانياهو والذي قد يسرق بعض أنصار الليكود.

يرى رئيس المعهد الإسرائيلي للديموقراطية يوهانان بلينسر أن "جولة الانتخابات الأخيرة قضت وبشكل كامل تقريبا على الانقسام الأيديولوجي بين اليسار واليمين".

ويقول بلينسر لوكالة فرانس برس إن الناخبين "منقسمون بين أولئك الذين يريدون استمرار نتانياهو لولاية جديدة وأولئك الذين يفضلون أن يعود إلى منزله بعد 12 عاما متواصلة" في السلطة.