ايلاف من لندن: اعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين ان بلاده تعمل لتجسيد فكرة المشرق الجديد لخلق منطقة اقتصادية مزدهرة، واشار الى للعراق علاقات متنوعة مع دول الخليج، واكمل الربط السككي مع ايران وصولا الى الصين، وعبر عن الاسف لان العراق يشهد حاليا ظاهرة عسكرة المجتمع.

وأشار الكاظمي في كلمة خلال اجتماعه مع وزير ومسؤولي وزارة الخارجية العراقية خلال زيارته لها اليوم الى ان العراق قد انفتح نحو جميع القوى الإقليمية والدولية، ما خلق انطباعا إيجابيا عن العراق واستقراره السياسي والفرص التأريخية الكبرى له كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تابعته "ايلاف".

وبين رئيس الوزراء ان زيارة قداسة البابا للعراق مؤخرا جاءت ضمن هذه الجهود، ليقدم دعما معنويا كبيرا للعراق، ورسالة للجميع أن العراق بيئة للتلاقي بين الاديان والحضارات، وانه يتجاوز محنة الحرب والدمار الذي سببه داعش، وأن الشعب العراقي شعب محب للسلام وفخور بتنوعه الديني والاجتماعي والسياسي.

المشرق الجديد

واضاف الكاظمي ان للحكومة العراقية حاليا مذكرات تفاهم واتفاقيات عدة "عملنا عليها خلال هذه الفترة مع كل جيراننا العرب والإيرانيين والأتراك رغم كل الخلافات الموجودة بين هذه القوى".

وقال "طرحنا فكرة المشرق الجديد ونعمل على تطبيقها من خلال إيجاد مصالح مشتركة واسعة بين العراق والأردن ومصر، من شأنها أن تخلق منطقة اقتصادية مزدهرة تنتفع منها جميع القوى في المنطقة ويلعب العراق فيها دورا رئيسيا". ونوه الى ان للعراق كذلك علاقات متنوعة مع المملكة العربية السعودية وجميع دول الخليج الأخرى، وماضون باستثمارات عدة في مختلف القطاعات الزراعية والصناعية والطاقة".

واعلن الكاظمي عن اكمال "اتفاقية ربط السكك الحديدية بين العراق وايران، ما سيربط العراق بشمال الصين ويخلق فرصا اقتصادية واسعة له".

امكانات كبرى لصناعة السلام

ودعا رئيس الوزراء العراقي القوى السياسية والمجتمعية في بلاده إلى قراءة نماذج النجاح بين الشعوب الأخرى، لنرى كيف تحولت رواندا من احد أسوأ تجارب التطهير العرقي الى دولة مزدهرة في قارة افريقيا، وكيف نجحت جنوب افريقيا في العبور من أحد أسوأ تجارب العنصرية الى دولة ناجحة بتطبيق منهج صحيح للعدالة الانتقالية، وكذلك سنغافورة وشبه جزيرة البلقان، وغيرها من مناطق الصراعات الكبرى في العالم.

وشدد على ان هناك إمكانات كبيرة لبناء السلام، ولصناعة فرص جديدة لجميع شعوب المنطقة، ويجب على العراق أن يأخذ دوره الفاعل في هذا المسار"وانتم في الجهاز الديبلوماسي العراقي جنود هذا السلام الشامل والدائم لنا ولجميع شعوب المنطقة"، وعلى ضرورة ان تأخذ القوة الناعمة مجراها "فالسلاح الذي كان يمتلكه العراق لم يوصله الى شيء سوى الدمار والحروب العبثية والعداءات" .

الحوار فرصة للخروج من دوامة الصراعات

واشار الى ان الدبلوماسية والحوار هما القوة الحقيقية لحماية الناس والابتعاد عن الحروب، وهي فرصتنا الوحيدة للخروج من دوامة الصراعات، والبديل عنها ليس الا جنون الحروب والخراب الذي عانى منه هذا البلد لعقود طويلة.

وبين ان الدبلوماسية الفاعلة تتطلب جهدا كبيرا على مختلف الجهات "وهذا دور سفاراتنا ودبلوماسيينا والمنظمات الدولية وتفعيل أدوات ووسائل حوارية متنوعة تضمن مصالح البلد وتوجهه نحو حلول دائمية".

عسكرة المجتمع

وعبر الكاظمي عن الاسف الشديد لان المجتمع العراقي يشهد اليوم ظواهر مستمرة من زمن البعث المقبور وحتى بعد عام 2033، ظاهرة عسكرة المجتمع والظواهر المسلحة .. وقال "هذه يجب ان نغادرها، ويجب ان يكون البديل الدبلوماسية والاقتصاد والتنمية، الحروب بدايتها سهلة، وصناعة السلام اصعب، لذلك يجب ان نغادر هذه المرحلة وتكون الدبلوماسية هي الحل للتعاطي مع المشاكل".

واضاف "إننا في الحالة العراقية إزاءَ أزمات معقدة ومركبة ذات ابعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وعلينا الاستفادة القصوى من علاقاتنا الدولية ومن الدعم الدولي للمساعدة في تجاوزها وتخفيف الكثير من الاثار للظروف التي مر بها العراق كما يجب علينا جميعا خلق خطاب وطني موحد، ننطلق منه الى حوار اوسع على مستوى المنطقة لتأمين مصالح شعبنا والسلم والاستقرار الاقليميين.

الخروج من الازمة الاقتصادية

اشار الكاظمي بالقول "لقد نجحنا في تطوير دبلوماسية نشطة خلال فترة هذه الحكومة، حيث فعّلنا الحوار الستراتيجي مع الولايات المتحدة، وانتقلنا نحو التركيز على التعاون الاقتصادي والدبلوماسي والثقافي، كما أننا نجحنا بتخفيض عدد القوات الأجنبية بنسبة ستين بالمئة."

ونوه الى أن الدبلوماسية العراقية ساعدت العراق ايضا على الخروج من الأزمة الاقتصادية، حيث تم تشكيل مجموعة التواصل الاقتصادي بدعوة منه والتي وقفت بجانب العراق في أزمته الاقتصادية وما زالت تقدم الدعم لنا في مسار الإصلاح الاقتصادي وتطبيق الورقة البيضاء.

وخاطب الكاظمي منتسبي وزارة الخارجية قائلا "انتم على مختلف مستويات عملكم، سواء في مقر الوزارة في بغداد او في سفاراتنا في الخارج، انتم كلكم سفيرات وسفراء، كل واحدة وواحد منكم عراق متنقل، وهذه مسؤولية كبرى، وأرى انكم على قدر المسؤولية".

يشار الى انه عادة ما يؤكد الكاظمي رفضه لجعل العراق ساحة لتصفيات قوى خارجية بما يلحق بشعبه اضرارا كبيرة ولذلك فقد انتهجت حكومته سياسة بعيدة عن المحاور ونجحت في النأي بنفسها عن تداعيات الصراع الايراني في المنطقة بأكملها.