إيلاف من دبي: بعد عودته من الحرب في سوريا إلى وطنه أفغانستان، اعترف عضو سابق في مليشيات "فاطميون" الموالية لإيران بأن مشاركته في الحرب السورية كان "أكبر خطأ في حياته"، معبراً عن ندمه لأن الحرب لم تكن "للدفاع عن العتبات" بل كانت لفائدة المصالح الإيرانية.

يذكر أن آلاف الأفغان شاركوا في الحرب بسوريا ضمن مجموعة "فاطميون" وهي ميليشيات طائفية أسستها إيران وزودتها بالأسلحة ودربت أعضاءها، خدمةً لمصالحها التي تقتضي الدفاع عن حزب البعث العربي السوري وحكومة بشار الأسد.

التحق طلبًا للمال

وبحسب "العربية.نت"، نشر موقع "إيران واير" الناطق بالفارسية تقريراً للمراسل المقيم في أفغانستان، دانيل دايان، روى فيه قصة عنصر سابق في "فاطميون" أعطاه اسماً مستعاراً هو "محمد علي" لأسباب أمنية. ومحمد علي من أهالي مدينة "جبرئيل" ذات الأغلبية الشيعية من عرقية الهزارة في ولاية هيرات الأفغانية، ويبلغ من العمر 24 عاماً، وقد قاتل من أجل النظام الإيراني في سوريا خلال سبع فترات مختلفة، وهو يعيش الآن في أفغانستان متخفياً.

وحول التحاقه بـ"فاطميون" قال محمد علي إن والدته احتاجت قبل 4 أعوام إلى جراحة في القلب وأسرته لم تمتلك المال لهذا الغرض، لذلك اقترضت الأسرة ودفعت تكاليف العلاج، لكن كان لا بد من سداد الدين، ولم يبق أمامه إلا الذهاب إلى إيران للعمل، فتم تهريبه إلى هناك مثل العديد من الأفغان، وعمل هناك في البناء في مدينة مشهد ثم العاصمة طهران.

وحاول محمد علي هناك الحصول على الإقامة الدائمة في إيران، ودفعته مغريات النظام الإيراني للانضمام إلى مليشيا "فاطميون". وأكد أنه لم تكن لديه فكرة عما هي الحرب في سوريا، وعندما رأى مهاجرين أفغاناً ينضمون إلى هذه الميليشيا للحصول على المزيد من الأجور وحق الإقامة في إيران، انضم هو الآخر أيضاً. وتابع: "عندما يحتاج المرء إلى المال ويكون مديناً، يفعل كل شيء، في ذلك الوقت، كان تدفع أجور جيدة لأعضاء فاطميون وانجذبت أنا أيضاً للانضمام إليها".

الحرب الصعبة

وأضاف محمد علي أنه ذهب إلى مكتب التسجيل للميليشيا، وبعد عشرة أيام تم الاتصال به لينضم إلى ثكنة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني في مدينة يزد في وسط إيران. وتابع: "كان التدريب صعباً، ظل القادة يحذرون من أن الحرب في سوريا ستكون صعبة علينا، قيل لنا إننا إذا ذهبنا إلى سوريا، فسوف نحصل على وثيقة إقامة في إيران ونؤدي واجباتنا الدينية، لأننا سنقاتل ضد داعش".

وبحسب محمد علي، أثناء خضوعه والأفغان الآخرين المنضمين للميليشيا للتدريب العسكري، تعرضوا لغسيل أدمغة من قبل القادة العسكريين الإيرانيين. وقال: "عندما تدربنا، تغيرنا كثيراً من الناحية العقائدية، حيث أثّرت فينا الدعايات. قيل لنا: إنكم ستخوضون الحرب للدفاع عن الأضرحة. تحول هذا الأمر إلى دافع للقتال. لكن بعد فترة من القتال في سوريا، أدركت بأننا تعرضنا للقصف الدعائي".

وأوضح محمد علي أنه قبل ذهابه إلى سوريا وأثناء تدريبه، فتحت إيران حساباً مصرفيا للأفغان المنضمين إلى الميليشيا، لكن كان يمكنهم سحب أموالهم فقط بعد شهرين من القتال في سوريا وليس قبل ذلك. وأضاف: "بعد فترة من القتال في سوريا، أعطوا كل واحد منا ما مجموعه سبعة ملايين و300 ألف تومان، ستة ملايين تومان للقتال في سوريا، ومليونا و300 ألف تومان لفترة التدريب في الثكنات".

أنا نادم

ومحمد علي الآن نادم لقراره بالانضمام إلى ميليشيا "فاطميون" حيث قال: "الخطأ الكبير في حياتي كان الذهاب إلى سوريا للحرب، هذه الحرب لم تكن للدفاع عن الأضرحة، بل كانت فقط خدمةً لمصلحة إيران. والآن حياتنا (هو والمقاتلون السابقون) في خطر في أفغانستان. إذا تم التعرف علينا من قبل جهاز الأمن القومي لأفغانستان وتم اعتقلنا، قد نتعرض للتعذيب والسجن، رغم أننا عانينا الكثير في الحرب. ذات مرة شاهدت 100 قتيلاً و150 جريحاً في صفوفنا في إحدى المعارك في مدينة حلب بمنطقة الجبل قرب الحدود التركية، لقد كان مشهداً خطيراً وكنا محاطين بداعش".

وروى محمد علي كيف أنه وثق بوعود النظام الإيراني، قائلاً: "عندما وعدونا جعلونا نثق بهم، لكن عندما عدنا من الحرب لم يفوا بأي وعود، أعطونا فقط خطاباً وهو عبارة عن تصريح للإقامة لمدة 30 يوماً في إيران، ولم نتمكن من البقاء لمدة 31 يوماً حتى في إيران".

وشرح محمد علي أنه عاش في إيران بدون وثيقة قانونية لفترة طويلة، لكنه تعب من العيش مع الخوف فأخذ حقيبته وعاد إلى مسقط رأسه في أفغانستان. ونتيجةً لقتاله في صفوف "فاطميون" تمكن فقط من تسديد الدين الذي كان على عاتقه، لكنه عاد من سوريا، لأنه لم يعد يرغب في أن "يضيع فرصه بالبقاء على قيد الحياة في الحرب السورية". وبات الآن لديه محل صغير في مسقط رأسه في أفغانستان، لكنه لا يزال يعيش في خوف، لأنه إذا تم الكشف عن هويته كعضو سابق في ميليشيا "فاطميون"، فستتم ملاحقته.

الحكومة الأفغانية مسؤولة

وألقى محمد علي باللوم على الحكومة الأفغانية لعدم قدرتها على منع الأفغان من الهجرة والذهاب إلى القتال في سوريا من خلال خلق فرص عمل، مضيفاً: "أتمنى أن توفر لنا حكومتنا فرص عمل حتى لا ننضم إلى حروب بالوكالة من أجل الأجور وألا يُقتل الآلاف منا".

ومن غير المعروف عدد الأفغان الذين قتلوا في الحرب السورية، كما أن هناك العديد من العائلات التي لا تعرف مصير أبنائها، فالكثير منها لا تعرف حتى مكان دفن موتاها. وذوو القتلى في حالة حداد دائمة، وهم غاضبون مما حدث لأبنائهم، ولكن ليس لديهم طريقة لرفع دعوى بهذا الخصوص.

وتتردد إشاعات كثيرة عن أعضاء "فاطميون" الذين ما زالوا في خدمة الحرس الثوري الإيراني الذين يعيشون حالياً في مدن مختلفة بإيران وأفغانستان. كما ترددت شائعات عن استخدام بعضهم لحروب بالنيابة أخرى لفائدة النظام الإيراني في مناطق أخرى. يذكر أن الحكومة الإيرانية لم تكن شفافة بشأن أعضاء "فاطميون" بتاتاً.