"إيلاف" من لندن : كشفت المفوضية العراقية العليا لحقوق الانسان الثلاثاء عن رقم صادم لضحايا حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد واكدت انها اشرت خللاً واهمالاً وتقصيراً في تطبيق شروط السلامة والأمان في المستشفى مطالبة بالاقتصاص العادل من الفاعلين والمسببين والمقصرين في أداء واجباتهم الوظيفية والقانونية والتسبب بالحادث.
وقالت المفوضية في تقرير لها عن حريق مستشفى ابن الخطيب في بغدد المخصص لمرضى الكورونا وحصلت "ايلاف" على نصه ان فرقها لتقصي الحقائق قد اشرت خللاً واهمالاً وتقصيراً في تطبيق شروط السلامة والأمان في المستشفى. وقالت انه بعد التحقق الميداني لأثار الحريق فقد تبين لها عن الأسباب الرئيسية للحادث ان الحريق كان بسبب انفجار قنينة أوكسجين داخل ردهة إنعاش الرئة.

عمليات الانقاذ قام بها اهالي المرضى

وأشارت الى اكتظاظ الردهات بأعداد الزوار من ذوي المرضى الراقدين في المستشفى .. منوهة الى ان هذا دليل على عدم التزام ادارة المستشفى بتعليمات الوزارة فيما يخص دخول المرافقين إلى ردهات الإنعاش والعزل. واكدت عدم وجود منظومة إنذار مبكر في المستشفى لتحذير واشعار المواطنين بالحريق أو الخطر اضافة الى ان معظم عملية الإنقاذ خلال الحريق للمرضى تمت من قبل المرافقين والأهالي ولم يتم استخدام مستلزمات اطفاء الحريق الموجودة لعدم الانتباه لوجودها من قبل المواطنين وهو ما يؤشر تقاعساً في اداء الواجبات من قبل إدارة المستشفى وفريق الدفاع المدني الذي وصل بعد ساعة من اندلاع الحريق.

وأوضحت المفوضية انه نقلا عن شهود العيان لفريقها فقد اكدوا أن الطابق الأوسط للمستشفى احترق بالكامل وهو يضم أربعة ردهات كل ردهة فيها أكثر من 30 مريضاً إضافة إلى تأثر الطوابق الأخرى في المستشفى وحصول حالات اختناق بين المرضى والمرافقين لهم بسبب غلق منظومة الأوكسجين كون معظم المرضى هم من المصابين بفايروس كورونا وحالات حرجة.

وقالت ان عدد الضحايا التقريبي وفقاً لشهادات حصل عليها فريق المفوضية يصل إلى 130 شهيداً من ضمنهم مرافقين للمرضى الراقدين في المستشفى (وحوالي 300 مصاب) فضلاً عن وجود عدد من الضحايا الذين لم يتم التعرف على هوايتهم بسبب شدة الحريق الذي شوه أجسادهم.

تأخر استجابة فرق الدفاع المدني
ونوهت الى انها أشرت كذلك من خلال فريقها ان هناك تقاعساً واضحاً من قبل إدارة المستشفى وعدم التحرك السريع لإنقاذ المرضى، فضلاً عن تأخر استجابة فرق الدفاع المدني التابعة للمستشفى وهذا يدل على عدم وجود عدد كاف من الكادر المختص الليلي المدرب لمراقبة الحالات الطارئة، وعدم التزام كوادر الدفاع المدني في المستشفى بواجباتهم، وتأخر وصول فرق الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية.

وقالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان انها إذ تعرض هذه الحقائق أمام الجهات المعنية والرأي العام وتطبيقاً لمبدأ( الحق في الحصول على المعلومة) فأنها تؤشر قصوراً واضحاً في مستوى تقديم الخدمات الصحية للمواطنين وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان خاصة ( الحق في الصحة) من قبل الجهات الحكومية متمثلة بوزارة الصحة وإدارة المستشفى.

دعوة لاحالة المقصرين الى القضاء
وقالت المفوضية انه بناءً على كل ما تقدم ووفقا للمهام القانونية لها فإنها تطالب من الجهات الحكومية بإحالة كل من يثبت عليه التعمد أو التقصير أو الإهمال بصورة مباشرة أو غير مباشرة في كل ما ذكر في الفقرات أعلاه في وزارتي الصحة والداخلية إلى القضاء ووفق القانون.
كما دعت الى تشكيل لجان رقابية ذات مستوى عالٍ من المهنية لمراقبة عمل المستشفيات في بغداد والمحافظات ليلاً ونهاراً للحفاظ على أرواح المواطنين ومراجعة تطبيق شروط السلامة والأمان في المؤسسات الصحية من خلال منظومات الإطفاء الذاتي والإنذار المبكر للحريق وخراطيم المياه الخاصة بإطفاء الحرائق وزيادة أعداد أعضاء لجان الدفاع المدني المدربين على إجراءات السلامة والإنقاذ بالإضافة إلى الكوادر الهندسية المتخصصة بالأجهزة الطبية والمولدات الكهربائية وخزانات الوقود في كافة المستشفيات.

تزايد الحرائق في مؤسسات الدولة
واكدت على ضرورة تشكيل لجنة مهنية للتحقيق في سبب استمرار وتزايد الحرائق منذ سنوات في الدوائر الرسمية وغير الرسمية واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة ذلك والتأكيد على الاستجابة السريعة من قبل الجهات الحكومية المعنية تجاه هكذا حوادث لتقليل الأضرار مع تشديد الإجراءات العقابية للمقصرين في هذه الحوادث. وشددت على ضرورة تحقيق جبر الضرر الذي لحق بالأسر اثر وفاة أوإصابة ذويهم في حريق ابن الخطيب والاقتصاص العادل للفاعلين والمسببين والمقصرين في أداء واجباتهم الوظيفية والقانونية..

ونوهت المفوضية الى انها سوف تقوم باستكمال تحققها وتراقب عمل اللجنة التحقيقية الوزارية المشكلة من مجلس الوزراء وتأمل بأن تكون توصيات اللجنة بحجم المسؤولية والضرر المتحقق بما يسهم في منع وقوع هكذا حوادث مستقبلاً.

ويوم امس قال البرلمان العراقي ان تحقيقاته قد توصلت الى ان حادث حريق مستشفى ابن الخطيب لم يكن متعمدا وانما سببه الاهمال والتقصير وتراكمات سوء الادارة لافتة إلى أن بناية المستشفى قديمة ولا تحتوي على منظومة حرائق مركزية وعدم وجود مراقبة وفحص نظامي من قبل مديرية الدفاع المدني إضافة إلى وجود تقصير من جانب أفراد حماية المستشفى وإدارتها بعدم سيطرتهم على أعداد المرافقين والزائرين للمرضى مما يتسبب بدخول أعداد كبيرة منهم فضلا عن استخدام ادوات الطهي والتسخين الكهربائية داخل الردهات وتراكم قناني الأوكسجين داخلها إضافة إلى عدم وجود تخصيصات مالية لتعيين الكوادر الخدمية في المستشفيات .

وكان الرئيس العراقي برهم صالح قال في تغريدة امس تعليقا على حريق المستشفى ان "فاجعة مستشفى ابن الخطيب هي جرح كل الوطن، ونتيجة تراكم دمار مؤسسات الدولة جراء الفساد وسوء الادارة"مشددا على ضرورة اجراء محاسبة عسيرة للمقصّرين واجراء مراجعة شاملة وجادة لاداء المؤسسات لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث.
وكان الكاظمي قرر الاحد خلال ترؤسه اجتماعا استثنائيا لحكومته لبحث تداعيات الحريق اجراء تحقيق باسبابه من قبل لجنة برئاسة وزير الداخلية وتحديد المقصرين ومحاسبتهم.. كما قرر ايقاف كل من وزير الصحة حسن التميمي ومحافظ بغداد ومدير عام دائرة صحة الرصافة عن العمل واحالتهم الى التحقيق.