إيلاف من بيروت: “مخيم الأرامل” الواقع ضمن تجمع مخيمات “مشهد روحين” غربي مدينة الدانا في ريف إدلب الشمالي، يقطن فيه قرابة 1200 عائلة، وتشكل نسبة عائلات الأرامل في المخيم 80%، وهي عائلات تعيلها نساء دون معيل، تعرضت العديد من نساء هذا المخيم لحالات تحرش جنسي وابتزاز واستغلال، من قبل بعض العاملين والموظفين في المجال الإغاثي ضمن المنظمات.
نشطاء في المرصد السوري لحقوق الإنسان رصدوا حدوث 5 حالات تحرش خلال الفترة الممتدة ما بين أبريل 2020 وحتى تاريخ إعداد التقرير، من بين الضحايا السيدة “م. ح." (40 عاماً) من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي.
تقطن م. ح. في المخيم برفقة 2 من أطفالها. في حديثها للمرصد السوري تقول أن قصتها بدأت عندما كانت تتسلم سلة غذائية من “مؤسسة رحمة الإنسانية” (مقرها اسطنبول) في ستمبر 2020، وكان يقف على التوزيع مجموعة من الموظفين، فقام أحدهم بإعطاءها ورقة صغيرة عليها رقم هاتفه.
تواصلت معه في ذات اليوم ليبدأ حديثه بالتعرف عليها، ثم بعد مرور عدة أيام تطورت العلاقة وأصبح يعدها بتحسين وضعها المعيشي والزواج منها، وتضيف أن الفقر والحاجة لوجود معيل هو ما دفعها للتواصل معه والاستمرار في هذه العلاقة عبر الوتس آب، وبعد فترة بدأ يعدها بإرسال مبلغ من المال، ثم بدأ يطلب صور جريئة منها، فكانت ترسل له ما يريد ظناً منها أنه صادق ويرغب بالزواج منها.
مرت قرابة شهرين على هذه الحال، ثم بدأ يتغير في معاملته وبدأ بابتزازها بنشر الصور بحال لم تسمح له بإقامة علاقة جنسية معها. وتتابع المواطنة أنها رفضت ذلك وقامت بحظره خوفاً من نشره للصور،
بعد مرور أسبوعين تقريباً، قام بالتواصل معها من رقم آخر، وأخبرها بأنه سافر إلى تركيا، وكرر ابتزازها وتهديدها مرة أخرى، كما تؤكد في سياق حديثها: أن هذه القصة تركت عندها أثر كبير في نفسها معترفة بالخطأ الذي ارتكبته بإرسال صور له، وتشعر لحد هذه اللحظة بالانهيار عندما تتذكر ما حدث، رغم أنه لم يقم بنشر الصور ولكن ذلك كان درساً لها على حد تعبيرها، حتى لا تقع في شباك أحد العاملين في المنظمات التي تدعي الإنسانية، وتختم “م.ح” حديثها للمرصد السوري بقولها، أنها باتت لا تشعر بالأمان لأي موظف يعمل في المنظمات الإنسانية، وأصبحت تتجنب حتى الخروج من خيمتها وعدم استلام مساعدات بنفسها.
في ذات الشباك وقعت السيدة "أ. ع." (38 عاماً) من بلدة “معرشورين” في ريف إدلب الجنوبي، التي كانت ضحية تحرش جنسي من قبل موظف في منظمة “إحسان الإنسانية” (مقرها غازي عينتاب) الذي وقعت عينه عليها عندما كان يوزع بعض المساعدات الإنسانية للخيام في مارس 2021.
بعد فترة تفاجئت بإقامته لصداقة مع ولدها البالغ من العمر 16 عامًا، رغم فارق السن بينهما فهو يبلغ قرابة 25 عاماً، وتتابع حديثها قائلة أنه بدأ يتردد كل فترة إليهم بحجة رؤية صديقه والجلوس معه، علماً أن الخيمة صغيرة وتجبر على الجلوس معهم حتى ساعة متأخرة من الليل. مع مرور الأيام بدأ يحاول التقرب منها، وأخبرها بأنه معجب بها ويرغب بالزواج منها، فأصبحت تتواصل معه بشكل يومي على أمل أن يتزوج بها وتتحسن ظروفها المعيشية، حتى جاء ذلك اليوم الذي قدم فيه في ساعة متأخرة من الليل، وعند الباب قالت له أن ولدها في العمل على الحدود التركية (بالتهريب) ولا تستطيع استقباله بسبب وجود جيران ومسؤولين عن المخيم.
تضيف قائلة إنه بدأ يقتحم الخيمة ويحاول الاقتراب منها واغتصابها لكنها تمكنت من إبعاده وطرده من الخيمة، فقام في صبيحة اليوم التالي بالتواصل معها وتهديدها بنشر رقمها، وهددها أيضاً بطردها من المخيم، وبالفعل قام بنشر رقم هاتفها ويصلها عشرات الاتصالات يومياً، والمضايقات من قبل المتصلين، فقامت بتغيير رقم هاتفها.
يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقريره أن أعداد حالات التحرش والاستغلال الجنسي في المخيم أكثر من ذلك كثيرًا، لكن يتم التستر عن هذه الحالات من قبل الضحية خوفاً على نفسها، ومعظم المنظمات الإنسانية العاملة في المخيمات يوجد لها مقرات في تركيا ومرخصة بشكل رسمي، لكن تفتقد لوجود آلية عمل مؤسساتية حقيقية تضبط وتراقب موظفيها، ويعمد بعض ضعاف النفوس من موظفي هذه المنظمات إلى هذه الأفعال مستغلين الواقع المعيشي السيء للسيدات الأرامل المتواجدات ضمن المخيمات العشوائية.
التعليقات