"إيلاف" من الرياض: أكد محللون سياسيون أهمية توقيت زيارة أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مجدداً إلى المملكة بعد دعوة تلقاها من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، مشيرين في حديثهم إلى " إيلاف" أن هذه الزيارة لها انعكاسات إيجابية حول العديد من القضايا كما ستعزز آلية العمل الخليجي المشترك.

في الوقت ذاته، تتزامن زيارة أمير دولة قطر مع حراك دبلوماسي متسارع شهدته عواصم الخليج بشأن العديد من الملفات مثل ملف مستجدات المحادثات الدولية مع طهران بشأن برنامجها النووي، إضافة إلى زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو التي جاءت لبحث سبل إصلاح العلاقات مع السعودية بأجندة أكثر إيجابية وبخاصة أنها على شفا مقاطعة كما وصفها متحدث الرئاسة التركية.

عبدالعزيز بن صقر : أهمية وجود موقف خليجي موحد

حول انعكاسات التقارب السعودي - القطري في ضوء مستجدات المحادثات الدولية مع إيران بشأن الاتفاق النووي، أكد الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أهمية وجود موقف خليجي موحد يشدد بضرورة مشاركة أجندة إقليمية في مفاوضات فيينا الجارية خلافاً للاتفاق النووي والصاروخي.

وأشار إلى أن دول الخليج تتفق بوجود مهددات إقليمية تؤرق أمنها مثل الأمن البحري، وأمن المنشآت النفطية، إضافة إلى سياسات إيران التوسعية، إلى جانب دعم الميليشيات الإرهابية، مؤكدأ أنه كلما كان هناك موقف خليجي موحد تجاه هذه المهددات أصبح هناك قوة في التفاوض والطرح مع المفاوضين الدوليين حول الأجندة المطروحة على الطاولة الدبلوماسية في فيينا، سواء تضمنت اتفاقية البرنامج النووي الإيراني المعدلة أو أخرى إضافية تنظر في الاعتبار للجوانب المهمة للأمن الإقليمي.

وشدد على أن زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى المملكة ولقائه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان لها انعكاس إيجابي بشأن محادثات النووي مما يعزز الموقف الخليجي الموحد مشيراً إلى أن التنسيق السعودي - القطري سيشجع على إعادة السفراء الخليجين إلى إيران إضافة إلى ترتيب العلاقات بشكل موحد.

وأضاف الدكتور عبدالعزيز بن صقر إلى أن سياسة المملكة لا تمانع وجود انتقاد عادل أو ما يسمى بالطرح الإعلامي المتوازن الذي ينظر إلى الإيجابيات والسلبيات شريطة أن لا يكون إعلام متحيز، إذ أنه من ضمن الأجندة المهمة التي بُحثت مع دولة قطر هو موضوع السياسة الإعلامية كالمحطات التابعة لها بشكل مباشر أو غيره.

وأوضح أن دولة قطر اقتصاد مهم في اقتصاديات دول الخليج بفعل امتلاكها مخزون كبير من الغاز، كما أنها تتمتع بقدرات قدرات اقتصادية مهمة جداً، مضيفاً أن وجود موقف الخليجي موحد أمراً من شأنه تفعيل دور الاتفاقية الاقتصادية الخليجية الموحدة المشتركة، مشيراً إلى أهمية زيارة الشيخ تميم للتأكيد على العمل المشترك بالنسبة للمملكة وبقية دول الخليج بما فيها قطر بذات في مجال الغاز والطاقة فهذا الأمر له دور مهم جداً.

وحول تزامن زيارة أمير قطر مع وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو وما إذا كانت الزيارة القطرية ستوفق وجهات النظر بين الرياض وأنقرة، قال الدكتور عبدالعزيز بن صقر إن القطريين و الأتراك دائماً يصفون علاقاتهم أنها جرت باتفاق بين البلدين، ويرجح بن صقر أن التواجد التركي في قطر أسبابه داخلية أكثر من كونها خارجية أو إقليمية.

وأضاف أنه لا يوجد خصام مباشر بين أنقرة – الرياض إنما تعترض المملكة على أسلوب التدخل التركي في الشؤون العربية سواء في سوريا أو العراق بالرغم من التفهم السعودي للتدخل في هذين البلدين بصفتهما لهما حدود كبيرة مع تركيا.

وشدد بن صقر على أن التدخل التركي في الشؤون العربية أمر غير مقبول بالنسبة للمملكة، قائلا: إذا أرادت تركيا التقارب مع المملكة وتحسين علاقاتها معها، عليها تغيير أسلوبها الذي أتبعت فيه النهج الإيراني في المرحلة السابقة، بمعنى الابتعاد عن السياسة التركية التوسعية، واستخدام البعد الأيديولوجي الإسلامي الإخواني كوسيلة لبسط النفوذ والتوسع في علاقاتها، مشيراً إلى ضرورة التوزان في علاقات تركيا بالمملكة مشدداً بوجوب احترام أنقرة عدم التدخل في الشأن الداخلي.

منيف الحربي: زيارة تأتي ترسيخا ً للمصالحة الخليجية

وفي هذا الصدد، أكد منيف بن عماش الحربي، كاتب ومحلل سياسي، أن زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى السعودية، تأتي ترسيخاً للمصالحة الخليجية التي بدأت مطلع العام الجاري في قمة العلا، مشيراً إلى أنها ستعزز العمل الخليجي المشترك وبخاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية المهمة، مثل المبادرة السعودية للحل السياسي في اليمن، وعودة التفاوض مع إيران بشأن الاتفاق النووي.

إضافة إلى بداية الحوار بين الرياض وطهران، وأهمية عودة الأمن والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط، وتحصين الأمن القومي العربي، إلى جانب تعزيز المشاركة في المشروع السعودي الذي طرحه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام بجعل منطقة الشرق الأوسط أوروبا جديدة.

وشدد منيف الحربي على أن ثبات موقف السعودية تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية إضافة إلى قيادتها للعالم الإسلامي وما تتمتع به من ثقل عربي – إقليمي، جعل الأطراف المناهضة تعود لحث الخطى نحو المصالحة معها، لإدراكها أن الرياض لا تغلق الأبواب وتتفهم عندما تعاني بعض الأطراف الإقليمية من ضبابية في الرؤية وتوّهم القدرة على تجاوز مكانة المملكة في المشهدين الإقليمي والدولي.

وأضاف رأينا عودة قطر للمصالحة مع المملكة وبذات المسار تسير طهران وأنقرة وكذلك دمشق، مما يشير إلى وجود حالة "يقين" لدى الدول الإقليمية والقوى الدولية أن الرياض ركيزة أساسية في محاربة الإرهاب والتطرف، فهي من أنشأت محور الاعتدال في المنطقة.

وزاد الحربي إن قدرة المملكة الاقتصادية الأكبر في تنمية المنطقة جعلها تقود المشهد العالمي عبر رئاستها لقمة مجموعة العشرين في مرحلة من أصعب مراحل الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية بفعل تداعيات الجائحة، كما أنها نجحت مع مجموعة العشرين في تخفيف تأثيرات أزمة كورونا على الاقتصاد العالمي.

سعد الحامد: زيارة تساهم في ترتيب البيت الخليجي

من جانبه قال سعد الحامد، كاتب ومحلل سياسي، إن زيارة الشيخ تميم بن حمد ال ثاني أمير دولة قطر للمملكة، تأتي في ظل المساعي الحثيثة المبذولة من قبل الرياض في إعادة ترتيب البيت الخليجي، وفتح آفاق التعاون المشترك وتعزيز العلاقات الثنائية المتبادلة واستكمال متطلبات قمة العلا التي تمت عبرها المصالحة الخليجية لتجسد روح التعاون بين دول المجلس.

وأضاف أن الزيارة تزيد التقارب السعودي - القطري بما يسهم في تهدئة الأوضاع في المنطقة، وتقوية العلاقات الثنائية لإيجاد تكامل سياسي-اقتصادي يعود بالنفع على قضايا المنطقة العالقة، مثل الملف الإيراني واليمني والملف اللبناني.

وأكد الحامد أن الزيارة القطرية الثانية تأتي للتشاور حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بما يسهم في استقرار منطقة الخليج لا سيما تزامنها مع مستجدات المحادثات الدولية بشأن الملف النووي الإيراني، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والوضع اليمني، وتطورات الوضع في عملية السلام الأفغانية.

وفي السياق ذاته أوضح أن تزامن زيارة وزير خارجية تركيا في الوقت الذي يزور فيه أمير قطر الرياض، ربما يمهد الطريق لإيجاد تغيرات في سياسة المواقف التركية تجاه المنطقة في ظل عدم ثبات مواقف الدول الكبرى حيال العديد من القضايا الراهنة.

وبيّن الحامد أن الحراك الدبلوماسي الذي شهدته المملكة لقادة ومسؤولي عدة دول أخيراً، يعطي دلالة واضحة على حرص الرياض بصفتها عمق استراتيجي للأمتين العربية والاسلامية في فتح أطر للتعاون البناء مع العديد من الدول مشيراً إلى أن المملكة كانت دائم سباقه لاحتواء الازمات والخلافات.

يذكر أن منطقة الخليج شهدت جولات دبلوماسية متسارعة في الوقت الذي يحتدم النفاش النووي على طاولة المفاوضات في فيينا ويربط مراقبون المباحثات النشطة التي تجريها عواصم المنطقة مع المفاوضات التي وصلت إلى أشواط متقدمة.